سطعت نجوميته ومهارته الرياضية بلعبة كرة السلة في ناديه الأم "الجلاء" وفي المنتخب الوطني، ثم خلال رحلة احترافه ببعض الفرق العربية.

"جاك باشاياني" لاعب دولي مميز، نال على مدار أكثر من عشرين عاماً الكثير من البطولات والألقاب المحلية والعربية والآسيوية، ما جعله محطّ أنظار خبراء وجماهير اللعبة التي دعمته وتفاعلت مع حضوره بأرض الصالة، بما كان يسجله من نقاط ورميات بعيدة، ليشهد له كل من عاصره بفترة الثمانينيات والتسعينيات بعلو كعبه كلاعب مميز بأخلاقه العالية ومستواه الفني.

رغم أنني حكم دولي لكرة القدم لكنني كنت متابعاً ومعجباً جداً بمسيرة وأداء النجم السلوي "جاك باشاياني"، وما كان يقدمه مع ناديه والمنتخب الوطني وصراحة كان يجذبني ويمتعني كلاعب حريف قادر على قلب نتيجة المباراة بأي لحظة

نجوميّةٌ واعدة

موقع "مدوّنة وطن" زار النجم السلوي والدولي السابق "جاك" في مكتبه بحي "العزيزية"، واستمع منه إلى حديثه الشائق عن بداياته وذكرياته الرياضية في صالات كرة السلة.

من مباريات الاتحاد والجلاء ويظهر بالصورة البوادقجي والباشاياني معاً

يقول "باشياني": «أنا من مواليد مدينة "حلب" 1957، وبالنسبة لممارستي لعبة كرة السلة فأنا لست غريباً عن أجوائها فوالدي "جان" كان لاعباً مهارياً مرموقاً ومن مؤسسي نادي "الشبيبة" سابقاً "الجلاء" حالياً، وعندما شاهد إصراري ومحبتي لممارسة اللعبة من خلال المدارس، قام بأخذي وتنسيبي للنادي، كان ذلك في عام 1964، ومباشرة تم ضمي لفرق الصغار ومن ثم الناشئين وبعدها لعبت للفريق الأول للرجال، بوجود عمالقة وأسماء كبيرة بالفريق لها باعها وحضورها أمثال "بيير مرجانة" و"عبود عبوش" و"جوزيف بابازيان" و"نعيم شبارخ" و"جاك عته" و"رزق الله زلعوم" و"نبيل كردي" وغيرهم، وكان مدربنا بتلك الحقبة "جورج ليون" معروفاً بشدته وصرامته مع اللاعبين، وبرقم قياسي حافظت المجموعة المذكورة على بطولة الدوري المحلي للنادي لمدة 22 عاماً ومن دون منازع».

ويضيف: «كان من الصعب وقتها وأنا لاعب صاعد حديثاً ومنضم لفريق الرجال أن أحجز لنفسي مركزاً كلاعب أساسي بالفريق، كنت أشعر بالرهبة والحماسة معاً عندما تتاح لي فرصة اللعب ولو لدقائق معدودة، وأقول في نفسي تلك هي الفرصة المناسبة لإظهار موهبتي وحبي وتعلقي باللعبة، ومن محاسن الصدف وفي عام 1976 وأنا ألعب في إحدى مباريات الدوري شاهدني رئيس اتحاد كرة السلة في وقتها العميد الراحل "حسن جدوع"، وطلب مني مباشرة الالتحاق بمعسكر المنتخب الوطني بـ"دمشق" رغم أن عمري لم يكن يتجاوز العشرين عاماً، استعداداً لبطولة الدورة العربية الخامسة التي استضافتها "دمشق" ونلنا في نهايتها البطولة بعد فوزنا على "السودان"، ونلت لقب أفضل لاعب، وأذكر من نجوم المنتخب في وقتها الدكتور "ممتاز ملص" الراحل "راتب الشيخ نجيب" و"بيير مرجانة" و"صقر سليم" و"زهير بوادقجي" و"أياد برمدا" و"رياض القحف"».

"جاك باشاياني" كابتن فريق الجلاء أيام البطولات

بطولات

"جاك" في عداد صفوف المنتخب الوطني لكرة السلة

ويتابع الكابتن "باشياني" حديثه للمدوّنة بالقول: «كانت البطولة العربية نقطة انطلاقتي الحقيقية في صالات كرة السلة، سواء في نادي "الجلاء" أو في المنتخب الوطني، وبعد رحيل واعتزال عدد كبير من نجوم اللعبة حينها، أصبحت الفرصة متاحة لي كلاعب أساسي ونلت معه ثلاث بطولات متتالية للدوري وبطولة كأس الجمهورية لمرة واحدة، قبل أن يحكم النادي الجار "الاتحاد" قبضته على البطولة في عام 1979 وينتزعها من نادينا».

وبالمسار ذاته توسعت مشاركاته بالمنتخبات الوطنية للرجال والشباب وبطولات العالم العسكرية والبطولات المدرسية، والبطولة الأهم كانت حسب رأي الكابتن "جاك" نيل ناديه بطولة الأندية العربية التي أقيمت في "حلب" بعد الفوز على فريق "الأرثوّذكسي الأردني" بنهاية مباريات التجمع التي أقيمت على ملعب نادي "اليرموك"، وكذلك مشاركة نادي "الجلاء" ببطولة الأندية الأوروبية، حيث كان مسموحاً وقتها للفرق السورية المشاركة ضمن البطولات الأوروبية، ونال مع المنتخب الوطني للشباب بطولة العرب التي أقيمت في "السعودية" في عام (تسع وسبعين).

والمشاركة الأهم كانت في بطولة دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي استضافتها "سورية" في عام (سبع وثمانين) ونال فيها المنتخب "السوري" المركز الرابع بعد منافسة قوية من فرق عريقة مثل "اسبانيا" و"تركيا" و"اليونان"، وكذلك انضمامه لمنتخب العرب في مباراة كرنفالية أقيمت بدولة "الإمارات" في عام (خمس وثمانين).

احترافٌ واعتزال

بعد تفوقه واكتسابه الخبرة في ميدان كرة السلة كلاعب خبير تهافتت عليه الفرق العربية للعب معها، وعن ذلك يقول الكابتن "باشياني": «بداية احترافي واللعب خارج أسوار النادي كانت مع فريق "الأنترانيك" اللبناني، حيث كنت مدرباً ولاعباً بالوقت ذاته واحترفت لمدة موسمين بنادي "الشارقة" و"العين" الإماراتيين، لمدة ست سنوات متقطعة، وبعد توقفي عن اللعب في عام (واحد وتسعين)، اتبعت عدة دورات تدريبية متقدمة، وتم تكليفي بتدريب نادي "الجلاء" لفترة محدودة، وأيضاً تدريب "منتخب شباب "سورية" المدرسي، وكذلك شاركت بتدريب منتخب الرجال مع المدرب المصري "شريف عزمي" في عام 2006، ثم توليت رئاسة نادي "الجلاء"، ومن المهام التي كلفت بها حالياً نائب رئيس اتحاد كرة السلة مع الكابتن "طريف قوطرش"، وعضو باتحاد غرب "آسيا" ورئيس اللجنة الفنية للعبة بمدينة "حلب" ومحلل أداء للمباريات على القنوات السورية».

ويصف الكابتن "جاك" رحلته في ميدان وصالات كرة السلة بالأيام الجميلة التي لا تنسى، مع احتفاظه بالعلاقة الحميمة مع أغلب لاعبي وحكام ومدربي الأندية السورية دون استثناء، إضافة للدعم الذي كان يلقاه من جماهير ناديه الأم "الجلاء" و"الاتحاد"، وخاصة باللقاءات الندية والجماهيرية التي كانت تجمع الفريقين بسهرات سلوية قوية ومثيرة، ويختم حديثه بالقول: أنا مدين للعبة كرة السلة التي أعطتني الشهرة ومحبة الناس والجمهور وهذا هو الأهم بحياتي.

شهاداتٌ رياضيّة

اللاعب الدولي السابق وزميله "زهير بوادقجي" يقول من مكان إقامته في "التشيك" : «كنا أنا والكابتن "جاك" في حالة تنافسية رياضية وحماسية دائمة في أرض الصالة، أنا كنت لاعباً بنادي "الاتحاد" وهو يلعب "للجلاء"، وبعد انتهاء أي مباراة بيننا نعود أخوة وأصدقاء ونضع المباراة ونتيجتها خلف ظهورنا، لعبنا معاً للمنتخب الوطني لفترة عشر سنوات، واحترفنا معاً في دولة "الإمارات"، "جاك" لاعب فنان وهداف من طراز الكبار ويندر تكراره ووجود أمثاله في الملاعب، يتمتع بأخلاق عالية ومهما قلت وتحدثت عنه لن أعطيه حقه، نجوميته وبراعته ومهارته في اللعبة فوق العادة ويشهد له الجميع».

رئيس نادي الحرية "نزار وتى" يقول:«رغم أنني حكم دولي لكرة القدم لكنني كنت متابعاً ومعجباً جداً بمسيرة وأداء النجم السلوي "جاك باشاياني"، وما كان يقدمه مع ناديه والمنتخب الوطني وصراحة كان يجذبني ويمتعني كلاعب حريف قادر على قلب نتيجة المباراة بأي لحظة».

ويقول "حمدي قواف" مهتم بكرة السلة: «قلما أنجبت ملاعب كرة السلة السورية لاعباً من وزن الكابتن "جاك" لعب للمنتخبات الوطنية وناديه وهو صغيرٌ، وأحرز عدة بطولات وألقاب جماعية وفردية مهمة، متواضع وصاحب أخلاق في الملاعب ومحبوب من كل جماهير الرياضة السورية دون استثناء».

تم إجراء اللقاء والتصوير بتاريخ العاشر من شهر كانون الثاني لعام 2022 في حي "العزيزية" بمدينة "حلب".