أبدعت الشابة "ألمار محفوض" في فن الرسم، وأدمنت الغوص في أدق التفاصيل، ولأنها تنجذب إلى الوجوه بمختلف حالاتها فقد احترفت فن "البورتريه" لدرجة يشعر فيها من يشاهد اللوحة أنها تكاد تنطق.

البدايات

اكتشف والدا ألمار موهبتها في الرسم منذ سن الـ4 سنوات، حينها رسمت طيراً محلّقاً في السماء وأبدعت في تصوير تفاصيله، فعملا على تنمية مهارات ابنتهما، وقد بدأت بتقليد رسم شخصيات الكرتون، من "تويتي والسنافر وأميرات ديزني" وغيرها من الشخصيات المحببة للأطفال.

في البداية كنت أتردد في قبول الطلبات، لكن مع الوقت توصلت إلى نتيجة أن قبولها والخوض في هذا المجال ساهم في تنمية موهبتي أكثر فأكثر، وخلق لي تحدياً من خلال وجوه يصعب رسمها، وفعلاً قبلت التحدي ورسمتها، وبغض النظر عن الجانب المادي، لكنني حقاً أستمتع عند رسم ما يطلب مني، خاصةً عندما ألاقي نتيجة الجهد بشكر عميق وكلمة حلوة من أصحابها

تبيّنُ "ألمار" أثناء حديثها لمدوّنة وطن أنها دائماً ما استمتعت بحصص الرسم، وقد كان لمعلمتها "مها أنطون" فضل الاهتمام بهذه الموهبة بعد ملاحظتها، فشاركت حينئذٍ بمسابقات رواد الطلائع، وكان أيضاً لمدرستها في الثانوية "نعمى سليمان" الفضل كذلك بعد ملاحظة هذه الموهبة الصاعدة، فعلمتها أصول التظليل والمنظور وعدة قواعد تخص فن الرسم.

من أعمالها فيروز وأم كلثوم

في عام 2013 رسمت الفنانة الشابة "سيلينا غوميز" وأبدعت في ذلك، وقد نالت اللوحة إعجاب من رآها، ومنذ ذلك الوقت بدأت تُبدع في فن "البورتريه"، ودعّمت موهبتها من خلال مشاهدة مقاطع "اليوتيوب" التعليمية، ولم تضطر إلى الاعتماد على أي دورات تدريبية في هذا المجال الفني.

عشق التفاصيل

تقول "ألمار": «لا أعلم بالضبط سبب انجذابي إلى رسم الوجوه، ربما لأنني فتاةٌ تحب الغوص في تفاصيل كل شيء، أو ربما لأنني أُحب التحدي، وهذا شكل من أشكال التحدي، فليس هناك أصعب من تصوير وجه الإنسان تماماً كما هو بكل تفاصيله وأدقّها، لكن هذا لا يعني أنني لا أحب أنماط الرسم الأخرى، كرسم الطبيعة والرسوم الهندسية و(الاسكتشات) البسيطة، أما بالنسبة لمواصفات الوجه التي تجذبني فهي جميع الوجوه بكل تفاصيلها، المهم بالنسبة لي وضوح الصورة ودقتها العالية، وإن رسمت شخصيات من المشاهير يهمني في الدرجة الأولى أن تكون صورهم بعيدة كل البعد عما يسمى فلاتر "سناب أو انستغرام"».

بوستر قيد مجهول ولوحة للراحلة ميادة بسيليس والموسيقار سمير كويفاتي

ترى "ألمار" أن فن البورتريه يمكن دراسته أكاديمياً، كذلك يمكن تنميته عن طريق التعلم الذاتي والتدريب، لكن من الضروري جداً تعلّم تصوير تقاسيم الوجه الصحيحة، وإتقان أساسيات الظل والنور، وكذلك معرفة الحركة الصحيحة للقلم وكيفية الإمساك به، خاصةً أثناء التظليل، وهذه أمور أساسية لمن يود تعلم فن "البورتريه"، كما أن الممارسة والتدريب المستمر سيكسبان صاحب الموهبة الخبرة الكافية.

تذليل الصعاب

فن "البورتريه" حاله كحال الفنون الأخرى، يحمل الكثير من الميزات التي تكسب محترفه مكانةً مرموقة في المجتمع، لكنه أيضاً يعاني من صعوبات ومعوقات يتمثل أبرزها بحسب "ألمار" في ضعف المادة، حيث لا تتوافر الأدوات التي قد تمكّن الفنان من تحقيق ما يرجوه فعلاً، فمثلاً على الرغم من توافر ألوان Prisma في عدد قليل من مكتبات منطقة "الحلبوني" في "دمشق"، إلّا أنها تُباع بالمفرق أي (بالقلم) لا كمجموعة كاملة، والمعروف عن هذه الألوان أنها تُكسب اللوحة واقعيةً في حال استخدمت استخداماً صحيحاً، لكن توافرها في "سورية" محدود جداً، وإلى جانب هذا ترى أن هناك صعوبات متعددة قد تواجه الفنان في هذا المجال لكن بالنسبة لها تحاول جاهدةً تذليل كل ما يعترض طريق نجاحها.

وقع خاص

شاركت "ألمار" عام 2019 في مسابقة أقيمت في مكتبة "الأسد" بـ"دمشق"، وهي لوحة للسيدة "أسماء الأسد"، وحصلت اللوحة على المركز الثاني، حيث طلب وزير التربية السابق "عماد العزب" تقديم اللوحة هديةً للسيدة "أسماء".

وعن أبرز اللوحات التي تركت وقعاً في نفسها قالت: «في لوحةٍ لـ"سلفادور دالي" أبدعت لأول مرة في التظليل، وإعطاء النظرة الصحيحة له، كذلك في "بوستر" مسلسل "قيد مجهول" رسمت الفنانين "عبد المنعم عمايري" و"باسل خياط"، وقد لاقت اللوحة وقعاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، وحصلت على شكر من الفنان "عمايري" والمخرج "السدير مسعود" لما حققه "البوستر" من نجاح.

وبطلب خاص من كورال "حلم وحنين" برسم لوحة على نمط "بوستر" مسلسل "قيد مجهول" للفنانة الراحلة "ميادة بسيليس" والموسيقار المبدع "سمير كويفاتي"، قدمت اللوحة خلال حفلة أقيمت منذ فترة ليست ببعيدة، وتقدّم لي "كويفاتي" برسالة شكر أيضاً، وهناك الكثير من اللوحات التي رسمتها ولاقت إعجاباً شديداً من قبل أصحابها، منها لوحات للفنانين "مروان خوري" و"عبير نعمة" وهبة طوجي" و"صفاء سلطان" و"أحمد الأحمد" وغيرهم"».

قبول التحدي

تستخدم "ألمار" صفحة الفيسبوك الخاصة لعرض ما ترسمه من لوحات، ومن خلالها تتلقى طلبات رسم "البورتريه"، عن هذا الجانب قالت: «في البداية كنت أتردد في قبول الطلبات، لكن مع الوقت توصلت إلى نتيجة أن قبولها والخوض في هذا المجال ساهم في تنمية موهبتي أكثر فأكثر، وخلق لي تحدياً من خلال وجوه يصعب رسمها، وفعلاً قبلت التحدي ورسمتها، وبغض النظر عن الجانب المادي، لكنني حقاً أستمتع عند رسم ما يطلب مني، خاصةً عندما ألاقي نتيجة الجهد بشكر عميق وكلمة حلوة من أصحابها».

لوحة حملت الدهشة

رسمت الفنانة الشابة البعض من وجوه أصدقائها، وأبدعت في التفاصيل، ومنهم "بتول عطية" التي وصفت "ألمار" بـ(البنت الذكية) وصاحبة الطموح، تحمل في شخصيتها الكثير من المرونة، وتضفي على من يتعامل معها مزيداً من الارتياح، وتضيف: «كفنانة ميزها اهتمامها بدقة التفاصيل لدرجة أنه يمكن لمن يشاهد اللوحة أن يعتقد بأنها ستتكلم حتماً، كذلك اختيارها للموضوعات التي ترسمها، وهي تحمل عنصري التجديد والمفاجأة، وقد أدهشتني في يوم مولدي برسم لوحة لي، ودائماً ما تمنيت ذلك، فقد تميزت اللوحة بدقة التفاصيل التي ربما لم ينتبه لها المقربون جداً مني، وقد شكلت اللوحة عنصر إبهار لمعظم من شاهدها».

الفنانة الشابة "ألمار محفوض" من مواليد "دمشق" 1999، تقيم في "طرطوس" وهي طالبة في كلية الطب البشري، التقتها مدوّنة وطن بتاريخ 15 شباط 2022.