في التراث الشعبي الحلبي حكايات وأمثال وأغانٍ شعبية تصور العلاقة المتوترة بين "الحماية" و"الكنّة".

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29/9/2013 التقت في "عفرين" العمة "زينب عبدو شيخ محمد" التي تحدثت حول علاقات التوتر بين "الكنة" و"الحماية"، وافتتحتها بهذه القصة الشعبية: «العلاقة بين "الكنة" و"الحماية" علاقة متناقضة ومستمرة عبر الزمن وقد ورد في التراث الشعبي ما تحدث عن ذلك.

ضمن هذه العلاقات المتوترة يظهر بعض من يقدم النصائح وعاقل من يسمعها، فيقولون لـ"الحماية": "هاي متل بنتك لازم تداريها"، ويقولون لـ"الكنة": "اشو بدك من بيت حماكي ولي! ما دام جوزك بحبك وبدو اياك"؟

ففي "عفرين" هناك حكاية شعبية شهيرة بهذا الخصوص مفادها أن العروس قبل أن يتم زفافها إلى بيتها الجديد تقوم بتحضير "جهازها" وألبستها وأغراضها الشخصية ومجموعة من المناديل القماشية التي صنعتها بيديها لتقديمها إلى أهل العريس وجيران وأصدقاء العريس الذين قدموا خدمات مهمة خلال العرس.

بقجة الصابون إحدى هدايا الكنة لحماتها في التراث الشعبي

خلال انهماكها بتحضير هذه الأغراض تسألها أمها: أين هدية "حماتك"؟ يجب أن تحضريها قبل كل الهدايا، فترد العروس قائلة: لم أفكر بهديةٍ لـ"حماتي" وهل يجب أن أحضّر لها هدية؟ تجيب الأم: نعم.

تقول العروس: وماذا عليّ تحضيره؟ تقول الأم: يجب أن تحضّري "زوّادة" خاصة- "بقجة" محلياً- تضعين فيها خيطاً وإبرة وقطعة صابون ومحرمة قماشية تسمى محلياً "دسمال".

العمة زينب عبدو شيخ محمد

تقول العروس ولماذا هذه الأشياء تحديداً؟ ترد الأم: الإبرة والخيط لكي تخيطي بها فم "حماتك" فلا تتدخل في حياتك الخاصة، والصابون رمز ستفهمه "حماتك" مباشرة ومعناه أن تغسل يديها من ابنها الذي صار ملكك وحدك، أما المحرمة "دسمال" فلكي يصبح زوجك مثلها، أي "دسمال" بين يديك دائماً بعد أن يترك أمه».

وتابعت العمة "زينب" حديثها: «في منزلها تزرع "الكنّة" زهرة معروفة في منطقة "عفرين" تسمى شعبياً "لسان الحماية" لأن أوراقها الطويلة والكثيرة ترمز إلى كثرة كلامها وطول لسانها.

الدكتور محمد حسن عبد المحسن -أديب

وهناك أمثال شعبية تتحدث عن لسان "الحماية"، فعندما تتأخر "الكنة" في تأدية واجبات منزلها تقول "الحماية" لجارتها التي تزورها: "البيت بصير بدون طحين بس الكنة ما بتصير بدون علكة"».

أما الدكتور "محمد حسن عبد المحسن" أديب متخصص في التراث الشعبي في "حلب" فتحدث عن علاقة "الكنة" بـ"الحماية" في الأدب الشعبي الحلبي بالقول: «من الهموم التي لا تكاد تخلو منها أسرة حلبية هي تناحر النساء القريبات بسبب الحسد أو الغيرة أو التنافس.

فـ"الحماية" لا تخفي ضيقها من "الكنة" كما في قول الحلبيين: "قالوا للحماية ما كنتي بزمانك كنة؟ قالت: كنت ونسيت".

أما "الكنة" فلا تكف عن اختلاق المشكلات ومن أغاني أهل "حلب" في هذا الخصوص: "يا ناس اسمعوا الفنة عالحماية والكنة".

وتكون العلاقات أشد توتراً بين "الحموات" فيقول الحلبيون في ذلك: كان "فلان عند أهلو معزّز مكرّم اشو خطرلو سكن في بيت أحماه"، وغالباً ما يكون سبب التوتر مناصرة أحد الأطراف في نزاع ما أو في أمر معين وقع فيقولون: "منو بشد مع العروس غير الماشطة وإمّا"، ومن كلامهم: "جوّز واحد بنتو لواحد وقلّو أنا ما جوزتك بنتي تتاكل عندك، بيتي والحمد لله خيرو كتير جوزتك ياها تتبسطا، فهمت".

وفي أغاني النقد الاجتماعي الشعبية وردت حول العلاقة بين "الكنة" و"الحماية" الأغنية التالية:

"حماتك إن حبيتيها / ومن السما زلتيها

دقات قلبك بتقلك / هاي عدوة اكرهيها

كرمال جوزك بتسايريها / وجوات قلبك بتبغضيها

عليها أن كنتي رضيانة / بس القلوب مليانة

لو تقدر قالتلك / بكلمة صغيرة صرحتلك

ما هو ممكن تحبيني / أنا كنت كنة قبلك

بغض الكنة للحماية / الدنيا كلها دورية"».

وختم بالقول: «ضمن هذه العلاقات المتوترة يظهر بعض من يقدم النصائح وعاقل من يسمعها، فيقولون لـ"الحماية": "هاي متل بنتك لازم تداريها"، ويقولون لـ"الكنة": "اشو بدك من بيت حماكي ولي! ما دام جوزك بحبك وبدو اياك"؟».