شكّل رحيل المهندس "مثنى هاني أبو صالح" ابن محافظة "السويداء" خسارةً كبيرةً ليس لأهله وذويه فقط ، بل للوسطين العلمي والإعلامي أيضاً، وهو الذي قضى ردحاً طويلاً من سنوات عمره الـ67 في مجال الإبداع والاختراع في نظم المعلومات والتكنولوجيا والميكانيك إضافة لتخصصه بالطاقة الكهربائية وتوليه العديد من المهام العلمية والإعلامية، كعضو مؤسس في جمعية المخترعين السوريين وعضو في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، إضافة لتوليه منصب رئيس مجلس إدارة إذاعة "الريّان" التي غطى أثيرها جبل العرب وسهول حوران والقنيطرة والجولان المحتل.

الـ"ريّان"

رغم تعدد اختراعاته في النظم المعلوماتية والكهربائية، شكّل إطلاق الراحل "أبو صالح" لإذاعة "ريّان إف إم" في "السويداء" -لتغطي عبر أثيرها المنطقة الجنوبية والجولان السوري المحتل- أهم إنجازات الراحل جماهيرية بحيث استطاع ربط العلاقة الاجتماعية والتراثية بين تلك المناطق، ورغم انتشار الفضائيات والتقنيات المتطورة استطاعت المحطة أن تحجز لنفسها مكانة هامة على الساحة الإعلامية في المنطقة وذلك بفضل نجاحها في نقل هموم المجتمع ومآثر الأهل والأجداد.

يكاد المرء في "السويداء" لا يركب سيارة عمومية أو خاصة إلا ويستمع إلى إذاعة "الريّان" التي حققت في وقت قصير من إطلاقها حضوراً وانتشاراً منقطعي النظير، والسبب يعود للراحل المخترع المهندس "مثنى هاني أبو صالح" وشغفه بالعلم والمعرفة والبحث والاستكشاف، هذه الإذاعة التي لم تلغِ اهتمام المخترع بتقنيات الكهرباء منذ أن كان في المرحلة الثانوية حينما بدأ بابتكار جهاز (الفولت والأمبير)، ليصل إلى القرية الإلكترونية الذكية وروبوتات الذكاء الاصطناعي المتقدم، إضافة لنظم الحواسب والمحاسبة والسيارة التي ظلت تعبّر عن إبداعه وابتكاره

يقول "خطار عماد" من قريته "العانات" لمدوّنة وطن "eSyria": «يكاد المرء في "السويداء" لا يركب سيارة عمومية أو خاصة إلا ويستمع إلى إذاعة "الريّان" التي حققت في وقت قصير من إطلاقها حضوراً وانتشاراً منقطعي النظير، والسبب يعود للراحل المخترع المهندس "مثنى هاني أبو صالح" وشغفه بالعلم والمعرفة والبحث والاستكشاف، هذه الإذاعة التي لم تلغِ اهتمام المخترع بتقنيات الكهرباء منذ أن كان في المرحلة الثانوية حينما بدأ بابتكار جهاز (الفولت والأمبير)، ليصل إلى القرية الإلكترونية الذكية وروبوتات الذكاء الاصطناعي المتقدم، إضافة لنظم الحواسب والمحاسبة والسيارة التي ظلت تعبّر عن إبداعه وابتكاره».

مع الراحل م. مثنى ابو صالح وسماحة المطران سابا اسبر

(روبوتات) عربية

من اختراعاته

حصل الراحل المهندس "مثنى هاني أبو صالح" على إجازة في الهندسة الكهربائية قسم الإلكترونيات ونظم الاتصالات من جامعة "القاهرة" عام 1979، وكان يدرس الأدب الإنكليزي في جامعة "دمشق" ونال الإجازة عام 1980، وبدأت مسيرته في الابتكار مع السيارة الكهربائية وكان ذلك عام 1989 بسبب انقطاع البطاريات آنذاك.

ويبين الدكتور المهندس "فريد أبو حامد" أستاذ الطاقة في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية أن أهم ابتكارات المهندس الراحل تجلت في نظام الاتصالات المتكامل لحاسبات IBM وMSX في العام 1989، ثم الإذاعة الرقمية الصوتية عام 1992، وسجلت في حماية الملكية الفكرية وشاهدها العديد من الأساتذة والمختصين في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية -التي انتسب إليها منذ العام 1990- وجامعة "دمشق"، وبعد ست سنوات شيدت هذه الإذاعة الرقمية الصوتية في مدينة "دوسلدورف" الألمانية ومقاطعة "ويلز" في "بريطانيا".

مع نجله تمام والاب الياس زحلاوي

ويضيف الدكتور "أبو حامد": «لم يقف الراحل عند هذا الحد بل عمل على تصميم رجل آلي أطلق عليه اسم "منصور" في العام 1988 وكان ينطق باللغة العربية ويستقبل أوامر صوتية، ويقوم بمهام متنوعة، منها تقديم القهوة للضيوف واستقبالهم، وكان في حينها يحتل مركزاً جيداً مقارنة بالصناعة العالمية للرجال الآليين، وفيه العديد من الابتكارات الجزئية والحلول التقنية ومزوّد ببرامج ذكاء اصطناعي، واستمرت أعماله في تصميم (الروبوتات) فأنجز "الراقص" عام 1997 و"الإنترنت روبوت" عام 1999، والعديد من (الروبوتات) متوسطة وفائقة الذكاء، وكان آخر ما قدم القرية الذكية التفاعلية السورية، وهي تضم حزمة من الأفكار والتطبيقات المنفّذة من قبله لمنظومات الذكاء الاصطناعي، مثل مسرح (الروبوتات) والمدرسة الذكية والمطعم الذكي، و(روبوتات) كرة القدم التفاعلية المجهزة للتفاعل جميعها على الشبكة العالمية، بالإضافة إلى ما صممه للعمل على الهواتف المحمولة من الجيل الثالث، لتكون هذه القرية وزوّارها من الأطفال مع كل المنظومات الذكية بمنزلة (استديو) تلفزيوني لمحطة تلفزة شبكية تفاعلية لمنظومة الذكاء الاصطناعي، وبالتالي تخلق مفاهيم إبداعية جديدة لجيل كامل من الأطفال والناشئة والمراهقين، وتضعهم بموقع الريادة والتفوق في مجال تكنولوجيا المعلومات ومفاهيمها وإفرازاتها، كما تضعهم في دائرة الإبداع والإلهام العلمي والفكري، لقد أنفق الراحل ما يعادل 450 ألف دولار من ماله الخاص وباع تركته وما ورثه من والده "هاني أبو صالح" الذي أسس أول مكتبة في "السويداء"، ورحل وهو لا يملك بيتاً، لقد كانت قناعته أنه لا يوجد اختراع بل هناك ابتكار».

جوائز وتكريم

وعن الوظائف والمهام التي شغلها الراحل يقول نجله المهندس "همام أبو صالح": «عمل الراحل كمهندس اتصالات في الشركة السورية للشبكات، ومهندس نظم في الشركة الاستشارية العالمية للاتصالات الإلكترونية Media Consult ، ثم مدير قسم الاتصالات "مشروع أبو ظبي" بالشركة نفسها 1982-1986، وكان صاحب مكتب هندسي ومدير مركز الكومبيوتر بالسويداء، وشارك في أهم المؤتمرات والمعارض التي جرت على هامش معرض "جايتكس" السنوي في "دبي" 1986-1996، وفي مؤتمر "القاهرة" للتعريب المعلوماتي 1993، ومؤتمر الإبداع العلمي السوري الأول 1992، ومؤتمر "مايكروسوفت" الشرق الأوسط 1993، ومعرض الإبداع العلمي السوري الثالث 1993، ومؤتمر "القاهرة" الأول والثاني للإنترنت 1996-1997، ومؤتمر ومعرض "الشام" الثالث للاتصالات والمعلوماتية، ومؤتمر "تونس" للمعلوماتية والاتصالات 1997 اتحاد المهندسين العرب».

ويشير المهندس "تمام أبو صالح" النجل الأكبر للراحل إلى أن والده نال ميدالية ذهبية في معرض الإبداع والاختراع السوري الأول 1992 عن سيارتين كهربائيتين وأنظمة تحكم إلكترونية، وميدالية ذهبية في معرض الإبداع والاختراع السوري الثاني 1993 عن "محطات أرضية للأقمار الصناعية وأنظمة التحكم الكومبيوترية"، والميدالية الذهبية "لأفضل اختراع" في معرض الإبداع والاختراع السوري الثالث من المنظمة الدولية لحماية الملكية الفكرية وبراءات الاختراع/جنيف-سويسرا World Intellectual Property Organization 1993، ونفذ مجموعة من الأعمال أهمها محطة إرسال تلفزيوني صوت وصورة لنقل سباقات الخيول 1983، ورجل آلي مزوّد ببرامج ذكاء اصطناعي وتحكم كمبيوتري روبوت 1988، ومجموعة من دارات التحكم بواسطة الكمبيوتر 1989-1993، ومحطات أرضية للأقمار الصناعية يتم التحكم بها بواسطة الكمبيوتر وبطاقات المالتيميديا 1992، وأنظمة اتصالات تحت وسائط الكمبيوتر، وسيارة مجهزة بأنظمة Telemetery للقياسات عن بعد بواسطة حاسب ووحدة اتصال متلائمة تعمل بالترددات الصوتية، هذا النظام مزوّد بأوساط ناقلة لا سلكياً إلى حاسب مضيف يقوم بتحليل البيانات المرسلة ومعالجتها لدعم اتخاذ القرار.

براءات اختراع

ويتابع "أبو صالح" بالقول: «حصل على براءة اختراع في العديد من الأعمال منها: "روبوت" يحتوي على معالجين ومزوّد ببرنامج ذكاء اصطناعي لأوامر صوتية ويقوم بالخدمة والحراسة والاتصالات والأتمتة 1988، كذلك نظام اتصالات متكامل الحاسبات 1990، وهذه الأنظمة عبارة عن كمبيوترات لها معدات إلكترونية لتكون بمنزلة هاتف ذكي يعمل كمقسم ومحلل مكالمات ودليل هاتف يتسع لآلاف الأسماء ويصدر الفواتير الهاتفية، منح هذا النظام براءة اختراع تغطي سبعة ادعاءات، تاريخ 11/8/1992 وتحت رقم 1650، كما حصل على براءة اختراع في وحدة اتصالات متلائمة مودم الحاسبات 1990 لإرسال النصوص عبر خط الهاتف 1200 بود/ 8 أضعاف سرعة التلكس، والإذاعة الكمبيوترية، و(دواليب) الخط المتحكم بها كومبيوترياً مع برامج خاصة لها العشوائية المضاعفة 1992، ومقاسم إلكترونية تعمل مع الحاسب للولوج الآلي إلى الأرقام فرعية من النظام، وجهاز إرسال تلفزيوني صوت وصورة لتغطية سباقات الخيول 1983، والسيارة الكهربائية قوة 2 حصان مع تحكم لاسلكي عن بعد 1990، والسيارة الكهربائية قوة 7 حصان، إضافة لهوائيات صحنية لاستقبال الأقمار الصناعية يتم التحكم باتجاهها بواسطة الكمبيوتر ويمكن استخدامها مع كروت الملتيميديا، وبرنامج اتصالات متكامل للحاسبات الشخصية يعمل تحت نوافذ (مايكروسوفت) مع واجهة تطبيق عربية للإنترنت، ونظام القياس عن بعد Telemetery Staation، وسيارة مزودة بحاسب شخصي ومجموعة من الحاسبات الرقمية والتناظرية تزود الحاسب بقرارات، ومزود تطبيقات متعددة أحدها الأرصاد الجوية ليقوم بإرسالها من خلال وحدة اتصال متلائمة مودم يعمل بالترددات الصوتية وفق PSG هذا المودم يتم إرسال القرارات عبر أوساط ناقلة مزودة بها السيارة " مايكروويف، وCB، وFM TXR، وخط هاتف موبايلز، وحاسب مضيف مربوط لاسلكياً مع سيارة نظام القياس عن بعد يستقبل البيانات ليقوم بجدولتها وتحليلها ومعالجتها لدعم اتخاذ القرار».

الجدير بالذكر أنّ المهندس المخترع "مثنى أبو صالح" من مواليد مدينة "السويداء" عام 1954، وقد شيع جثمانه الطاهر في مدينة "السويداء" يوم الجمعة بتاريخ 27 آب 2021 بموكب مهيب من الحضور الشعبي والاجتماعي والثقافي والديني ليوارى الثرى في قريته "العانات" عن عمر ناهز السابعة والستين.