هو شخصٌ لا يزال المعاصرون للعبة الساحرةِ المستديرة يذكرونه، إذ تنحدر ذكراه من أيام الزمن الجميل، أحب كرة القدم فأحبته ومنحها وقته فمنحته اسمها، شارك في صناعة البطولات التي لا يزال أهل المحافظة المعاصرون يتغنون بها، فحق له أن يكون أحد الوجوه التي لن ينساها التاريخ الرياضي.

هو مدير مدارس الأمل الخاصة في "الحسكة" الأستاذ "إلياس موسى ميرو"، زاره موقع eHasakeh ليرجع معه إلى أيام التألق حيث قال: «أنا كأي لاعب قديم أو حديث بدأت باللعب مع الفرق الشعبية، هذه الفرق كان لها تأثير كبير في الستينيات من القرن الماضي، حيث قدمت اللاعبين لأربع فرق في ذلك الوقت مثل نادي "الحسكة، الجزائر، الشباب العربي، الخابور"، وأذكر أنه كان هناك كشافون يبحثون عن اللاعبين المتميزين في الفرق الشعبية ليضموهم إلى الأندية، في عام 1960 كنت من المحظوظين حيث تم ضمي إلى نادي "الحسكة"، كنت آنذاك أصغر لاعب في الدرجة الأولى، لعبت أول مبارياتي ضد نادي "الشباب العربي، سجلت خلال هذه المباراة أول هدف في حياتي أمام جمهورٍ كبير، حيث كان له وقع لم أنسه حتى هذا اليوم، ثم تدرجنا في نادي "الحسكة" حتى صُنفنا بين أندية الدوري الممتاز عام 1966، في هذا الوقت أصبحت أحد اللاعبين الأساسيين في النادي».

كان لأخي الدكتور "يعقوب ميرو" ميلٌ قوي تجاه كرة القدم، وكان والدي من أكثر المشجعين للفريق، فلم يُعارض على أن ينضم ليلعب معنا، هنا جاء دوري في تشجيعه وأخذه للتدريب، لكن المميز أن أخي تألق بالملعب حتى أطلق عليه لقب "بيليه"، إذ كان أصغر لاعبي القطر قاطبةً، وما أن تصله الكرة في منطقة الستة عشر حتى تستقر في المرمى، وكان ينفذ كل ضربات الجزاء ولا أذكر أنه هدر منها إلا كُرةً إلا واحدة، وقتها أصبت إصابة بالغة نقلت على إثرها إلى المستشفى، وقد أسندت إليه ضربة لكنه فوتها بسبب خوفه عليّ، فقد كان صغيراً وقتها لذا تشتتت أفكاره أخطأ الهدف

يضيف "ميرو": «في هذا العام أي 1966 كنت ألعب أيضاً في منتخب جامعات القطر، وخضت العديد من المباريات داخل القطر وخارجه حملت خلال هذه الفترة أهم الذكريات في حياتي، ففي نفس العام حصلنا على بطولة المحافظات وسافرنا إلى "العراق"، افتتحنا معلب الشعب الدولي، لعبنا وقتها ولأول مرة على الأضواء الكاشفة، خضنا هناك ثلاث مباريات مع منتخب "العراق" الذي كان قد أحرز مؤخراً بطولة العرب وأحرزنا نتائج متميزة، من جهةٍ أخرى كان نادي "الحسكة" حصان الدوري الممتاز وكان يُحسب لنا حساب على أرض الملعب لا يُحسب لغيرنا، حيث كان من الصعوبة بمكان أن يفوز أي ناد عندما تكون المباراة على أرضنا، الأمر الذي جعل المحافظة معقل الكرة السورية، كما قدمنا للكرة لاعبين متميزين ليس على المستوى الوطني فحسب بل على مستوى الوطن العربي».

الياس ميرو يرتدي الزي الرياضي

يتابع "ميرو": «لم يتعرض النادي طوال وجوده في الدوري الممتاز إلى الهبوط، فغالباً ما كان ترتيبنا في المنصف أو في مصاف الفرق المتقدمة، هذا بفضل الانتماء الحقيقي للمحافظة ومن خلفها النادي، وهنا تكمن الفكرة فأنت عندما تُقدم كل ما تملك دون مقابل ستُحقق الكثير دون كلل أو ملل، فالانتماء كان ضرورياً بسبب الوضع الاقتصادي المتدني للفرق في ذلك الوقت، والاعتماد الأساسي للنادي كان على الاشتراكات الشهرية، وتبرعات القادرين من أبناء النادي حصراً، لذا كنا نؤمِّن كل حاجتنا بأنفسنا بالرغم من ظروفنا المادية الصعبة، فيما عدا اللباس الموحد الذي يتكفَّل بتأمينه النادي، أيضاً كنا كفريق نقبل بالحد الأدنى مما يقدمه النادي سواءً في التنقلات أو المبيت والطعام».

وعن دخول أخيه إلى الملاعب يقول: «كان لأخي الدكتور "يعقوب ميرو" ميلٌ قوي تجاه كرة القدم، وكان والدي من أكثر المشجعين للفريق، فلم يُعارض على أن ينضم ليلعب معنا، هنا جاء دوري في تشجيعه وأخذه للتدريب، لكن المميز أن أخي تألق بالملعب حتى أطلق عليه لقب "بيليه"، إذ كان أصغر لاعبي القطر قاطبةً، وما أن تصله الكرة في منطقة الستة عشر حتى تستقر في المرمى، وكان ينفذ كل ضربات الجزاء ولا أذكر أنه هدر منها إلا كُرةً إلا واحدة، وقتها أصبت إصابة بالغة نقلت على إثرها إلى المستشفى، وقد أسندت إليه ضربة لكنه فوتها بسبب خوفه عليّ، فقد كان صغيراً وقتها لذا تشتتت أفكاره أخطأ الهدف».

صورة لنادي الحسكة في الستينيات

وعن أقوى المباريات التي خاضها يقول "إلياس ميرو": «كانت المباراة التي خاضها فريقنا مع فريق "حلب الأهلي" هي الأقوى على الإطلاق، حضر المباراة المرحوم "فاروق بوظو" بصفته أمين سر اتحاد كرة القدم، أما الحضور فحدث ولا حرج إذ لم أشهد في حياتي الكروية هذا العدد من المشجعين، لعبت ولأول مرة في خط الوسط، وكانت طريقة اللعب قائمة على نظام /4-2-4/، وقع الاختيار عليَّ لألعب في الوسط لسببين، الأول لأنني الأسرع في الفريق على الإطلاق، ثانياً بسبب لياقتي المرتفعة إذ كنت قادراً على اللعب لثلاث ساعات متواصلة، بعد انتهاء المباراة ضمني "بوظو" مباشرةً إلى المنتخب الوطني، المباراة الثانية لعبتها أمام نادي الأمة في "بغداد"».

يختم "ميرو": «سجلتُ في حياتي الرياضية مع كل الفرق التي لعبت معها ما ينوف عن مئة هدف، لكن الهدف الذي لن أنساه هو الذي أحرزته على حارس "سورية" الوطني "أحمد عقاد" في شباك نادي "بردى" من ضربة "دبل كيك" عام 1966، لقد كنت أول من نفذ هذه الضربة في "سورية" بحكم الاكتشاف الذاتي، والدليل على كلامي أن أجهزة التلفزيون لم تكن قد دخلت المحافظة بعد، ولم أشاهد أحداً يُنفذها أمامي، الهدف الآخر أحرزته في غضون 30 ثانية على نادي الأمة العراقي ولم تكن الأهداف السريعة معروفة لدينا، في نهاية عام 1972 اعتزلت اللعب لالتحاقي بخدمة العلم، بعد أن أنهيت الخدمة ذهبت إلى "المغرب" كمدرس مُعار، في "المغرب" لعبت مع نادي "الشباب المحمدية" لموسمين على التوالي، أصبت بعهدها بمرضٍ في ظهري /انزلاق فقرات/، هنا كانت نهاية الرحلة التي لن تمحى من ذاكرتي ما حييت».

من اليمين الياس ميرو وشقيقه الأصغر يعقوب ميرو

اللاعب "جوزيف عارف" أحد نجوم ذلك الوقت يقول: «تعرفت على "ميرو" أثناء التدريب في الستينيات، كان لاعباً حركياً يتميز بسرعةٍ فائقة في أرض الملعب، فبمجرد وصول الكرة إليه يتخطى اللاعب الخصم كلمح البصر، كان يتمتع ببنية قوية تمكنه من اللعب طيلة فترة المباراة دون أن يبدو عليه الإرهاق، شكلنا وقتها فريقاً يُشار إليه بالبنان من خلال التفاهم والنتائج التي أحرزناها، فكلُ واحدٍ منا يُكمِّل الآخر والمستفيد الأول كان الفريق، تجاوزنا الكثير من المحن من خلال التكاتف والتآخي، أثبت "ميرو" نفسه في أرض الملعب وحقق الكثير من الأهداف، أتمنى أن تنجب الملاعب مثل أولئك الأبطال لترتقي رياضتنا وتصنع مجدها كما فعلنا في السابق، وأرجوا أن تكون النتائج التي حققناها حافزاً لإخواننا الرياضيين في كل القطر».