اختارت جمعية "خطوة" لتركيب الأطراف الصناعية أن تقدم يد العون للمصابين جسدياً وأن تساعدهم في وضع قدمهم على طريق الأمل تحت شعار جمعية "خطوة" لكل السوريين، فقدمت خلال مسيرة عملها خدماتٍ جليلةً للكثير من مصابي الحرب، ولا يزال العمل متواصلاً رغم أن الاحتياجَ كبيرٌ.

هكذا بدأنا

مدونة وطن زارت مقر الجمعية والتقت "محمود الخالد" المدير الإداري في جمعية "خطوة" الذي يقول: «تأسست الجمعية بقرار من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم 1312 بتاريخ 21 /8/ 2014 من قبل مجموعة من الأشخاص المهتمين بالجانب الإنساني المؤمنين بدعم ذوي الإعاقة وعلى رأسهم د. "ريمون هلال" رئيس مجلس إدارة الجمعية، الذي تعرض لحادثة أدت لوفاة زوجته وبتر قدم ابنه بسبب قذيفة، ومن هنا جاءت فكرة استحداث جمعية تعنى بالأشخاص مبتوري الأطراف وأسسها مع مجموعة من الأصدقاء».

لدينا شراكة مهمة مع سفارة جمهورية "التشيك" في "سورية"، وتم تنسيق عمل جبار وتزويدنا بالمعمل الثاني لتصنيع الأطراف الصناعية ومن أهم الماركات العالمية، انتقل لمحافظة "درعا" مع افتتاح المركز هناك، وتوسع عمل الجمعية لتغطية أكبر عدد من المستفيدين

عمقُ الرؤية

تعنى الجمعية بعدة أهداف منها تركيب الأطراف الصناعية للأشخاص المصابين جسدياً ويقول "الخالد": «شعار خطوة (لكل السوريين)، نقوم بتركيب طرف صناعي لأي شخص مدني جريح، وتقدم الجمعية خدمات العلاج الفيزيائي والصحة النفسية، ودعم وتمكين المرأة والشباب من ذوي الإعاقة، وقد توسع العمل خلال السنوات الماضية ليشمل بعض الجوانب الثقافية، وتم إدخال بند التعليم الذي يتعلق بالأطفال وتوعيتهم من خطر الألغام من خلال مذكرة تفاهم مع وزارة التربية، وهو مشروع توعوي تم تنفيذه عام 2021 استهدف محافظات "ريف دمشق" و"القنيطرة" على مساحة جغرافية واسعة».

من المستفيدين

وعن عدد المستفيدين يقول "الخالد": «استطعنا الوصول حتى اليوم لعدد كبير من الأشخاص، تم تركيب ما يزيد على "1035" طرفاً صناعياً بين عام 2020 لنهاية عام 2021 من جميع المحافظات، فلدينا مراكز جديدة أو فرعان للجمعية في محافظتي "درعا" و"طرطوس"، وفي محافظة "درعا" استطعنا تقديم خدماتنا منذ بداية الافتتاح وتركيب مئتي طرف صناعي ولكن ما زال الاحتياج كبيراً جداً إذ يتجاوز عدد الحالات المنتظرة الألف حالة بسبب تداعيات الحرب».

آليةُ العملِ

فيما يتعلق بآلية الاستفادة من عمل الجمعية يقول "الخالد": «بإمكان أي شخص التواصل معنا عن طريق الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي أو زيارة مقر الجمعية في منطقة "نوري باشا"، ويتم تحديد موعد له لأخذ القياسات وتحدد التفاصيل أو المواد التي يحتاجها ثم يتم تركيب الطرف ولا يحتاج لتقديم تقارير طبية لأن الحالة واضحة».

"محمود الخالد" المدير الإداري في الجمعية

حول إنشاء مركز تصنيع أطراف صناعية يقول: «بدأ عملنا من خلال ورشة تصنيع عام 2014 واستمرت حتى عام 2018، حيث بدأنا بالتعاون مع جمهورية "الصين" الشعبية، وتم تأسيس مشروع مهم جداً على مستوى "سورية" وهو تزويدنا بـ "آلات متطورة" لتصنيع الأطراف الصناعية، واليوم هناك معملان لتصنيع الأطراف الصناعية، وهما من أهم المعامل الموجودة في "سورية" و"الشرق الأوسط"، بالإضافة إلى مشروع تركيب الأطراف الصناعية الذكية "المتحركة" للأطفال من عمر ستة أعوام إلى ثمانية عشر عاماً وتجاوز عدد الأطراف التي تم تركيبها مئة وخمسين طرفاً صناعياً ذكياً».

ويتابع: «لدينا شراكة مهمة مع سفارة جمهورية "التشيك" في "سورية"، وتم تنسيق عمل جبار وتزويدنا بالمعمل الثاني لتصنيع الأطراف الصناعية ومن أهم الماركات العالمية، انتقل لمحافظة "درعا" مع افتتاح المركز هناك، وتوسع عمل الجمعية لتغطية أكبر عدد من المستفيدين».

"خالد زينون" المختص والمدير التقني

مشاريعُ واسعة

يحدثنا "الخالد" عن نشاطات الجمعية على الأرض بقوله: «بالإضافة إلى مراكز الجمعية في "دمشق" ، "درعا"، و"طرطوس" هناك فرق "خطوة" الجوالة في "ريف دمشق" و"القنيطرة" تعمل على مشروعي "مساعدة الضحايا" و"مخاطر التعليم" من خلال فريق "خطوة"، وهو مجموعة من الشباب والشابات الذين يقدمون خدمات توعوية للأشخاص من مخاطر الألغام بالتعاون والتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة لخدمات الألغام "UNMAS"، حيث تم توقيع مشروعين معها، الأول توعوي يقدم خدمات توعية لأشكال ومخاطر الألغام واستهدف محافظتي "ريف دمشق" و"القنيطرة" وبلغ عدد المستفيدين منه عشرين ألفاً وأربعمئة واثنين وثمانين مستفيداً، ووزعنا من خلاله ستة آلاف حقيبة مدرسية كاملة القرطاسية في هذه المناطق، ومن خلاله وصلنا إلى حالات عديدة تعاني من بتر أحد الأطراف، أو بحاجة لعمليات جراحية أو صور شعاعية، واستطعنا مع المنظمة نفسها تنفيذ مشروع "مساعدة الضحايا" الذي يقدم خدمات (العلاج الفيزيائي والصحة النفسية والمعينات الحركية بشكل كامل كالكراسي المتحركة، العكازات، الووكرات، كراسي الحمام، سماعات الأذن) بالإضافة إلى إجراء (العمليات الجراحية، صور المرنان، والطبقي المحوري، الأشعة) وجميعها تقدم بشكل مجاني بالإضافة إلى الجلسات التعليمية وجلسات الدمج المجتمعي».

تنسيقٌ

لدى الجمعية عدة مشاريع مع شركاء فاعلين وحول ذلك يقول "الخالد": «بالإضافة إلى منظمة الأمم المتحدة والتعاون مع جمهورية "الصين" الشعبية، قدمت منظمة الصحة العالمية الدعم لنا بمشروع معها، وتم تركيب ستة وستين طرفاً صناعياً بمساعدتهم، وجلسات العلاج الفيزيائي والصحة النفسية وتدريبات التأهيل المهني، والشراكة مع برنامج "الأمم المتحدة الإنمائي" "UNDP"، وهم شركاؤنا الاستراتيجيون في محافظتي "دمشق" و"درعا"، وتم تركيب ما يزيد على مئة وخمسين طرفاً صناعياً، ونتجه للتوسع بالعمل أكثر مع المنظمات لأنه رغم كل هذه الشراكات لا يزال هناك احتياج كبير ونسعى في خطة عام 2022 إلى التوسع نحو الشرق "دير الزور" و"حماة"».

قصصُ نجاحٍ

تمويل الجمعية ينقسم إلى قسمين بحسب "الخالد" : «بداية عمل الجمعية كانت عن طريق التبرعات ومنذ عام 2018 أصبحت هناك شراكات مهمة وبدأ التمويل من منظمة "الأمم المتحدة" بالإضافة لجمهوريتي "الصين" و"التشيك"، حيث نستهدف من خلال عملنا خمس محافظات هي "دمشق"، "ريف دمشق"، "القنيطرة"، "درعا"، "طرطوس"، بالإضافة إلى أن المستفيدين من جميع المحافظات، وهناك تنسيق كبير مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومديرياتها التي تحول لنا الحالات ونتواصل معها بشكل مباشر، وهناك تواصل مع وزارة الصحة وجمعيات محلية ضمن نظام الإحالة».

ويتابع بقوله: «ضمن مشروع "مساعدة الضحايا" ولعلاج الإصابات التي يمكن أن يسببها التعرض للألغام يتم التعاون مع أطباء لتغطية هذه الأضرار مثل اختصاصات عينية، عظمية، جلدية لعلاج النتيجة الناجمة عن انفجار القذيفة أو اللغم، ويذكر لنا قصة نجاح وهي تركيب طرفين صناعيين علويين وإجراء عمل جراحي بتركيب عين زجاجية لطفلة من "درعا" لتتمكن من العودة للمدرسة ولحياتها الطبيعية».

ولأن الاحتياج كبير والقيمة المالية للطرف الصناعي مرتفعة تطمح الجمعية لتوسيع شراكاتها وحول ذلك يقول: «نتجاوز صعوبة ارتفاع تكلفة الطرف الصناعي من خلال التصنيع المحلي، ورغم ذلك التكلفة مرتفعة بسبب صعوبة تأمين المواد واستيرادها بالقطع الأجنبي، ويتم تصنيع الأطراف الصناعية محلياً بخبرات سورية بامتياز، ويتم تقييم الحالة بشكل دائم منذ وصولها حتى تركيب الطرف الصناعي، وهناك عملية متابعة تأتي بعد تركيب الطرف حيث يتم التواصل معها كل خمسة عشر يوماً من قبل مسؤولي المراقبة والتقييم».

يبين "الخالد" أن الجمعية حصلت على عدة تكريمات مهمة أولها لقاء وتكريم السيدة "أسماء الأسد" لعمل الجمعية الذي تم عام 2020 وتكريم من قبل "محمد سيف الدين" وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، بمبادرة كريمة لاهتمامه بالجمعيات العاملة التي تقدم خدمات واضحة وملموسة، وتكريم آخر من وزارة الصحة وتكريمات أخرى من السفارات ومنها جمهورية "الصين" الشعبية، "التشيك"، ودرع تكريمي من "الهند" بالإضافة إلى تكريم من الهلال الأحمر السوري والهلال الأحمر الصيني لأن الجمعية هي الوحيدة التي تعمل في مجال تركيب الأطراف الصناعية في "سورية"».

فريقُ عملٍ متكاملٍ

للتعرف أكثر على تكاملية العمل يحدثنا المختص "خالد زينون" المدير التقني في الجمعية والمسؤول عن قسم تصنيع الأطراف الصناعية بقوله: «تأسست الجمعية بهدف تصنيع الأطراف الصناعية لجميع السوريين المصابين من الحرب، تحت شعار "من أنت هذا لا يعنيني.. أنت تتألم هذا يكفي"، هذا الشعار الأساسي لتقديم الخدمات للمرضى بجودة واحترافية ومهنية ضمن فريق عمل متكامل من فنيين، مهندسين، مختصين، وأطباء نفسيين أو عظمية متابعين لعملنا، يتم استقبال المريض وفق موعد مسبق ويتم العلاج فيزيائياً وتقييم حالته من ناحية مستوى البتر ونوع الطرف المطلوب وبعد متابعة المعطيات العلمية والتقنية للطرف الصناعي يتم أخذ القياس بعدة طرق بحيث يكون ذا جودة عالية».

ويكمل بقوله: «اتبعنا دورة في "الصين" لمدة شهر تقريباً، واطلعنا على المصانع، وهي ذات جودة عالية بحيث يكون الطرف المصنع بجودة أوروبية، والصعوبات التي تواجهنا هي انتهاء التمويل المقدم من المنظمات الدولية خلال فترة زمنية محددة دون تغطية كامل الاحتياجات، وحالياً نقوم بإعداد دراسة لتقديمها لممولين فهناك "1850" حالة مسجلة في مركز محافظة "درعا" المجهز بأحدث الآلات، بحاجة لتركيب أطراف صناعية وهناك صعوبة في تأمين المواد الأولية التي تكون مستوردة في جزء منها من شركات أجنبية، وجزء آخر يتم تصنيعه محلياً من قبل مهندسين مختصين فنيين ونعتمد في عملنا على دعم المجتمع الأهلي، المنظمات الدولية، المتبرعين، القائمين على العمل الخيري من مسؤولين ورجال أعمال لتصل رسالتنا بطريقة صحيحة».

نشير إلى أنّ اللقاءات جرت بتاريخ 10 كانون الثاني 2022.