"الكفل" عند أبناء حوران يعتبر أهم الأمور السائدة بالأعراف العشائرية، يزيل حدة التوتر بين سكان المنطقة، من خلال الالتزام بأداء الحق ورفع الأذى وحماية المكفول، وهو العمود الأساسي للقضاء العشائري، لكونه الذراع التنفيذية لقرار القاضي، فالقاضي يحكم والكفيل يضمن تنفيذ الحكم.

كلمة "الكفل" أو الوجه تستعمل في المنازعات والخلافات التي تنشب بين أفراد المجتمع وهنا يقول السيد "أحمد العبد الحريري" لموقع eDaraa: «جرى العرف لدى العشائر باستعمال كلمة "الكفل" أو الوجه في المنازعات والخلافات التي تنشب بين أفراد المجتمع، والذي يكفل أو يضع وجهه يعني إنه ملزم بكل ما يترتب على القضية، ويصبح المكفول في دخالة هذا الرجل وعشيرتة، ولا يلحق به ضرر من خصمه، وفي نفس الوقت إذا كان لخصم الدخيل حق عند الدخيل، فان الكفيل ملزم بتحصيل حقه وإعادته له».

جرى العرف لدى العشائر باستعمال كلمة "الكفل" أو الوجه في المنازعات والخلافات التي تنشب بين أفراد المجتمع، والذي يكفل أو يضع وجهه يعني إنه ملزم بكل ما يترتب على القضية، ويصبح المكفول في دخالة هذا الرجل وعشيرتة، ولا يلحق به ضرر من خصمه، وفي نفس الوقت إذا كان لخصم الدخيل حق عند الدخيل، فان الكفيل ملزم بتحصيل حقه وإعادته له

ويقول السيد "هشام حرفوش" أحد المهتمين بالتراث الحوراني عن الكفل في عرف أبناء حوران: «المعروف أثناء وقوع أية مشكلة أن يطلب رئيس الجاهة والمتحدث باسم الجاني، كفيلاً يكفل له شروط الصلح "كفيل الدفا"، ويطلب من الذين قبلوا المصالحة "كفيل الوفا"، وبعد ذلك يتم الصلح وينهض كفيل العشيرة المعتدية ويرفع راية بيضاء على عمود بيت الشعر شكراً لأهل المعتدى عليه، وراية يقوم بتسليمها لكفيل الدفا، والذي بدوره يعلن التزامه بحماية الجاني وعشيرته، ويسلمها بدوره إلى "كفيل الوفا" الذي بدوره يعلن عن استعداده لدفع كل ما تم الاتفاق عليه.

الشيخ خلف السبروجي البجاري

وتصب فناجين القهوة ليشرب جميع أفراد الجاهة، وتقوم الجاهة وهم يرفعون الرايات البيضاء طوال مسيرهم في طريق عودتهم إلى مكان سكنهم، ويهدف تدخل الكفلاء في أي خلاف أو مشكلة عشائرية، إلى إعادة توازن المجتمع عن طريق إرغام الخصم القوي على اتباع الأعراف والتقاليد، كما يفعل الخصم الضعيف سواء بسواء، أي إنها ترمي إلى إحقاق العدالة بين أفراد المحافظة، وعشائرها بغض النظر عن مدى قوة كل طرف، والغاية من تدخل الكفلاء وموافقتهم على كفل المتخاصمين، إعادة سيطرة العادات البدوية وتطبيقها لحل الخلافات والمنازعات الفردية والجماعية، وإزالة حدة التوتر بين سكان المنطقة».

وعن أنواع "الكفل" عند أبناء العشائر وكما هو سائد بالأعراف العشائرية يقول الباحث في التراث "إبراهيم الشعابين": «هناك عدة أنوع للكفيل أهمها والمعتمدة لدى العشائر "كفيل المنع أو الدفء" والمقصود بكفيل الدفء أن يحمي الشخص الذي كفله من أن يعتدى عليه، ويمنع الضرر عنه حتى تعالج القضية وينتهي النزاع، وأيضاً "كفيل الوفاء أو الدفع" وهو الشخص الذي يلتزم بدفع ما يترتب على صاحب القضية لكل ما يترتب عليه من أمور مادية، والشخص الذي كفله، ومن أنواع الكفل أيضاً كفيل "جمع وإحضار" وعمله الأساسي جمع المتخاصمين في بيت الملم في الميعاد، إلا إذا كانت هناك شروط أخرى وقت تعيينه، مثل "إذا غاب خصمي تقعد لي مكانه"، وهذه الشروط ملزمه إذا وافق الكفيل عليها عند ربط العلم "تبديل عرض بعرض".

مجالس يتداول فيها موضوع الكفل

ومن أنواع الكفل "كفيل فك رزقة وحق" وهذا يضمن من كفله بأن يدفع الحق الذي يشرعه القاضي وأيضاً رزقة خصمه، وأيضاً هناك نوع كفيل "كفلا" وهو كفيل يعين على الكفلاء في كبار الطلايب لضمان الوفاء، ولا أنسى "كفيل نحايه" ومعناه تنحية طرف عن طرف أي إبعاده، وهذا الكفيل يعين زيادة على كفلاء الحق، وعمله إبعاد طرفي الخصومه أحدهما عن الآخر بعد تشريع الحق، وألا يتعرض بعضهم لبعض، وأخيراً كفيل "حقيقه" وهذا الكفيل يطلبه المتهم لخطأ في حق آخر».

الطريقة التي يتم فيها تعيين الكفيل حدثنا عنها للموقع الشيخ "محمد النجم الخالدي" بالقول: «عندما تقع أي مشكلة بين طرفين، يتدخل طرف ثالث تبرعاً منه أو بتكليف من أحد الأطراف ويقوم بأخذ العطوة العشائرية من الطرف المتضرر أو المعتدى عليه لحساب الجاني أو المعتدي، ويتكفل بكل ما يترتب على هذه المشكلة، إذ إن الكفيل ضامن ويعين أمام الطرف المتضرر ورضاه. وتفرض عقوبات صارمة وغرامات مالية كبيرة على كل من لم يلتزم بوجوه الكفل إذا نكث بما اتفق عليه، وهذه الأمور تسمى" تثليم الوجه" وقيام الوجه والدخالة والجيرة تسمى تبييض الوجه، وهذه المصطلحات المتعارف عليها عند العشائر تكلف صاحب القضية الكثير إذا لم يلتزم بها».

الباحث محمد فتحي المقداد

وعن أهم أنواع الكفل والمتداولة حالياً في جميع الخلافات والشروط التي يجب أن تتوافر في الكفيل يقول السيد "خلف السبروجي البجاري": «يشترط في الضامن أو الكفيل الصدق والوفاء. وأن يكون محايداً وليس من خمسة الخصم، وحالته المادية ميسورة توحى بالقدرة على السداد. وألا يكون قد قصر في كفالة سابقة، أما الشخص الصادق الوفي فلا يطلب منه ضامن ولا كفيل، بل يؤمن على المال بلا شاهد. وأثناء الإعلان عن الصلح تطلب لجنة الصلح بعدها الكفلاء الأساسيين في عملية الصلح والمحافظة عليه وعدم الاختراق والنكث بالصلح، وهم كفيل "وفا" وهو الذي يضمن التعويض المتفق عليه، ومتعارف عليه اليوم بإسقاط الحق الشخصي أمام المحاكم، والكفيل الثاني هو كفيل "دفا" وهو الذي يضمن الطرف الآخر بألا يقوموا برد فعل أو بنقض الصلح، كفيل الدفا يطلب من أهل المجني عليه سواء أكانوا من عشيرتهم أم من خارجها أم من الوساطة ذاتها».

الكفل هو الالتزام بأداء الحق ورفع الأذى وحماية المكفول وهو العمود الأساسي للقضاء العشائري وهنا يقول الباحث في التراث "محمد فتحي المقداد": «يتم الكفل في جلسة القضاء أو في بيت الملم، يطلب القاضي من المتخاصمين أن يتكافلوا ولا يجوز رفض الكفيل المستوفي لشروط الكفل، ومن أهم ما يجب أن يتوافر في الكفل انه لا يجوز تكفيل المرأة. والكفل هو الالتزام بأداء الحق ورفع الأذى وحماية المكفول وهو العمود الأساسي للقضاء العشائري، لكونه الذراع التنفيذيه لقرار القاضي، فالقاضي يحكم والكفيل يضمن تنفيذ الحكم، فإذا لم يدفع الخصم المدان ما عليه يتولى الكفيل الدفع بدلاً منه، وله أن يسوق حلاله ويجبره على دفع الحق، ويقاضيه، لأن الخصم الرافض لأداء الحق هو الذي عيّن الكفيل أصلا فلا يحق له أن يسود وجه كفيله الذي رضي أن يكفله، ومن هنا جاءت أحقية الكفيل بأن يتخذ كل الوسائل العرفية ضد مكفوله ليتمكن من أداء الحق الذي تعهد بأدائه. ولذا فان للكفيل الحق في أخذ عشر المال الذي يحصله من مكفوله، ويسلم باقيه للخصم الذي له الحق ويسمى هذا المبلغ "مصالح الكفيل"، ومن مصالح الكفيل أيضاً مبلغ من المال عند الثوارة أي عند "الشفة على الكفيل" مطالبة الكفيل بتحصيل الحق».