يعدُّ لاعب كرة القدم السابق "كربيس توماسيان" واحداً من أمهر لاعبي ناديه "السوري" سابقاً و"اليرموك" حالياً، برز خلال فترة الستينيات والسبعينيات، وعدّ من أفضل المهاجمين الذين أنجبتهم ملاعب كرة القدم في مدينة "حلب"، حتى أطلقت عليه الجماهير لقب "كرويف" "سورية"، نظراً لما كان يتميز به من سرعة ومراوغة وتجاوز المدافعين، وتلك الصفات سهلت من مهامه في تسجيل أجمل وأهم الأهداف لفريقه ومنتخب "حلب" الذي لعب له ومثّله كلاعب أساسي لفترات طويلة قاربت العشر سنوات.

نجومية مبكرة

موقع مدونة وطن "eSyria" زار نجم الكرة السابق المهندس "توماسيان" في منزله بحي "السريان"، حيث استعرض شريط ذكرياته في ملاعب الكرة منذ كان طالباً في فريق مدرسته وصولاً لدعوته أكثر من مرة لتمثيل المنتخب السوري.

كابتن "كربيس" هو ابن نادينا وكان مدربي تعلمت منه الكثير من أساسيات وفنون لعبة كرة القدم، لم يبخل علينا بشيء، أعطى للنادي زهرة شبابه من دون مقابل

يقول "توماسيان": «ولدت في حي "الميدان" الشعبي في عام 1951 لأب كان موظفاً في بلدية "حلب"، ولم يكن متعلقاً بحب كرة القدم كثيراً على عكس والدتي التي كانت تشجعني وتشتري لي الكرات.. في المرحلة الإعدادية كان شأني شأن بقية زملاء حارتي ومدرستي "دار السلام"، نستغل كل فرصة بين الدروس للعب كرة القدم، ورويداً رويداً ازداد حبي وتعلقي بلعب الكرة في الثانوية "السورية" مع زملائي "جانو" و"فاهي" و"فارودج" و"فاجة" و"أكوب"، وبهذه المجموعة الصعبة لم يكن يستطيع أي فريق مدرسي الفوز علينا، وأحرزنا بطولة ثانويات "حلب"، تحت قيادة مدربنا الراحل "محمد وهبي" ومن بعده "أبراهام كشيشيان"، وبذات الأسماء السابقة، وفي عام 1964، انتسبنا دفعة واحدة للنادي "السوري" في "حي العزيزية"، ولعبنا في دوري الناشئين تحت قيادة المدرب "أرتين كعكجيان الملقب بـ"أبو عسكر"، نظراً لصرامته وشدته، وتابعنا المشوار بفريق الشباب مع المدرب "انترانيك سلوكجيان"، وشاركنا بالدوري عدة مواسم وحققنا نتائج ملفتة وقتها في جميع المحافظات التي لعبنا فيها، واستمرت مسيرتنا معاً بالانضمام لفريق الرجال موسم 1969 مع جيل من النجوم الكبار أمثال "كوكو كلجيان" و"انترنيك ماليان" و"سيروب" و"سمير فقس" و"هراير" و"يعقوب سعيد" و"فاهي بغجيان" و"جورج نصري"، وكان فريقنا يعدُّ من أميز الفرق السورية على الإطلاق، ومن الصعب أن يهزمه أي فريق محلي على أرضه.. ومن يحقق التعادل معنا كان يعدّه نصراً له، وحققنا في ذاك الموسم نتائج مبهرة، وسافرنا إلى "بيروت" ولعبنا مباراة ودية مع فريق "المزرعة" وعادلناهم في ملعبهم من دون أهداف، وخسرنا بشق الأنفس مع جارنا "الأهلي"، الذي كان يضم ستة لاعبين من المنتخب الوطني بهدف دون مقابل على أرض "الملعب البلدي" بعد مباراة ندية حرمتنا العارضة من تسجيل هدف التعديل، ولعبنا مع فريق "دمشق الأهلي" وسجلت هدف الفوز، وكذلك سجلت في مباراة ودية أقيمت بـ"الملعب البلدي" في "دمشق" هدف التعادل على فريق "الجيش"، حيث كان يتوقع أن يثخن مرمانا بأهداف عديدة لكنه وجد صعوبة حتى نال التعادل، وفي اليوم التالي صدرت صحيفة "الموقف الرياضي" بعنوان رئيسي (برافو لفريق "السوري" المجتهد وهاردلك لفريق "الجيش")، وتعادلنا مع فريق "الأمن" بهدف لهدف، وفزنا على فريق "الهومنتمن" اللبناني بهدفين دون رد، وبنهاية الموسم كان في رصيدي خمسة أهداف وحللنا بالمركز الرابع».

"كربيس توماسيان" كابتن ناديه فريق "السوري"

أفضل لاعب حلبي

في الملاعب مع منتخب"حلب" وضد فريق "توتنهام الانكليزي"

ويتابع الكابتن "كربيس" شرح ذكرياته عن الأيام الجميلة في ملاعب كرة القدم، وقيادة فريقه بتحقيق نتائج قوية وتصدره موسم 1972 في رحلة الذهاب وتراجعه قليلاً بالإياب مع نيله لقب أفضل لاعب محلي في مدينة "حلب" موسم 1973.

ويضيف: "من المفارقات التي لا تنسى في مخيلتي فوزنا على جارنا "الأهلي" بخمسة أهداف دون مقابل بقيادة مدربنا "جورجيك" ومساعده "كوكو"، وبعد عدة أيام خسرنا بهدفين دون رد، وتلك كانت حلاوة كرة القدم والندية والإثارة الجماهيرية الدائمة بين فريقنا وجارنا "الأهلي" الفريق القوي وبطل الدوري، وكذلك كانت أغلب لقاءاتنا مع جارنا الآخر فريق "العربي" سابقاً "الحرية" حالياً، تنتهي لمصلحتنا رغم ضمه نجوماً، ونال فريقنا بطولة دورة ودية أقيمت بـ"حلب" بمشاركة "الاتحاد" والحرية" وفريق بلغاري".

مع الحكم الدولي السابق" العميد فاروق بوظو"

الطريق للمنتخب

ولأن اللعب للمنتخب الحلبي حينها، كان يتطلب وجود لاعبين أكفاء ومميزين نظراً لكثرة النجوم وقتها يقول: «اختارني المدرب الراحل "زكي ناطور" وطلب مني الالتزام بتدريبات المنتخب الحلبي، حيث نلنا بطولة المحافظات، وسافرنا "للأردن" ولعبنا هناك مباراة ودية مع منتخب "عمان" وفزنا عليهم بهدفين وكان من نصيبي الهدف الأول، وكان منتخب "حلب" يضم نجوماً أمثال" فاتح ذكي" و"محمود سلطان" و"فؤاد عارف" و"محمد نسريني" و"وليد أشقر" و"محمد ختام" و"عبد الرحمن كاتبة" و"ياسين طراب" و"أحمد قدور" والراحل "عبد الفتاح حوا" و"عمر سواس" وغيرهم كثر، وأغلب هؤلاء اللاعبين مثلوا المنتخب الأول».

ويؤكد الكابتن "كربيس" أنه تمت دعوته للالتحاق بصفوف المنتخب الوطني أكثر من مرة مع زميله اللاعب الدكتور "جانو بهبجيان" وخضوعهم لتمارين المنتخب وإعجاب المدرب الراحل "فارس سلطجي" بمستواهم، لكن ظروفهم الدراسية الخاصة آنذاك والامتحانات كانت تقف عائقاً أمام استمرارهم ما كان يجعلهم يعتذرون عن المتابعة.

الاعتزال

ويختم الكابتن "كربيس" حديثه للمدونة بأن نهاية المطاف ووداع ملاعب الكرة نهائياً كان في نهاية موسم 1981 بعد لعبه ما يقارب المئة وخمسين مباراة، وتسجيله أكثر من مئة هدف، اعتزل الكرة مودعاً جماهيرها التي أحبته وأحبها كثيراً وهو في القمة، اعتزل وفريقه كان في مصافي دوري الأقوياء او كما يسمى وقتها فرق الدرجة الأولى، ليتفرغ لعمله الخاص كمهندس مدني، ومن ثم التحق بمهام إدارية وتدريبية لفريقه الأول، ومن بعدها تسلم رئاسة ناديه لمدة خمس سنوات، وبسبب الهجرة المستمرة للاعبين وضعف الاستثمارات وقلة الموارد المالية، تراجعت ألعاب النادي كثيراً عن سابق عهدها في ألعاب عدة على أمل العودة والبناء من جديد وفق طرق رياضية وعلمية صحيحة تعيد للنادي أمجاده الرياضية الغابرة.

شهادات رياضية

الحكم الدولي السابق العميد "فاروق بوظو" من "دمشق" يقول :«حكّمت في الملعب البلدي في "حلب" مباريات كثيرة لفرقها التي أحبها وهي "الأهلي - العربي" وتحديداً لفريق "السوري" "اليرموك" حالياً، والذي كان يعد من أقوى الفرق السورية وقتها، ويضم خيرة لاعبي القطر والمنتخب، ومنهم اللاعب الهداف والخلوق "كربيس توماسيان"، وقد كان لاعباً مهارياً سريعاً يستطيع تجاوز المدافعين بمرونة وانسيابية لا مثيل لها، إضافة لامتلاكه موهبة التسجيل والتهديف، وتحليه بالروح والأخلاق الرياضية العالية وتقبله لكل قرارات الحكام، ما أسهم في تدوين اسمه بين كبار لاعبي "سورية"».

بدوره يقول زميله اللاعب الدولي السابق "أحمد قدور": «تقابلنا في الملعب كثيراً أنا والكابتن "كربيس"، كنت ألعب في صفوف فريق "الحرية وهو في "السوري".. هو مهاجم سريع وصاحب أهداف جميلة، وتاريخه الكروي ناصع، أحبته الجماهير الكروية لأخلاقه العالية».

اللاعب السابق بفريق "السوري "سيبوه مراديان" يقول: «كابتن "كربيس" هو ابن نادينا وكان مدربي تعلمت منه الكثير من أساسيات وفنون لعبة كرة القدم، لم يبخل علينا بشيء، أعطى للنادي زهرة شبابه من دون مقابل».

"حمدي قواف" متابع كروي قديم يقول: «كابتن "كربيس" هو من جيل الذهب الذي أحب الكرة وأخلص لها ولعب لأجل إسعاد الجماهير من دون مقابل، من دواعي سروري واعتزازي متابعته وهو يلعب بأسلوب ممتع وأنيق، هو لاعب خلوق ومحترم».

تم إجراء اللقاء والتصوير بتاريخ التاسع من شهر حزيران لعام 2022 في منزل الكابتن "كربيس توماسيان" بـ"حي السريان".