بدأت فكرةُ إقامة وحدات تصنيع غذائية كمتمم لمشروع الحدائق المنزلية، الذي انطلق بالتعاون بين وزارة الزراعة وبرنامج الأغذية العالمي واتحاد غرف الزراعة السورية، حيث كان الهدف تحقيق القيمة المضافة على المنتج الزراعي من خلال تصنيعه، ثم ما لبث أن تحوّل المشروع إلى مشروعٍ مستقلّ بحد ذاته، حيث أصبح بإمكان كل عدة أسر ريفية العمل فيه، والبداية كانت بخمس وحدات من خمس محافظات، ثم أخذ المشروع يتطور ويتوسّع من حيث عدد الوحدات والمناطق التي تتبع لها تلك الوحدات وعدد العاملين فيها، وقد ساهمت بشكل جيد في تزويد السوق بمنتجات غذائية مطابقة للشروط الصحية وبمواصفات عالية الجودة وأسعار مقبولة للمستهلكين.

حصةُ "طرطوس"

بناءً على الاتفاقية المذكورة جرى تخصيص محافظة "طرطوس" بعدد من وحدات التصنيع، حيث كان نصيبها تسع وحدات إنتاجية، بحسب المهندسة المشرفة "ديمة محمد" التي تحدثت خلال لقائها مع مدوّنة وطن بالقول: «تتألف كل وحدة تصنيع غذائي من خمس نساء تجمعهن الخبرة في الصناعات الغذائية الريفية والتفاهم وروح العمل، وقد تمّ تأسيسهنّ من خلال اتباع دورة تدريبية استمرت لعدّة أيام في مدينة "طرطوس"، حاضر فيها أساتذة مختصون بالمشاريع الصغيرة والتصنيع الغذائي، من ثم تم تجهيز كل وحدة بالأدوات اللازمة للعمل، منها ثلاجةٌ وفرامةٌ كهربائية وقدورٌ للطبخ مختلفة الأحجام وأوانٍ مخصصة لحفظ الأطعمة، وشبكُ تجفيف خضار ومكبس مكدوس وموقدا غاز، وتصنّع السيدات العاملات في الوحدات أنواعاً متعددةً من المواد الغذائية الريفية تشمل مشتقات الحليب من اللبن ومشتقاته والزبدة والقريش، أيضاً الزعتر البلدي والمخللات ودبس الرمان ومعجون البندورة، وأصناف من الحلويات والمربيات و"هبول" التين والمعجنات وغيرها، وبشكل مستمر يتم تقييم كافة المواد المنتجة من قبل المهندسات المشرفات، وإعطاء ملاحظات إن لزم الأمر للحصول على نوعية ذات جودة، ومنتجات نظيفة وخالية من أي مواد حافظة، كما أن هذه المشاريع تقدّم دخلاً مقبولاً للمنتجين، وبالوقت نفسه أسعارها مقبولة جداً بالنسبة للمستهلكين مقارنة بالجودة».

على الرغم من بعض الصعوبات التي واجهتني عند بداية العمل، إلا أنني تمكنت من تجاوزها بفضل مساعدة زميلاتي من السيدات المشاركات في المشروع، والآن أساهم بشكل جيد برفع المستوى المعيشي لأسرتي وإعانة زوجي في تأمين متطلبات المنزل والأطفال

تجاربُ شخصيّة

وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه عمل وحدات التصنيع الغذائية، إلا أنها تساهم في دعم التنمية المستدامة في الريف من خلال تأمين المنتجات بمواصفات جيدة، واستجرار منتجات المحاصيل الزراعية والحيوانية سواء من القرية التي توجد فيها وحدة التصنيع أو حتى من قرى مجاورة، أيضاً تُقدم عشرات فرص العمل لكلٍّ من النساء والرجال معاً، كما أنها تشكل مصدر دخل مهم للمرأة الريفية التي قد تضطر لإعالة أسرتها في ظل غياب ربّ الأسرة لظروف معينة، من هؤلاء السيدات "سمر معلا" التي استطاعت من خلال ما تحصل عليه من دخل تأمين تعليم ابنها (المريض) دون الحاجة إلى طلب المساعدة من أحد، أيضاً "نجود" التي بدأت العمل قبل عدة أشهر تقول: «على الرغم من بعض الصعوبات التي واجهتني عند بداية العمل، إلا أنني تمكنت من تجاوزها بفضل مساعدة زميلاتي من السيدات المشاركات في المشروع، والآن أساهم بشكل جيد برفع المستوى المعيشي لأسرتي وإعانة زوجي في تأمين متطلبات المنزل والأطفال».

من منتجات وحدات التصنيع الغذائية

اهتمامٌ إعلاميٌّ

وكان لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي دور كبير في العملية التوعوية والتعليمية، وتسليط الضوء على مختلف الأحداث والفعاليات، كونها وسائل أصبحت تتجاوز الحدود بسهولة بالغة بفعل التطور التكنولوجي، كما تقول معدة النشرات الإخبارية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون "إيناس هناوي" وتكمل: «نحرص كوسيلة إعلامية من خلال نشراتنا الإخبارية على تسليط الضوء على المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر كافة، بهدف التعريف بها وتشجيعها على الاستمرار، ولفت انتباه الحكومة والهيئات لدعمها والمساهمة في تطويرها، حيث تعدُّ هذه المشاريع من القطاعات الاقتصادية المهمة التي يجب أن تستحوذ على ما تستحقه من اهتمام لدورها في تحسين الإنتاجية وزيادة الدخل وتوظيف المزيد من اليد العاملة، ومن جانب آخر وجدنا الكثير من الترحيب بنا كوسائل إعلام أثناء تواصلنا مع القائمين على هذه المشاريع في مختلف المحافظات السورية، حيث سلطنا الضوء عليها وفتحنا للقائمين عليها المجال للتعريف بها والحديث عنها وعن المعوقات التي واجهتهم وطموحاتهم لتحسين الإنتاج والدخل ما يعود على مشاريعهم بقيمة مضافة، ويساهم في تحسين وضعهم المعيشي، وهناك منهم من بادر وتواصل معنا للإضاءة على مشاريعهم، فحاولنا جاهدين تلبية دعوتهم إيماناً منّا بأهمية دعم هذه المشروعات».