قبل ظهور الملابس العصرية اعتاد أهالي "جبل العرب" على نوع خاص من الألبسة الشعبية حيث تعارفوا على أن جهاز العروس لا يقل عن أربع بدلات تفي حاجة العروس لتكون في المناسبات الاجتماعية بالزي العربي المناسب لذاك الزمن.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5/11/2013 جمعت معلومات عن الحالة الاجتماعية التي فرضت التقيد ببدلات أربع بألوان مختلفة لتكون منسجمة مع طبيعة الحياة التي تنتقل إليها العروس بعد الزواج ومزايا هذا الزي، وكيف اختلف بفعل الحالة الاجتماعية كما حدثتنا السيدة "سهيلة أبو عسلي" التي تجهزت بهذه الطريقة، وقالت: «للزواج تقاليد حافظ عليها أهالي "جبل العرب" لعقود طويلة وكان الاهتمام بجهاز العروس أي الملابس التي تحضر للعروس لتظهر بها في منزل زوجها، وارتبط جهاز العروس بالوضع الاقتصادي والاجتماعي للعريس وأهله، ففي حالة الغنى تتجهز العروس ببدلات أربع كاملة مع الفوطة (غطاء الرأس) والقميص الملون الذي ينسجم مع لون الفستان والمملوك القطعة المرافقة للفستان و"الدامر" أو الجاكيت كقماش مزركش وجميل، في حين يكون الجهاز على غير ذلك بالنسبة إلى من اختلفت ظروفه الاقتصادية من العائلات.

في مراحل قديمة كانت جهازات العرائس التي هي عبارة عن البدلات الأربع تقص على الطريقة القديمة لتخاط بالطريقة التقليدية لكن منذ منتصف القرن الفائت أخذت بعض العرائس تنتقي أقمشة لألبسة تنسجم مع العصر وتخصص واحدة للزي العربي والباقي فساتين عصرية ومن خلال متجرنا أخذ والدي المرحوم "صابر أبو سعدى" يستقدم أقمشة جديدة لهذه الغاية وأخذ طلب العرائس يقل للبدلة العربية يوم الزفاف، خاصة بعد توجه المجتمع للثوب الأبيض الذي كان حالة عصرية اتبعت في المجتمع، لكن بقيت نسبة من العرائس تضيف إلى الجهاز بدلة العربي المعروفة بقماشها الغالي والمزركش، لكن ومنذ سنوات مضت لاحظنا لدى بعض الأمهات والعرائس توجهاً إلى البدلة العربية وهناك صبايا فضلن الظهور في هذا الزي، لكن على طول العقود الماضية بقيت الأقمشة "العرايسية" متوافرة ولها طلابها خاصة في القرى، واليوم نجد من يطلب هذه القطعة الجميلة خاصة أن هناك خياطات حافظن على المهنة ويتمكن من خياطة بدلات جميلة ترضي العرائس مع العلم أن خياطة البدلة العربية للسيدات كبيرات السن بقيت رائجة ودارجة على مستوى المجتمع لغاية هذا التاريخ

وأتذكر أن لكل بدلة غاية ولم يكن التجهز بها دون مبرر حيث تكون بدلة بألوان زاهية وكما تسمى "عرايسية" ليوم الزفاف وبدلة سوداء لحضور مناسبات العزاء، والبدلتان الباقيتان للواجبات اليومية، مع أنني اشتريت ملابس عصرية لكن لبست الجهاز في كل المناسبات التي كنت أحضرها في المجتمع، وبشكل عام فقد كان زي العروس لافتاً للانتباه ويجب أن تكون متميزة بين النساء، وكانت الخياطات في ذاك الزمن يتقنّ خياطة البدلات مع الجاكيت المطلوب أو "الدامر" وهو على شكل الجاكيت الذي يصنع ويطرز بشكل يدوي جميل، وكانت الخياطات تنجزن هذه القطع قبل العرس على موديل واحد يخاط للعرائس بطريقة مميزة».

السيدة سهيلة أبو عسلي بالزي العربي

ومن الخياطات اللواتي أعددن جهازات العرائس على هذا الطراز السيدة "سمرة أبو حمدان" التي امتهنت الخياطة في مرحلة مبكرة من العمر وتعلمت الكثير عن جهاز العروس وما تحتاج إليه من قطع مرافقة حدثتنا عنها بالقول: «تختلف طرق التحضير للجهاز في الماضي عما نراه اليوم من تحضيرات عصرية، وكانت العرائس يزرنني مع الحماة والأم وبعض الخالات والعمات، ولا نستغرب ذلك إذا عرفنا أن سيدات العائلة أم العريس والعروس والقريبات يشاركن في زيارة السوق بما يسمى (قص الجهاز)، ليحضرن ويبدين الرأي في كل قطعة قماش للبدلات الأربع وليكون لكل منهن هدية عبارة عن قطعة قماش لبدلة عربي وهذا ما تعارف عليه أهل "الجبل"، ومهمة الخياطة خياطة هذه الأقمشة حسب الطلب، وقد درجت أنواع كثيرة من الأقمشة منها "المخمل" المفرغ بألوانه الزاهية و"الجرجيت" و"المقصب" وأنواع لا حصر لها وعلى أيامنا كانت كل عرائس "السويداء" تتجهز من محلات "سليمان أبو سعدى" وهي من أقدم المتاجر بينما كانت "دمشق" مقصد الأهالي قبل افتتاح هذه المحلات التي استمرت إلى يومنا هذا.

الجميل في الجهاز تلك العادات التي ترافقه فعندما يكتمل الجهاز تدعو والدة العريس الأقارب من السيدات لينتقلن إلى بيت والد العروس بالغناء والزغاريد لتقديم الجهاز وعرضه أمام الأهل وتقديم الهدايا إلى أهل العروس وأقاربها لتكون "تعليلة" أو سهرة فرح تشبه سهرات الزفاف، التي كانت تستمر عدة ليال تجمع الأهل والمحبين، وخلال حفلة الزفاف تظهر العروس بالبدلة المخصصة وترقص بطريقة متزنة لا تزيد عن الوقوف في الوسط بهذا الزي الجميل، وكل هذه البدلات تزداد جمالاً وإشراقاً مع الطربوش والفوطة على الرأس والأسوار والأطواق الذهبية، وفي مراحل لاحقة كنا نخيط ما يسمى الصدر حيث تكون قطعة بلون زاهٍ تزين الصدر ويكون لها طريقة خاصة لخياطة البدلة لتظهر جمال الصدر وتظهر جمال العروس».

الخياطة سمرة أبو حمدان

وعن كيفية تحول الجهاز من بدلات الزي العربي إلى الألبسة العصرية حدثنا السيد "خالد أبو سعدى" ابن التاجر "صابر أبو سعدى" صاحب أقدم متاجر القماش في المدينة التي تخصصت في جهازات العرائس وقال: «في مراحل قديمة كانت جهازات العرائس التي هي عبارة عن البدلات الأربع تقص على الطريقة القديمة لتخاط بالطريقة التقليدية لكن منذ منتصف القرن الفائت أخذت بعض العرائس تنتقي أقمشة لألبسة تنسجم مع العصر وتخصص واحدة للزي العربي والباقي فساتين عصرية ومن خلال متجرنا أخذ والدي المرحوم "صابر أبو سعدى" يستقدم أقمشة جديدة لهذه الغاية وأخذ طلب العرائس يقل للبدلة العربية يوم الزفاف، خاصة بعد توجه المجتمع للثوب الأبيض الذي كان حالة عصرية اتبعت في المجتمع، لكن بقيت نسبة من العرائس تضيف إلى الجهاز بدلة العربي المعروفة بقماشها الغالي والمزركش، لكن ومنذ سنوات مضت لاحظنا لدى بعض الأمهات والعرائس توجهاً إلى البدلة العربية وهناك صبايا فضلن الظهور في هذا الزي، لكن على طول العقود الماضية بقيت الأقمشة "العرايسية" متوافرة ولها طلابها خاصة في القرى، واليوم نجد من يطلب هذه القطعة الجميلة خاصة أن هناك خياطات حافظن على المهنة ويتمكن من خياطة بدلات جميلة ترضي العرائس مع العلم أن خياطة البدلة العربية للسيدات كبيرات السن بقيت رائجة ودارجة على مستوى المجتمع لغاية هذا التاريخ».

الجدير بالذكر وحسب الخياطات فإن تكلفة خياطة الجهاز كانت في مراحل قديمة لا تتجاوز تسع ليرات، وهذا سعر تتفق عليه الخياطات بينما اليوم لا يقل ثمن البدلة الواحدة "العرايسية" عن تكلفة فساتين السهرة العصرية، بالتالي فتكلفة الخياطة ارتفعت بشكل كبير وسعر متر القماش يعد بالآلاف.

السيد خالد أبو سعدى