: أثبتت التجربة أنَّ لعبة "كرة القدم" ليست حكراً على فئة الذكور فقط، بل إنَّ الإناث قادرات على ممارستها والنجاح بها كما يرى المتابع لفريق سيدات نادي "محافظة حمص"، لكن ما زالت ممارسة ومتابعة هذه اللعبة محصورة ضمن نطاقٍ محدودٍ جداً، وبحاجة لدعم أكبر بحسب رأي بعض أهل الرياضة.

اختار "فادي سعد" المدرِّس لمادة التربية الرياضية تحقيق حلمه الرياضي الخاص به، من خلال إنشاء أول فريق أنثوي بكرة القدم في مدينة "حمص" كما قال في لقائه مع موقع مدوّنة وطن "eSyria" أثناء أحد تدريبات فريقه الذي أبصر النور قبل عامين، عمله كمدرِّب في شعبة التدريب والبطولات بمديرية تربية "حمص" أتاح له مشاهدة المواهب الكامنة لدى بعض الفتيات أثناء مباريات البطولات المدرسية الخاصة بهذه اللعبة، بدأت نواة الفريق بالتشكل مع عدد قليل منهن، وبعد الإعلان عن تأسيس نادي "محافظة حمص" الذي يتبع لمجلس المحافظة، والدعاية التي انتشرت على موقع "الفيسبوك" خصوصاً، ارتفع عدد الراغبات بممارسة هذه اللعبة الجديدة كلَّياً، وكانت انطلاقة الفريق من خلال مشاركته في دوري السيدات بنسخته الأولى لموسم 2019-2020.

قبول المجتمع لفكرة ممارسة الإناث للعبة كرة القدم ليس بالشكل الكافي، حيث هنالك العديد من الفتيات اللواتي لحظت بزوغ الموهبة لديهن في البطولات المدرسية التي أشرفت عليها، لكن ممانعة الأهالي حالت دون ممارستهن للعبة، وبالنسبة للاعبات النادي فالتواصل والتعاون قائم ومستمر مع عائلاتهن، وهذا ما يجب أن يكون عليه دور المدرِّب من خلال الاهتمام بالسلامة النفسية للاعباته وإعطائهن شعوراً بالارتياح النفسي، من أجل إعطاء أفضل ما لديهن من طاقات

يتابع "فادي سعد" حديثه مع موقع مدوّنة وطن ليشير إلى أنَّ تجربة فريقه الأولى في الدوري كانت فوق مستوى الطموحات، حيث حقق الفريق المركز الثاني بفارق نقطة واحدة عن بطل الدوري حينها فريق "عامودا"، وهذا برأيه يعود إلى التصميم الذي امتلكته اللاعبات أولاً، وللدعم الملحوظ الذي قدِّم للفريق من قبل إدارة النادي ممثلة برئيسها "فضل الزين"، ومعه القائمون على الفريق في مجلس محافظة "حمص"، والأهم هو المتابعة والمواظبة على التمارين الأسبوعية والالتزام بالتدريبات والتعليمات التي كان يحرص على إعطائها المدرب لهن، ذلك كله كان سبباً في تطور أداء الفريق خلال الموسم الثاني من الدوري والذي اختتم بداية شهر نيسان الحالي، حيث كرر ذات الإنجاز على الرغم من تصدًّره ترتيب الدوري طوال مراحله، ليخسره في الجولة ما قبل الأخيرة.

الفريق يضم 30 لاعبة يمثلن خليطاً من الفئات الأربعة (براعم، ناشئات، شابات، سيدات) لكن أغلبية اللاعبات من فئة الناشئات مع وجود 3 منهن بعمر فوق 23 سنة، وقد تمَّ استدعاء 4 من اللاعبات ليمثلن المنتخب الوطني كما يذكر المدرِّب "فادي سعد" والذي أضاف: «قبول المجتمع لفكرة ممارسة الإناث للعبة كرة القدم ليس بالشكل الكافي، حيث هنالك العديد من الفتيات اللواتي لحظت بزوغ الموهبة لديهن في البطولات المدرسية التي أشرفت عليها، لكن ممانعة الأهالي حالت دون ممارستهن للعبة، وبالنسبة للاعبات النادي فالتواصل والتعاون قائم ومستمر مع عائلاتهن، وهذا ما يجب أن يكون عليه دور المدرِّب من خلال الاهتمام بالسلامة النفسية للاعباته وإعطائهن شعوراً بالارتياح النفسي، من أجل إعطاء أفضل ما لديهن من طاقات».

"ناديا عساف" أولى اللاعبات اللواتي انضممن للفريق عند تأسيس النادي، تشجعت لممارسة هذه اللعبة منذ سنوات طويلة لكنها كانت بانتظار اللحظة التي تسمح لها بذلك كما ذكرت بحديثها مع موقع مدوّنة وطن "eSyria" وبحكم عملها كمدرِّسة لمادة التربية الرياضية في إحدى مدارس "حمص"، كان لها دور بالانخراط أكثر في لعبة "كرة القدم" من خلال البطولات المدرسية، حيث تعاونت مع المدرِّب "فادي سعد" في تحقيق الحلم المشترك لهما، وهنا جاءت تلك اللحظة، لكنها ما زالت مواظبة على ممارسة لعبة "الجودو" التي نالت فيها بطولات عربية وآسيوية، عدا عن أنها بطلة للجمهورية لسنوات عدة آخرها كان في العام الفائت، وبنظرها محبة اللعبة والتصميم والمواظبة على التدريب هم من مقومات نجاح اللاعب في اللعبة التي يمارسها، إضافة للدعم المادي والمعنوي اللذين يوفرهما المشرفون على أيِّ نادي، وهذا ما وفرته إدارة نادي "محافظة حمص" للفريق بشكل كبير، وهي فخورة بكونها إحدى اللاعبات الأوائل اللواتي مارسن كرة القدم الأنثوية في المحافظة خاصة، وفي "سورية" عامة.

النادي الذي تأسس عام 2018 يتبع إدارياً لمجلس محافظة "حمص" وفنِّياً "للاتحاد الرياضي العام" كما تذكر "لمى طباع" عضو مجلس إدارة نادي "محافظة حمص الرياضي الثقافي الاجتماعي" في حديثها مع مدونة وطن "eSyria" حيث أشارت إلى أنَّ النادي يضم في جوانبه فرقاً مسرحية، وموسيقية، إضافة للرقص الشعبي، أمَّا بالنسبة لكرة القدم الأنثوية فتقصدنا تمَيّز النادي بوجود باكورة هذه اللعبة في المحافظة، خاصة في ظلِّ وجود ناديين عريقين هما "الكرامة" و"الوثبة"، واحتكار ممارستها على فئة الذكور، كما أنَّ خططنا تهدف لإنشاء فرق رياضية بألعاب غير متوفرة في نوادٍ أخرى، منها "كرة السلة" للإناث إلى جانب لعبة "كرة التنس"، وهذا ما نعمل جاهدين عليه، لكن الإعاقة تكمن حالياً في عدم توفر المنشأة الخاصة بالنادي والملاعب التدريبية اللازمة لذلك، ما حققه فريق سيدات كرة القدم خلال الموسمين الفائتين من نتائج مشرفة، يدعونا أكثر لتقديم كل الدعم اللازم لاستمرار مسيرته المميزة.

"محمد خير الكيلاني" الصحفي الرياضي يرى بأنَّه من الجيد انطلاقة كرة القدم الأنثوية في "سورية" بعدما أصبحت منتشرة في معظم دول العالم بحسب ما ذكر لموقع مدونة وطن "eSyria" ووجود فريق يمارس هذه اللعبة في مدينة "حمص" هو أمرٌ يشرّفها، خاصة بعد النتائج الإيجابية التي حققها على مدار الموسمين الأوليين للدوري الخاص بها، انتشار اللعبة بحاجة إلى وقت أكثر ليعتاد الجمهور الرياضي على متابعتها، وظهور أندية أخرى يعزز بالتأكيد روح المنافسة، وفرص الاحتكاك المطلوبة لتحقيق خبرة أكثر للاعبات، جهد المدرب "فادي سعد" بدا واضحاً مع الفريق خصوصاً وأنه يعمل بمفرده دون جهاز تدريبي مساعد له، وهذا أمر يحسب له، ومشروعه الحلم بوجود فريق لكرة القدم الأنثوية أصبح واقعاً ومسجلاً باسمه.