وسط حي "الفيض" بمدينة "حلب"، مطلاً على طريق الأوتستراد الدولي الذاهب نحو مدينة "دمشق"، يقع أقدم الملاعب الكروية في سورية، "الملعب البلدي" الذي تختزل فيه كل القصص والذكريات الرياضية الجميلة السابقة لنجوم وحكام الكرة بشكل عام ولجماهير الكرة الحلبية بشكل خاص بحضورها وتفاؤلها بهذا الملعب تحديداً، حيث كان يعطيها الدافع والحماس لمؤازرة وتشجيع انتصارات فرق مدينتها والمنتخبات الوطنية وهي تحقق الانتصارات والبطولات الرياضية.

سيرة ذاتية

موقع مدوّنة وطن "eSyria" زار هذا الملعب العريق وفتح ملف أرشيفه منذ التأسيس إلى الزمن الحالي والسيرة الذاتية للملعب تقول أنه أنشئ تحت مسمى "الملعب البلدي" وبأرضية ترابية نبتت فيها الأعشاب بشكل تلقائي، كان ذلك عام 1984 وبمساعٍ من رئيس البلدية وقتها المهندس "مجد الدين الجابري" وتبدل اسمه مع بداية السبعينيات لملعب "السابع من نيسان" ليحتضن بعض مباريات الفرق العربية المصرية الزائرة مثل "الزمالك" والأهلي" و"المحلة" إضافة لإقامة بعض المباريات للأندية المحلية وعلى شكل مجموعات، والتي سبقت موعد إنطلاقة أول دوري عام في "سورية"، وكذلك أقيمت عليه مباريات كأس الجمهورية عام 1965.

لهذا الملعب بتاريخه القديم ذكريات كثيرة وسعيدة في نفسي من الصعب تجاهلها من خلال مسيرتي كلاعب يافع أولاً، ومن ثم كلاعب أساسي في ناديي "الاتحاد" و"الجيش" ومن ثم في المنتخب الوطني ولمدة عشرة سنوات.. لعبت لأول مرة على أرضيته الترابية عام 1965، وما زلت أذكر كيف كان يقوم العم الراحل "أبو سمرة" بتفقد تجهيزات الملعب قبل بدء انطلاقة أي مباراة عليه من خلال تخطيطه بالرمل وردم الحفر الطينية وتركيب الشباك ونفخ الكرات

وكل أبناء الجيل القديم ما زالوا يذكرون في الخمسينيات حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقوم ببعض الألعاب البهلوانية فوق الملعب بمناسبة عيد الاستقلال، وهوت بين مدرجاته وخط سكة القطار الملاصق لسور الملعب.

مدير الملعب الكابتن ياسر قضيب البان

إدارة وجاهزية

صورة نادرة للحضور الجماهير بلقاء الجيش والزمالك المصري

يقول مدير الملعب "ياسر قضيب البان" للمدوّنة: «يعدُّ ملعب السابع من نيسان في "حلب" من أقدم واعرق ملاعب القطر والمدينة وهو متوسط السعة، وتقدر المساحة الإجمالية لمنشأة الملعب بـ 20 الف متر مربع، وميدان اللعب هو بأبعاد 108 أمتار طولاً و68 متراً عرضاً، ومدرجاته سعتها خمسة عشر الف متفرج جلوساً إضافة للمسبح البلدي وصالات الحديد والكاراتيه وذوي الاحتياجات الخاصة والطب الرياضي، وفي عام 1984 ونتيجة صعوبة اللعب على أرضيته الترابية الطينية في الشتاء تم تحويلها للعشب الصناعي (التارتان) ونقلت بوقتها مباريات الدوري العام وبشكل مؤقت وخلال فترة التبديل لملعبي نادي "الاتحاد" بحي "الشهباء" وملعب "رعاية الشباب" بحي "السليمانية".

ويمكن لنا والكلام للكابتن "ياسر" تسمية الملعب "بحمّال الآسية" والطوارئ فمطلوب منه أن يكون دائماً على أهبة الاستعداد والجاهزية بعماله وإدارته لاستقبال المباريات عند وجود أية صيانة للملاعب الرئيسية الأخرى بالمدينة».

اللاعب الدولي السابق جمعة الراشد

صيانة مستعجلة

بدوره المهندس المختص بفرع الاتحاد الرياضي "حسام القرم" يقول: «خلال الأزمة وبدءاً من عام 2012 وحتى عام 2016 بقيت أبواب الملعب مقفلة نهائياً لصعوبة وخطورة الدخول واللعب والتمرين عليه، لوقوعه في منطقة حساسة، وكان يتعرض بشكل دائم للعديد من القذائف التي أحرقت قسماً كبيراً من أرضيته وأصابت جزءاً من مدرجاته بالهدم، ومع بدء التحرير للمدينة فتحت أبواب الملعب من جديد وتمت معالجة وإعادة الأمور إلى طبيعتها من خلال البدء بمرحلة مستعجلة وسريعة للترميم والإصلاح والصيانة، حيث جرى نزع الأرضية القديمة واستبدالها بأرضية تارتانية جديدة وبالمواصفات الدولية مع تركيب منجور خشبي وحديدي وأبواب ألمينوم وتجهيز شبكتي الماء والكهرباء ومصارف المياه، ونجحت الجهود بتجهيزه وبعودة اللعب عليه مع مطلع 2018 واستقبال أغلب مباريات الدوري العام للدرجتين الممتازة والأولى».

شهادات وذكريات

اللاعب الدولي السابق "جمعة الراشد" يقول: «لهذا الملعب بتاريخه القديم ذكريات كثيرة وسعيدة في نفسي من الصعب تجاهلها من خلال مسيرتي كلاعب يافع أولاً، ومن ثم كلاعب أساسي في ناديي "الاتحاد" و"الجيش" ومن ثم في المنتخب الوطني ولمدة عشرة سنوات.. لعبت لأول مرة على أرضيته الترابية عام 1965، وما زلت أذكر كيف كان يقوم العم الراحل "أبو سمرة" بتفقد تجهيزات الملعب قبل بدء انطلاقة أي مباراة عليه من خلال تخطيطه بالرمل وردم الحفر الطينية وتركيب الشباك ونفخ الكرات»، وتابع: «واصلنا اللعب على أرضيته وحصلنا فيه على أول بطولة دوري عام في سورية عام 1968 وأيضاً نلت معه بطولة الدوري العام وأنا مدير للكرة عام 1992، ولهذا الملعب قدسية ومحبة وعشق خاص لدى جماهير الكرة الحلبية بشكل خاص وهو الذي احتضن العديد من مباريات المنتخب الوطني والفرق العربية والأجنبية التي كانت تزورنا، والحدث الرياضي الأبرز في سجل هذا الملعب الذي لا نستطيع نسيانه، هو الزحف الجماهيري الهائل عام 1977 لحضور مباراة فريق "الجيش" و"الزمالك" المصري والتي انتهت بالتعادل بهدف لكل طرف حيث ضاقت مدرجات الملعب حينها باحتضان الجماهير ما اضطرها للنزول لأرض الملعب لمتابعة اللقاء».

مصنع للنجوم

أما المدرب الحالي "محمد اسطنبلي" فقال: «أفخر وأعتز بأن انطلاقتي وحبي وعشقي للكرة كانت من هذا الملعب الذي لعب وخرج من على أرضيته كبار نجوم الكرة الحلبية والسورية، وأغلب الفرق المحلية والعربية الزائرة كانت تشيد وتستمتع باللعب فوق بساطه، وكنا في نادي "الحرية" نتفاءل باللعب عليه حصراً ونلنا أول بطولة دوري عام 1991 بعد فوزنا على فريق "الوحدة" بهدف سجله "عبد الله طعمة" على المرمى الشمالي، ولا شكّ فإن سرّ محبة تعلق جماهير الكرة به تعود لوجوده في وسط المدينة ووصول كافة وسائط النقل إليه بسهولة».

تم إعداد المادة وتصويرها من داخل ملعب السابع من نيسان "بحي الفيض" بتاريخ 22 من شهر أيار لعام 2021.