خصص الدمشقيون لشجرة الجوز عيداً سنوياً أطلقوا عليه "عيد الجوز"، ويصادف يوم 28 أيلول من كل عام، وهو مثبت بين الأعياد على الروزنامات التي تصدرها المطابع بداية كل عام ميلادي، فهو من الطقوس التي ترافقها دبكاته وأهازيجه الخاصة.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 أيلول 2014، "عباس نظام" صاحب محمصة لبيع الجوز والمكسرات، الذي حدثنا عن طقوس "عيد الجوز" بالقول: «هو عيد يحتفل به في "دمشق" في 28 أيلول من كل عام، وهو احتفال بنضج ثمار أشجار الجوز، عند دخول فصل الخريف يبدأ أهالي "دمشق" تحضير "مونة" الشتاء، وهي عادة درجوا عليها منذ عشرات السنين وتأتي في مقدمة المؤونة "المكدوس"، وكان في تلك الفترة ينتشر بائعو الجوز في أسواق العاصمة، ويعرضونه بشكل رائع، وحولهم نساء يسألن عن سعره، كما يسألن البائع السؤال التقليدي: "هل الجوز بلدي ومن حلبون؟" (قرية في ريف دمشق)، ويتفحصنه هل هو أبيض أم أسمر أم مخلوط؟».
كان السكان يقيمون حفلات جماعية في قرى "الغوطة" الشرقية والغربية التي تشتهر بزراعة الجوز حيث تجتمع نساء القرية، والصبايا، والأطفال، ويتعاونون جميعاً بتكسير ثمار الجوز، ونزع قشوره السميكة، ليتم فيما بعد بيعها لأسواق المدينة جاهزة للأكل، والاستخدام، وكان يرافق هذا اليوم دبكات، ورقصات شعبية تراثية
ويضيف: «شجرة الجوز من أقدم الأشجار التي تزرع في "دمشق"، وخاصة في بساتين "الغوطة"، وقد نالت ثمارها أهمية كبيرة لفوائدها الغذائية، والصحية، ودخولها في أغلب أنواع الحلويات والأكلات العربية، وفي أهم وجبة إفطار وهي "المكدوس"، والاستفادة الواسعة من خشبها في صناعة الأثاث، والمفروشات، وأبواب البيوت الدمشقية، وفي الكثير من التجهيزات، والأدوات الخشبية، وقشور ثمار الجوز أصبحت تستخدم في صناعة الصمغ والبلاستيك، وهناك الكثير من الأمثال الشعبية التي لاتزال متداولة بين "الشوام"، وتدخل فيها شجرة الجوز، ومنها:
"بس يطلع الكر ع الجوزة"،
"الله بطعمي الجوز للي ما إلو سنان"».
ويتابع حديثه عن طريقة قطف وجمع ثمار الجوز بالقول: «أشجار الجوز مرتفعة وعالية لذلك يقوم المزارعون بوضع قطع كبيرة من القماش تحت الأشجار، حفاظاً عليها من الأتربة ولسهولة تجميع الثمار، ويستعينون بعصا طويلة من الصفصاف يصل طول بعضها إلى أربعة أمتار، ويقومون بضرب حبة الجوز بالعصا، فتسقط الثمرة على قطع القماش، ولمعرفة الجيد من الرديء، يتم ذلك بواسطة هز حبة الجوزة قبل كسرها، فإن كانت خفيفة فربما تكون ذابلة، حيث يسمع لها صوت فرقعة داخلية، وإن كانت ناضجة فإن لها صوتاً مميزاً».
الباحث "محمد رمضان" يقول: «ليس هنالك وقت معروف لبدء الاحتفال بعيد الجوزة في "دمشق"، لكنه يعود لما قبل عام 1900 ميلادي، واختيار يوم الثامن والعشرين لأنه في ذلك اليوم تنتضج ثمار شجرة الجوز، وبالتالي جاء العيد ليترافق مع بدء موسم قطاف الجوز، وتقشير الثمار من قبل النساء في القرى، ومنهم من يرى أن العيد يوم 15 أيلول على التقويم الغربي».
ويضيف: «كان السكان يقيمون حفلات جماعية في قرى "الغوطة" الشرقية والغربية التي تشتهر بزراعة الجوز حيث تجتمع نساء القرية، والصبايا، والأطفال، ويتعاونون جميعاً بتكسير ثمار الجوز، ونزع قشوره السميكة، ليتم فيما بعد بيعها لأسواق المدينة جاهزة للأكل، والاستخدام، وكان يرافق هذا اليوم دبكات، ورقصات شعبية تراثية».
ويتابع حديثه بالقول: «ولشجرة الجوز في "دمشق" حكايات، فهناك حارة دمشقية في منطقة "ساروجة" تسمى "جوزة الحدبا"، وسبب تسميتها تلك أنه كان هناك شجرة جوز كبيرة "متحدبة" لها أغصان مائلة في وسط الحارة، وكان سكانها يركبون الحمير، والحناتير ليخرجوا منها وكانوا مضطرين للمرور تحت الشجرة حتى يعبروا بسلام فأطلقوا عليها هذا الاسم، كذلك هناك جامع قديم في منطقة "العمارة" سمي بجامع "الجوزة" وسمي بذلك لأنه بني بجانب شجرة جوز ضخمة».