بنجاح و ثبات وثقة، استطاع الإعلامي" معن الغادري" أن يحجز لنفسه مكاناً على بساط ساحة العمل الإعلامي، كواحد من أهم الصحفيين في مدينة" حلب"، ليقدم خلال مسيرته عمله الطويلة في مهنة المتاعب، أنمذوجاً يحتذى للإعلامي الناجح، وهو الذي لم تثنه كل الصعوبات عن إتمام ما كان يوكل إليه من مهام بكل جدارة.

بداية المشوار

لم يكن حب واندفاع "الغادري" "للعمل الصحفي صدفة، وهو الذي تفتحت عيناه وهو في مقتبل العمر والشباب على المسيرة الغنية لوالده الراحل الإعلامي "فيض الله الغادري" الذي أنيطت به وقتها مهام مدير مكتب صحيفة" البعث" في كل من "إدلب" و"حلب"، وكيف كان مطلوباً منه متابعة أخبار المدينتين والإسراع في تحريرها والعمل على إرسالها للجريدة بالطرق التقليدية المتعارف عليها حينها، كل ذلك أوجد لدى "معن" حب المهنة والأرضية لدخول وممارسة العمل الصحفي.

العمل الإعلامي صعب وشاق والوقت فيه ليس ملكاً للإعلامي، لكنه ورغم ذلك ممتع وشيق.. أنا فخور بما قدمته خلال هذه المسيرة الطويلة التي أكسبتني ثقة ومحبة الكثير من الناس البسطاء، وبما قدمته لهم من خلال طرح ونشر قضاياهم وهمومهم الحياتية والإنسانية وهذا كان الجانب الأهم

عن ذكريات تلك المرحلة يقول الإعلامي في حديثه لموقع مدوّنة وطن:«ما زلت أذكر وأنا في المرحلة الإعدادية في مدينتي التي ولدت فيها "أريحا" العائدة لمحافظة "إدلب"، كيف كان والدي يستيقظ باكراً ويجهز نفسه للسفر نحو "حلب" أو "إدلب" لمتابعة عمله وتغطية الأحداث، ولا يعود حتى وقت متأخر ليلاً، كنت متتبعاً لكل خطواته.. وفي منتصف السبعينيات نقل والدي ولضرورة العمل مسكنه إلى مدينة "حلب"، وذات يوم وخلسة عن أعين والدي، كتبت موضوعاً رياضياً وأرسلته بالبريد العادي لإدارة الصحيفة، لكن سرعان ما انكشف أمري مع صدور العدد، وجاء والدي بعد يومين وفتح أمامي الصحيفة وأشار لي بإصبعه إلى تلك المادة، وقال لي إذا أحببت أن تمضي بهذا الطريق فهو طويل وشاق، ورددت عليه بالإيجاب، فما كان منه إلا أن شجعني وقدم لي العديد من النصائح التي تتلخص بكتابة الحقيقة بعيداً عن مجاملة أحد».

من افتتاح مطبعة دار البعث بحلب

ويتابع "الغادري" حديثه بالقول: «كانت هذه التوجيهات بمنزلة البداية لي والتوجه نحو العمل الصحفي، حيث جرى اعتمادي كمراسل رياضي لجريدة "البعث" عن مدينة "حلب"، وواظبت على تغطية الأحداث الرياضية، وبعد رحيل والدي في بداية عام ألفين، تم اعتمادي وتكليفي كمحرر عام عن مدينة "حلب" ما وضعني أمام مسؤوليات أكبر، لمدينة كبيرة هامة لها وزنها وثقلها على ساحة الوطن».

ذكريات

يروي الإعلامي الكثير من ذكريات بداياته التي لا يزال بعضها عالقاً بمخيلته، ومنها صعوبة العمل حينها في طريقة كتابة وتحرير المادة والجري بسرعة بعد انتهاء الحدث نحو ساحة "الكتاب" وسط المدينة لإرسال التقرير بواسطة حافلة الكرنك المتجهة نحو "دمشق"، أو العمل على إرسال التقرير عن طريق هاتف مقسم "الجميلية"، بعد حجز الدور، وأحياناً في منتصف الرسالة كانت تنقطع المكالمة، وكان الأمر يتطلب الانتظار والبدء من جديد، مشيراً إلى أن المحطة الأهم في ذكرياته الإعلامية، تمثلت بإيفاده من قبل إدارة صحيفة "البعث" لتغطية دورة الألعاب الآسيوية الثالثة عشرة التي استضافتها "تايلند" عام 1998، وكيف كان العمل متواصلاً برسائل يومية أو حتى ساعية لمتابعة كل الأحداث.

الصحفية بيانكا ماضية

محطات إعلامية

معن مديراً لتحرير صحيفة الشهباء

يشير "الغادري" في حديثه للمدوّنة إلى أهم المحطات الإعلامية التي عمل بها ومارسها خلال مسيرته الإعلامية التي قاربت الأربعين عاماً، بدءاً من صحيفة "البعث" التي عدّها بمثابة المدرسة والأم، وأيضاً صحيفة "الرياضية" و"الرياضة" و"الرياضة والشباب" والإذاعة والتلفزيون ولفترات متقطعة، ووكالة "سانا"، ووكالة الأنباء الكويتية وعدد من الصحف اللبنانية، والمرحلة الأهم بحياته، على حد وصفه، كانت من خلال تكليفه بمهام مدير التحرير لصحيفة "الشهباء" الأسبوعية الصادرة عن دار "البعث" بين أعوام 2017 حتى 2020، بكادر جديد شاب ترك بصمته على الساحة الإعلامية، ونال رضى واستحسان الشارع الحلبي بما قدمته الصحيفة وطرحته من تحقيقات هامة وجوهرية لامست القضايا الخدمية والمعيشية للمواطن، وخاصة بعد تحرير المدينة والتفاعل الكبير مع ما كانت تطرحه من قضايا.. وآخر المهام التي أوكلت له تكليفه بإدارة مطبعة دار البعث فرع "حلب".

ويختم "الغادري" حديثه بالقول: «العمل الإعلامي صعب وشاق والوقت فيه ليس ملكاً للإعلامي، لكنه ورغم ذلك ممتع وشيق.. أنا فخور بما قدمته خلال هذه المسيرة الطويلة التي أكسبتني ثقة ومحبة الكثير من الناس البسطاء، وبما قدمته لهم من خلال طرح ونشر قضاياهم وهمومهم الحياتية والإنسانية وهذا كان الجانب الأهم».

شهادات

الإعلامية والأديبة "بيانكا ماضية" تقول: «توطدت معرفتي بالإعلامي "الغادري" خلال العمل في صحيفة "الشهباء" الصادرة عن دار "البعث"، فكان من موقعه مديراً لتحرير الصحيفة صحفيّاً مهنياً يتمتع بمزايا عديدة أولها أخلاقه العالية وحسن إدارته للكادر الإعلامي وتركيزه الدائم على المواضيع التي تمس المواطن بشكل عام، وكان دؤوباً على متابعة حسن سير أمور الصحيفة، لتشكل مواضيعها علامة فارقة في جرأة الطرح والقوة في ملامسة القضايا ذات الأهمية وفي كل المجالات».

بدوره يشير الإعلامي "محمود جنيد" من صحيفة "الجماهير" إلى الجهود التي بذلها "الغادري" للنهوض بصحيفة "الشهباء" وهي الصحيفة المحلية التي صدرت ورقياً وإلكترونيا وكانت الإصدار الورقي الوحيد، ما جعل الأمر بالنسبة لكادر العمل -الذي صنع منه "الغادري" كمدير تحرير أسرة إعلامية واحدة- تحدياً نجح الجميع في اجتيازه بنجاح وبالقليل من الإمكانات، والكثير من المهنية.

تمّ إجراء اللقاء والتصوير بمكتب دار "البعث" بحي "الجميلية" بتاريخ الخامس والعشرين من شهر تموز لعام ألفين وواحد وعشرين.