على طريق مدينة "شهبا" ليدخل تاريخها المشرق صفحة حزينة، بين قريتي "مردك وسليم" وقع حادث أليم أودى بحياة شيخ عقل طائفة الموحدين "أحمد سلمان الهجري" وهو لم يبلغ بعد عقده السادس من العمر.
«قبل ربع قرن تسلم سماحة الشيخ "أحمد الهجري" مقاليد مشيخة العقل لطائفة الموحدين بالسويداء، بعد وفاة والده المرحوم الشيخ "سلمان الهجري"، وهو سليل عائلة مشيخة العقل منذ أكثر من ثلاثة قرون»، الحديث كان للباحث التاريخي المستشار القاضي "ربيع حميد زهر الدين" لموقع eSwueda بتاريخ 24/3/2012 وتابع بالقول: «ولد المرحوم الشيخ في قرية "قنوات" مع بداية الخمسينيات من القرن الماضي، فهو سليل عائلة الهجري التي لها مع التقوى والورع شأن، فقد كان جده الشيخ "أبو حسين ابراهيم الهجري" رحمه الله من أسس لمشيخة العقل في جبل العرب، ثم جاء المرحوم الشيخ "حسن الهجري" ثم الشيخ "أحمد" الجدّ، ثم الشيخ "ابراهيم" ثم الشيخ "سلمان" ليتسلم الشيخ "أحمد" من بعد والده الشيخة عام 1989 فقد تمتع بالحلم والورع والهدوء والحكمة، وعمل على نشر السلام والوئام وشارك في العديد من الملتقيات والمؤتمرات الدينية الفاعلة في ترسيخ قيم اللحمة الوطنية ونبذ الطائفية، عرف عنه- رحمه الله- بأنه من رجالات الحلم والصبر».
قبل ربع قرن تسلم سماحة الشيخ "أحمد الهجري" مقاليد مشيخة العقل لطائفة الموحدين بالسويداء، بعد وفاة والده المرحوم الشيخ "سلمان الهجري"، وهو سليل عائلة مشيخة العقل منذ أكثر من ثلاثة قرون
وعن علاقته بأبناء الوطن بيّن سماحة الشيخ "حسين جربوع" شيخ عقل طائفة الموحدين بالقول: «تعتبر وفاة سماحة الشيخ "احمد الهجري" خسارة وطنية ودينية، ذلك لأنه جسد القيم الإنسانية والأخلاقية الاجتماعية التي تحلى بها أبناء سورية عموماً وجبل العرب خصوصاً فهو سليل عائلة دينية لها مع التاريخ شأن في التقوى والصلاح والنضال الوطني، عملنا معاً منذ ما يقارب ربع قرن في مشيخة العقل لطائفة الموحدين، وكان محباً صادقاً يسعى لنشر ثقافة التسامح والمحبة والوفاء للأرض والوطن، وتعتبر حادثة وفاته أليمة بين قريتي "مردك وسليم" وهو يقوم بواجبه الديني في إحدى قرى مدينة "شهبا"، رحم الله الشيخ "أحمد الهجري" ومسح براحة السلوان أهله وأسرته صبراً، ولنا في أسرته العريقة السند من بعده في حمل راية الحق والوفاق، إنا لله وإنا إليه راجعون».
وحول مناقب المرحوم الشيخ "أحمد الهجري" بين شيخ عقل طائفة الموحدين الشيخ "حمود الحناوي" بالقول: «كان خبر وفاة المرحوم الشيخ "أحمد الهجري" أليماً على مسامعنا ومشاعرنا، فهو شيخ عقل طائفة الموحدين منذ حوالي ربع قرن، تمتع بالخصال الحميدة والصفات الوفية لمهامه الدينية والاجتماعية والوطنية، عمل على ترسيخ المبادئ والقيم النبيلة الموروثة عن آبائه وأجداده والتي عرفت بالتقوى والصلاح والفضيلة، إذ كرس النهج الأخلاقي والقيمي المكتسب من داره في "قنوات" والتي ضمت شخصيات دينية "لآل الهجري" المعروفة بالورع والزهد والمحبة والصفاء، وقد عمل على تثبيت دعائم تلك القيم بكل تفان وإخلاص، وفقدانه يشكل خسارة دينية وطنية لأبناء سورية عموماً ولأهل الجبل وطائفة الموحدين خصوصاً، رحم الله الشيخ "أحمد" سائلين المولى عز وجل الرحمة والرضوان وأن يسكنه فسيح الجنان».
وفي حديث سابق معه- رحمه الله- عند تسلمه درع الجامعة السورية الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا من قبل رئيس الجامعة مؤكداً نشر ثقافة الوحدة الوطنية والإخاء الديني قال: «أعتقد أن واجب رجال الدين هذه الأيام كبير في نشر ثقافة جديدة هي ثقافة الإخاء الوطني والتعايش المشترك وطرد البغض والحقد والفتن، لأننا كرجال دين من مختلف الأطياف علينا أن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً في مواجهة الأعداء المتربصين لزرع براثن الطائفية في بلد الرسالات السماوية، وبلادنا العربية هي مهد الحضارات والديانات، فقد حاول عدونا أن يدخل في مجتمعنا فتنة رخيصة عن طريقة الطائفية ولكنه فشل، فهو لم ينجح في الماضي ولا في الحاضر، حيث استطاع ثوارنا الأمجاد في الماضي أن يجسدوا معالم البطولة بشعار "الدين لله والوطن للجميع"، واليوم بالوحدة الوطنية والتكاتف الوطني والسعي لإصلاح ذات البين في كل فئات المجتمع لأننا على يقين من أن أبناء الوطن من شماله إلى جنوبه هم أبناؤنا نحن، وكل عربي ينطق الضاد ويدخل أرض الوطن فهو ابن سورية التاريخ، ولهذا كان تكريم الجامعة السورية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا بدرعها شرف كبير لنا كي نساهم جمعياً رجال الدين وأصحاب العلوم من باحثين ومتخصصين في بناء الوطن الواحد».
الجدير بالذكر أن وزارة الأوقاف ومشيخة عقل طائفة الموحدين بسورية نعت المرحوم الشيخ "أحمد سلمان الهجري" بعد وفاته بساعات قليلة، وسوف يشيع جثمانه الطاهر يوم الثلاثاء الواقع في 27/3/2012 عند الساعة الثانية عشرة ظهراً في الملعب البلدي بمدينة السويداء، وهو لم يبلغ العقد السادس.