تتهيأ النساء الريفيات هذه الأيام وبعد أن بات البساط الأخضر يغطي وجه الأرض للتوجه نحو "البريّة" بهدف "التسليق"، الذي أصبح يعدُّ عندهنّ مصدر رزق سنوي خاصة بعد أن بات لهذه الحشائش سوقها وزبائنها، عدا عن ذلك فهي فرصة لهنّ للاستجمام بين أحضان الطبيعة، والأهم توفير مادة غذائية لأسرهنّ وذلك في ظل الارتفاع الكبير لأسعار الخضر المشتراة من السوق.

مصدرُ رزقٍ

تقول "أم طلال مقلد" لمدوّنة وطن eSyria إنه مع إشراقة شمس كل صباح ولا سيّما في مثل هذا الوقت من السنة، تخرج من بيتها قاصدة "البراري" والحقول والبساتين المحيقة بقريتها "رامي"، وذلك بقصد "التسليق" حاملة معها كيساً متوسط الحجم، وآلة حادة لزوم قلع النباتات، لتبدأ بجمع ما تنتجه الأرض من أنواع متعددة من النباتات الطبيعية، التي تحفظها وتعرف أماكن وجودها مثل "الدردار- الخبيزة- المشة- الهندباء- الكزبرة- الزعتر البري- القريص"، ولتكمل أم طلال مشوارها في اليوم التالي لتجمع أكبر كمية من هذه النباتات، لتذهب فيما بعد إلى المدينة قاصدة أسواقها لتبيعها هناك.

تعود "أم طلال" بذاكرتها عشر سنوات لتقول إن موسم "التسليق" كان حينها بالنسبة للنساء الريفيات بقصد الترفيه عن النفس ضمن أحضان الطبيعة، والجلوس حول مستنقع ماء صنعته الأمطار مع رفيقات المشوار، أما الآن ونتيجة للظروف المعيشية الصعبة بات "التسليق" يحمل معه سببين، الأول لتأمين حاجة البيت من المواد الغذائية ولتكون هذه النباتات التي أنتجتها الطبيعة بديلاً عن الخضر المشتراة من الأسواق، أما الثاني فهو تحقيق إيراد مالي للأسرة وخاصة أنه بات لهذه النباتات زبائنها الذين ينتظرونها من موسم لآخر.

وللرجال نصيبٌ

اثناء عملية التسليق

موسم "التسليق" سابقاً لم يكن حكراً على النساء الريفيات، فقد كان للرجال حظ من هذا الموسم الشتوي، وحسب قول "عاطف الأوس" : "ما إن نودع مربعانية الشتاء، حتى تبدأ النباتات بالتحرك ما يدل على أن الدفء بات يدب في أوصال التربة، ولتعلن الأرض فتح ذراعيها أمام قاصديها.. رحلتنا إليها تبدأ مع إشراقة شمس كل يوم جمعة، إلى حيث وجود النباتات البرية، التي تنبت بين الصخور وضمن الأودية، وعادة يكون الذهاب إلى "التسليق" بشكل جماعي ليكون أشبه بالسيران".

ويضيف: "يقصد أبناء الريف هذه النباتات لكونها تشكل أكلات شعبية، توارثتها أجيالنا من جيل الأمهات والآباء، ومع مرور الزمن تحول "التسليق" إلى حاجة غذائية لا بدّ منها بالنسبة للأسر الريفية، لكونها تحقق وفراً جيداً إضافة لتحقيقه إيراداً مالياً من خلال قيام بعض الأسر ببيع ما تجمعه من نباتات بات لها زبائنها، وخاصة أن هذه النباتات طبيعية ونظيفة وخالية من الملوثات، والأهم أنها طبية وذات قيمة غذائية عالية".

عاطف الأوس