يعد من أقدم شوارع مدينة دمشق خارج السور على الإطلاق، بل لعله أهمها فهو على امتداد تاريخه كان مكاناً يحتضن أهم المباني الحكومية منذ العهد الأيوبي وإلى اليوم، إنه "شارع النصر".
مدونة وطن "eSyria" جالت الشارع بتاريخ "5/8/2012" والتقت السيدة "رجاء إيبو" من سكان حي القنوات والتي تحدثت بالقول: «بالنسبة لي يعد شارع "النصر" هو الشارع الأبرز بين شوارع دمشق، فأغلب المؤسسات الحكومية قريبة منه، وحتى الأسواق والدكاكين، لا أجد أي شارع في دمشق يتمتع بالأهمية التي يحملها هذا الشارع، ولكن لابد من الإشارة إلى التناقض الكبير الذي يعيشه هذا الشارع صباحاً ومساءً فازدحامه في بعض ساعات الظهيرة لا يطاق بينما خلوه من المتجولين بعد الساعة العاشرة ليلاً غريب، فرغم أنه في وسط دمشق ورغم أن الأحياء الدمشقية التي تحيط به لا تنام قبل ساعات الفجر الأولى؛ إلا أن هذا الشارع يصبح شارعاً عادياً بعد إغلاق مؤسسات الدولة ويخلو عن آخره فور إغلاق أسواق دمشق القديمة».
من الناحية التاريخية؛ دعيت هذه البقعة الجميلة المرتفعة والممتدة من باب النصر (عند مدخل سوق الحميدية) وحتى بداية المقابر الصوفية (في الحلبوني) في العصرين الأيوبي والمملوكي بمنطقة حكر السماق، وهي مطلة على مرج أخضر يمتد من مكان معرض دمشق الدولي سابقاً والتكية السليمانية في وقتنا الحالي إلى ساحة المرجة، وبالتدريج بدأت تأخذ أهميتها الرسمية بالنسبة لأهالي دمشق وولاتها وخصوصاً من بداية النصف الثاني للقرن التاسع عشر وحتى يومنا الحاضر
يحتضن "شارع النصر" القصر العدلي ومبنى الإذاعة القديم ومحطة الحجاز ومؤسسة عين الفيجة وغيرها من المؤسسات الرسمية وعدداً من المساجد كمسجد "تنكز" ومسجد "المولوية"، وعدداً من المقاهي وكثيراً من المكاتب والدكاكين، وهذا العدد الكبير من الفعاليات الاقتصادية والتجارية والرسمية الموجودة في الشارع -الذي لا يعد طويلاً- يدل على فعاليته، فطول الشارع لا يتجاوز 200 متر.
عند تجوالك في "شارع النصر" تجد أن معظم الأبنية المتواجدة يعود طرازها العمراني إلى أقل من "100" عام، حيث تم توسيعه عام /1916/ في أيام الوالي "جمال باشا" ليهدم بعض الأبنية التي كانت تطل على الشارع القديم ويعيد بناء الأخرى، وحمل الشارع اسم "شارع جمال باشا" لبضع سنوات قبل أن يتم تغيير الاسم بعيد دخول القوات العربية عبره إلى دمشق، وهنا يقول الأستاذ "عماد الآرمشي" الباحث المهتم بالدراسات العربية والإسلامية لتاريخ دمشق عن تاريخ هذا الشارع: «بدأ يأخذ مكانته الحيوية حين صار في عام "1864" طريقاً هاماً يصل ما بين السرايا القديمة -أو ما كان يعرف (بدار السعادة) وهي مكان قصر العدل اليوم- وبين سكن الموظفين الأتراك (ذوات الطبقة الأرستقراطية) القاطنة في محلة القنوات.
مع وصول "جمال باشا السفاح" إلى سدة الولاية الشامية وتحديداً في عام "1914" أخذ على توسعته، فقضم المباني والبيوت القائمة على طرفيه وضمها للشارع، فصار أول شارع رسمي تم شقه في دمشق وأخذ صبغة رسمية -"ميرية"- بعد أن تم تسميته باسم والي الشام وقائد الجيش الرابع التركي "جمال باشا"، وتبدل اسمه من اسم شارع "جمال باشا" إلى اسم "شارع النصر" وذلك إبان عهد الحكومة العربية الفيصلية سنة 1919 للميلاد، إما نسبة إلى "باب النصر" الذي كان متواجداً على تخوم سوق الحميدية -هَدَمَ هذا الباب الوالي العثماني محمد رشدي باشا الشرواني سنة "1864" للميلاد-، أو ربما لانتصار الثورة العربية على جمال باشا السفاح فصار اسمه شارع النصر».
لا تقتصر أهمية شارع النصر على المباني الرسمية التي يحتضنها، بل هو شارع استراتيجي بحد ذاته فهو يبدأ شرقاً من السور الغربي لقلعة دمشق مطلاً على جادة السنجقدار، وأثناء سيرك في هذا الشارع يطل عليك زقاق "رامي" الذي يتقاطع مع شارع النصر من الشمال، أما من جهة الجنوب وفي منتصفه تقريباً فيتقاطع مع شارع "خالد بن الوليد" -المدخل الأساسي لحي القنوات-، وفي نهايته فيتفرع شارع النصر إلى ثلاثة طرق رئيسية، الأول يتجه شمالاً إلى جسر فكتوريا وساحة المحافظة ويسمى (نزلة العباسية)، والثاني يتابع غرباً ويوصلك إلى جسر الرئيس وحي الحلبوني وأحياء منطقة البرامكة، أما الثالث فيتجه جنوباً باتجاه حي زقاق الجن وأحياء القنوات، وكل ما ذكر من جادات وأزقة وأحياء وساحات له أهمية كبيرة في دمشق نظراً لأن معظم المباني الحكومية والمؤسسات الرسمية تنتشر في هذه البقعة الجغرافية المحدودة».
الأستاذ "عماد" تحدث عن شارع النصر قبل أن يصبح شارعاً حيث قال: «من الناحية التاريخية؛ دعيت هذه البقعة الجميلة المرتفعة والممتدة من باب النصر (عند مدخل سوق الحميدية) وحتى بداية المقابر الصوفية (في الحلبوني) في العصرين الأيوبي والمملوكي بمنطقة حكر السماق، وهي مطلة على مرج أخضر يمتد من مكان معرض دمشق الدولي سابقاً والتكية السليمانية في وقتنا الحالي إلى ساحة المرجة، وبالتدريج بدأت تأخذ أهميتها الرسمية بالنسبة لأهالي دمشق وولاتها وخصوصاً من بداية النصف الثاني للقرن التاسع عشر وحتى يومنا الحاضر».