نتيجة لعدم التوافق أحياناً مع متغيرات البيئة تبرز كثير من الأحداث المواقف التي تقود إلى ظهور اضطرابات سلوكية أو مشكلات نفسية واجتماعية، وبناء على ذلك تعاظمت مسؤولية الإرشاد النفسي الذي تركز برامجه وخدماته واستراتيجياته الإنمائية والوقائية والعلاجية على رعاية النمو السليم للفرد والارتقاء بسلوكه، وتعديل النماذج السلوكية غير المرغوب فيها وتوجيهها بما يتلاءم مع قدرات الفرد وميوله، بحيث أصبحت الحاجة ماسة إلى التوجيه والإرشاد في مدارسنا وأسرنا والمجتمع بشكل عام.

كان التوجيه والإرشاد فيما مضى موجوداً ويمارس دون أن يستند إلى أسس علمية وبرامج إرشادية منظمة، ومع تقدم الحياة وتطور الإرشاد النفسي، أصبح له أسس ونظريات ومجالات وبرامج وتقنيات..

لقد لاحظ ندرة المؤلفات الأصلية في نظريات الإرشاد النفسي والتشابه من حيث المضمون من جهة أخرى، وتطابق مضمون بعضها أحياناً، كما نشعر بندرة البحث في هذا المجال، لكن الدكتور "كمال بلان" استطاع أن يبحث في هذه النظريات التي تعتبر غابة متنوعة من الأشجار، ويجد التوافق والاختلاف وأوضح النظريات بمؤلفات له تجاوزت عدة كتب، باحثاً في تشعباتها و فلسفاتها وأهدافها ومفاهيمها وطرائقها مع الاستفادة من جميع النظريات السابقة

تقول المعلمة "ماري الشماس": «يلعب الإرشاد النفسي في المدارس دوراً هاماً في تنمية شخصية الطالب ومساعدته على حل المشاكل التي يتعرض لها، من خلال التوجيه والإرشاد وإدراك المرشد للمسترشد، حيث شكلت العديد من الحالات في المدارس وكان للمرشد النفسي دور في حلها، وفي الآونة الأخيرة لوحظ اهتمام كبير في تطوير مفاهيم الإرشاد وتأهيل كوادر مناسبة وإدخالها في صفوف التعليم والمدارس، إذ يمارس أخصائيون نفسيون بعد أن يتم إعدادهم في الجامعة ويخضعون لدورات تدريبية متخصصة في الإرشاد والعلاج النفسي، دوراً هاماً في صفوف المدارس ولفئات عمرية مختلفة، ونظريات الإرشاد النفسي قاعدة وانطلاقة لهم لإدراك المسترشد ذاته وتكوين نظرة صحيحة عن العالم الذي يعيش فيه».

المعلمة ماري الشماس

حول الإرشاد النفسي موقع eSwueda التقى الأستاذ الدكتور"كمال بلان" رئيس قسم الإرشاد النفسي في جامعة دمشق بالحوار التالي:

  • ما علاقة الإرشاد بالمجتمع؟
  • الأستاذ الدكتور كمال بلان

    ** إن كل إنسان أو جماعة بحاجة إلى التوجيه والإرشاد، حيث إن كل فرد خلال مراحا نموه المتتالية يمر بفترات حرجة ومشكلات عديدة يحتاج فيها إلى إرشاد، ونعلم أهمية التطور العلمي والتكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم ويترافق مع تطور في التعليم ومناهجه وزيادة في أعداد الطلاب والتغيرات في المهنة والعمل ونستطيع القول: "إن العصر الحالي الذي يعيشه العالم هو عصر القلق"، والقلق يتجلى في توقعات المستقبل من حيث الدراسة والعمل للطالب الذي سيدخل مجال الحياة، والقلق لتكوين أسرة ومسيرة الحياة لاسيما أن الرفاهية بدأت تحيط بالمجتمع والقلق أيضاً من تهديد التعامل مع الحاسوب بتقنياته الحديثة ومن لا يتقن العمل على الحاسب في العصر الحاضر أمي.

  • ما تأثير نظريات الإرشاد النفسي في العملية التربوي؟
  • الاستاذ معن جابر

    ** إن هدف العملية التربوية تنمية شخصية الطالب من الجوانب كافة والعمل على تحقيق التوافق بينه وبين المدرسة بصورة خاصة وبينه وبين المجتمع بشكل عام ونلاحظ أن التربية تواجه تحديات كثيرة من ثقافية واقتصادية وتكنولوجية وبيئية تتداخل وتتضاعف لتشكل وضعاً تربوياً غاية في تعقيد فقد اقتحمتها تكنولوجيا المعلومات ببدائلها وتعقيداتها لتحملها مسؤوليات مضاعفة، وأصبح توفير تعليم للجميع وزيادة فعاليته وإنتاجيته يشكل الاهتمام الرئيسي للتربية كما أن رفع مستوى التحصيل للطالب يعتبر هاماً لأنه مرتبط بالتوافق النفسي والدراسي والاجتماعي والصحي والعائلي للطالب وذويه. وهذا يستدعي التعرف على قدرات الطلاب وميولهم واستعداداتهم ومشكلاتهم ومساعدتهم على التكيف السليم وتوجيهيهم، دراسياً ومهنياً، ولهذا تعاظمت مسؤولية الإرشاد النفسي والتربوي في العملية التربوية من حيث تناولها مشكلات سوء التوافق النفسي والاجتماعي عند الطلبة والمساهمة في حل هذه المشكلات لتحسين العمل التربوي ورفع إنتاجية التحصيل الدراسي للطلبة.

  • هل واجه المرشد النفسي مشاكل لدى الطلاب في المدرسة وكان له الدور في حلها؟
  • ** نعم تواجه الطلبة في كل دول العالم ومنها سورية مشكلات متعددة تتعلق بشخصية الطالب أو ببيئته الأسرية أو علاقته مع الآخرين أو مع المنهاج، ولهذا نرى أن المشكلات تختلف عند الطلاب بعدة متغيرات منها اسبب المشكلة التي تختلف من طالب لآخر، فهذا الطالب يعاني من فشل دراسي وهذه الفتاة تعرضت لصدمة عاطفية وذاك طالب بعاني من تفكك أسري وهكذا وتأتي شدة المشكلة التي تكون عند أحد الطلاب بسيطة يتم تجاوزها بسرعة وأخرى تؤثر على شخصية الطالب بأكملها وقد توصله في بعض الأحيان إلى المرض النفسي، كما أن موقف الطالب من المشكلة له دور كبير في هذا المجال حيث يختلف فيما بينهم في مواقفهم، وهذا دليل على اختلاف شعورهم بالمعاناة، فبعضهم يبقى متفائلاً رغم المأساة وآخر يحول المعاناة إلى إنجاز وثلاث يستمد الشعور بالمسؤولية من المعاناة ليغير ذاته نحو الأفضل لمواجهة الحياة ورابع يستسلم للمشكلة ليغوص في أعماق التشاؤم، ولهذا جاء دور المرشد النفسي في مساعدة طالب على فهم ذاته أولاً وفهم الآخرين ثانياً ومساعدته على إدراك مشكلته ومساعدته على حلها، والملاحظ إن المرشد النفسي يساهم في حل المشكلة لأن الطالب هو صاحب المشكلة وهو صاحب الحل بمساعدة المرشد.

  • ما دور المرشد في حل مشكلات الطلاب؟
  • ** الدور الأول للمرشد هو الدور النمائي، والذي يأتي من خلال المحاضرات العامة والنشاطات المختلفة إلي تساهم في نمو شخصية الطالب النمو المتوازن والمتكامل، والدور الثاني هو وقائي والذي يأتي من خلال شعور المرشد بأن هناك مشكلات قد تتفشى في المدرسة أو متفشية عند بعض الطلاب، بهدف وقاية الآخرين من هذه المشكلة والمثال على ذلك التدخين حيث يقوم المرشد بحملات توعية يبين فيها مضار التدخين الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، أما الدور الثالث هو العلاج النفسي من خلال تشخيص مشكلة معينة يتعرض لها طالب كسرقة مثلاً أو الاكتئاب ويقوم المرشد بتهيئة سبل العلاج النفسي لهذا الطالب أو ذاك، والدور الأخير قليل في المدارس لأن العلاج النفسي يحتاج إلى تخصص عميق.

  • في ظل الثورة الثالثة ما أهم النظيرات التي ترون أنها مناسبة في إدراجها بخطط التربية؟
  • ** لكل نظرية في الإرشاد النفسي إيجابياتها وسلبياتها وعلى المرشد النفسي أن يعي هذه النظريات ويستخدم واحدة منها أو أكثر في حياته العملية، وبرأي أكثر نظرية واقعية وموضوعية هي نظرية الإرشاد بالواقع وهي تهدف إلى مساعدة المسترشد على الشعور بالمسؤولية من خلال مسؤوليته الشخصية ومساعدته على تحقيق الهوية الناجحة، كما تعلم هذه النظرية طريقة العيش في الحياة أو التعامل مع الحياة وترفض جبرية السلوك وترى أن الطلاب عقلانيون أحرار في قدرتهم على توجيه حياتهم، والتعاسة والمعاناة والشخصية عند الإنسان هي نتيجة لعدم المسؤولية وليس سبباً لها، وتركز على هوية النجاح حيث أن الفرد يرى نفسه ويعرف نفسه أنه ماهر ومقتدر وأن له أهميته في الحياة ويملك القدرة على تأثير في البيئة المحيطة، ولكي تتحقق هوية النجاح لا بد للفرد من أن يُحِب ويُحَب وأن يشعر بأهميته، وتثق بشكل كبير في قدرة الطلاب على تحديد خبراتهم التعليمية ومساعدتهم في اتخاذ قرارات جيدة حول المناهج الدراسية والحياة المدرسية.

    وحول الاهتمام بنظريات الإرشاد بين الأستاذ "معن جابر" الموجه التربوي في مدارس السويداء بالقول: «لقد لاحظ ندرة المؤلفات الأصلية في نظريات الإرشاد النفسي والتشابه من حيث المضمون من جهة أخرى، وتطابق مضمون بعضها أحياناً، كما نشعر بندرة البحث في هذا المجال، لكن الدكتور "كمال بلان" استطاع أن يبحث في هذه النظريات التي تعتبر غابة متنوعة من الأشجار، ويجد التوافق والاختلاف وأوضح النظريات بمؤلفات له تجاوزت عدة كتب، باحثاً في تشعباتها و فلسفاتها وأهدافها ومفاهيمها وطرائقها مع الاستفادة من جميع النظريات السابقة».