لم تقف سنوات عمره -التي أمضاها في العمل- عثرةً في طريق تحقيق حلمه بإكمال الدراسة ونيل الشهادة الجامعية، ورغم أن "عبد الحميد الحسين" ابن مدينة "القامشلي" بدأ مشواره الدراسي في سن متأخرة، إلا أنه أصرّ أن تكون عودته لمقاعد الدراسة عودة ميمونة فنال الشهادة الإعدادية ومن ثم الثانوية، ليحصل بعدها على الإجازة الجامعية في اللغة العربية ويتوّج ثمرة جهده بنيل درجة الماجستير، ويعود مدرّساً في مدارس المنطقة التي عمل فيها بصفة مستخدم.

عودةٌ ميمونة

يقول "الحسين" في حديثه لمدوّنة وطن "eSyria": «تركت الدراسة مضطراً بعد المرحلة الابتدائيّة، فاتجهت للعمل ومساعدة أهلي، لم يكن في طفولتي مكان للعب واللهو كما كان يفعل كثير من أبناء جيلي في ذلك الوقت، وهكذا مضت الأيام على عجل، لكن ورغم ذلك ظلت فكرة العودة إلى المدرسة تراودني بين الحين والآخر وكنت دائماً أبحث عن باب وطريقة للعودة إلى ميادين العلم والقراءة والوظيفة، حتّى جاءت اللحظة المناسبة لاتخاذ القرار».

كنت أنتظر هذه المناسبة الرائعة لأرفع رأسي فخراً واعتزازاً بما حققه طالبي "عبد الحميد محمد الحسين" من إنجاز مرموق بنيله درجة الماجستير في اللغة العربية وهو في هذا العمر، جعلني أشعر بالسعادة لأجله وهو الذي أكمل المشوار بصدق وأمانة وعزيمة لا تعرف الملل والكلل.. أتمنى أن يكمل المشوار ويتوج جهوده ويكمل مسيرته الدراسية لنيل شهادة الدكتوراه

عام 2008 كانت الخطوة الأولى والخطوة الأهم حسب كلامه، ففي ذلك العام تقدم إلى مسابقة تابعة لوزارة التربية، نجح في المسابقة وتعيّن في مدارسها، وبدأ يتقاضى راتباً شهرياً كان يحتاجه وبأمس الحاجة له.

أثناء مناقشة رسالة الماجستير

بالتزامن مع الوظيفة بدأ بعملٍ حرّ آخر ليتمكن عبره من إعانة أسرته، يقول عن ذلك: «تم تعييني بصفة مستخدم في مدارس منطقة "المالكية" كنت أذهب في الرابعة فجراً وأعود مع غروب الشمس، اتجه مباشرة لمحلي الصغير والمتواضع أبيع فيه بعض المستلزمات الضرورية لأهل الحي، ساعدني هذا المحل في تأمين جانب من مستلزمات حياتي وحياة أهلي، ثم راودتني وأنا في محلي فكرة إكمال دراستي، فتقدمت للشهادة الإعدادية عام 2012 وبعدها بعام تقدمت للشهادة الثانوية ومعي ابني وابنتي في الشهادة نفسها، كانت دراستي في الطريق بين وظيفتيّ وفي المحل، كنتُ مضطراً لإعادة الشهادة الثانوية للوصول إلى الكلية وفرع الجامعة الذي يناسب رغبتي».

رغم كل شيء

عام 2014 نال الشهادة الثانوية للمرة الثانية، محققاً الرغبة والطموح والوصول إلى قسم اللغة العربية في كلية الآداب، ورغم الالتزامات المتعددة تجاه أسرته وعمله، وظروف التنقل بين جامعة "الفرات" مكان الدراسة و"القامشلي" مكان الإقامة، فقد تخرج من الجامعة بعد أربع سنوات حاصلاً على معدل جيد جداً، ومنحته درجة التخرج القدرة على إكمال دراسة الماجستير وهنا بدأ مسار التغيير في حياته.

عنوان رسالته

يقول" الحسين": «انتقلت من وظيفتي في الفئة الخامسة، إلى مدرس في ثانويات مدينة "القامشلي"، كانت نقلة نوعية وتاريخيّة في حياتي، خلال ذلك أعددت رسالة الماجستير، وبفضل الله وجهود بعض الخيرين والمشرفين نلت قبل أيام درجة الماجستير في اللغة العربية، وبتقدير جيد جداً.. كانت أهم لحظة في حياتي، بل وأعدّها درساً مفيداً لكل من يطمح للعلم والتعليم ولو في وقت متأخر في حياته».

بقية المشوار

الدكتور "محمد الوادي" عميد كلية الآداب السابق في جامعة "الفرات" عبّر عن سعادته الكبيرة بما حققه "عبد الحميد": «كنت أنتظر هذه المناسبة الرائعة لأرفع رأسي فخراً واعتزازاً بما حققه طالبي "عبد الحميد محمد الحسين" من إنجاز مرموق بنيله درجة الماجستير في اللغة العربية وهو في هذا العمر، جعلني أشعر بالسعادة لأجله وهو الذي أكمل المشوار بصدق وأمانة وعزيمة لا تعرف الملل والكلل.. أتمنى أن يكمل المشوار ويتوج جهوده ويكمل مسيرته الدراسية لنيل شهادة الدكتوراه».

تبقى الإشارة إلى أنّ "عبد الحميد الحسين" من مواليد "القامشلي" 1978 وأجري اللقاء معه بتاريخ 2021/12/7.