ينتمي إلى عائلة قومية بكل المقاييس فلكل واحدٍ من أسرته حكايةٌ مع الدول العربية هو من مواليد "الرياض" وشقيقاه أحدهما ولد في "الجزائر" والآخر في "مصر"، كما أنه حفيد الشهيد المجاهد "عز الدين القسام".

هذا التنوع الثقافي الموجود في أسرته جعل منه طفلاً يسعى لكي يكون خير خلف لخير سلف فوضع نصب عينيه منذ الطفولة دراسة الحقوق فكان له ما أراد.

"خلدون" إنسان نادر بذكائه وقدراته الفكرية، وهو الصوت الذي يتحدث بلسان أهالي جبلة "مدينة وريفاً" فهو حبيب الأغلبية الساحقة من أبناء المنطقة

موقع eLatakia زار عضو مجلس الشعب السوري الدكتور المحامي "خلدون قسام" في مكتبه واستمع منه إلى حديث عن تجربته والبداية كانت مع دراسة الحقوق حيث قال: «دراسة الحقوق كانت مغامرة حقيقية وخياراً شخصياً بامتياز حيث إنني بعد أن حصلت على الشهادة الثانوية كان لدي العديد من الخيارات أهمها دراسة الهندسة في بلدي سورية أو السفر إلى الجزائر حيث كان والدي أستاذاً في الجامعة ويحق له استقدام أحد أبنائه ومنحه كرسياً جامعياً في كلية الطب، لكنني رفضت كل المغريات وخضت تجربتي الخاصة وفضلت دراسة الحقوق لأني أحب القانون وأعتبره واحداً من أهم مرتكزات الحياة (فحياة كل فرد ترتكز على مدى معرفته بالقانون).

د. خلدون قسام

في تلك الفترة من الزمن كانت كلية الحقوق في جامعة دمشق التي درست بها تسمى "مقبرة الطلاب" فكان الطالب يدخلها ولا يعرف متى يخرج منها نظراً لدرجة صعوبة الدراسة فيها وأهميتها، لكنني تمكنت من كسر القاعدة وأنهيت المرحلة الجامعية دون أي تأخير، والملفت للانتباه هنا أنني عندما كنت في المدرسة كان هناك بعض الأساتذة يدرسون في كلية الحقوق تمكنت بعد دخولي للجامعة من التفوق عليهم والتخرج في الجامعة قبل بعضهم».

الإنسان كائن متعلم يتعلم ويعلم و"خلدون قسام" واحدٌ من المؤمنين بهذه الحقيقة فهو يرى أنه مهما تعلم مازال بحاجة للمزيد من العلم، هذه القناعة جعلته لا يقف عند حدود الحصول على إجازة في القانون من جامعة "دمشق" بل دفعته نحو جامعة "بلفورد" في "الولايات المتحدة الأميركية" حيث عاش صدام الحضارات في أوجهِ وعانى ما عاناه من فوارق فكرية جعلته يصفها بالقول: «كان وما يزال هناك تصادم حضاريٌ وفجوةٌ بين الشرق والغرب والاختلاف بين سورية وأميركا في تلك المرحلة هو أننا كشعب كنا متطورون فكراً وعقيدةً أكثر منهم بينما كانوا يتميزون بتطورهم الاقتصادي المرتبط بمؤسسات وليس بأفراد الشعب.

مع العائلة

وعلى سبيل المثال عندما ذهبنا إلى الولايات المتحدة توقعنا أن الأميركيون يفهمون السياسة كما نفهمها ويتعلمون كما نتعلم ويفكرون كما نفكر لكن المفاجأة أن الناس هناك لا يعرفون الجغرافيا ولا السياسة جيداً فمن يتحدث لديهم بلغة واحدة هو الأميركي ومن يتحدث بعقلية واحدة هو الأميركي، الأميركي لا يفهم الآخر لأنه لا يفكر بالآخر وهذا ناتج عن اتساع رقعة أميركا وبسبب دور اللوبي الصهيوني المسيطر على أغلب الجامعات وبالتالي سيطروا على الأدمغة والعقليات الأميركية وللإعلام دور بارز في هذه السيطرة فيما نحن لم نستفد من الإعلام ومن وجود جالياتنا في أربعة أركان الدنيا».

بقي"قسام" في أميركا تسع سنوات حصل خلالها على"الماجستير والدكتوراه" وعاد بعدها إلى الوطن ليحمل لواء الدفاع عن حقوق المواطنين ويصبح نائباً في البرلمان يمثل شريحةً واسعة من المواطنين فما الذي وجده في المجلس وما الذي حمله "قسام" معه إلى طاولة النقاش سؤال أجاب عنه بالقول: «مجلس الشعب هو صوت الشعب وما يناقش تحت القبة بالإمكانيات المعرفية الموجودة هو جيد جداً ومفيد لكننا نحتاج للمزيد والأفضل، المبدأ العام لفصل السلطات يتركز في المجلس الذي يلعب الدور التشريعي فقط، نحن نقدم ما بالإمكان لتفعيل الدور التشريعي، ولدينا الآن مشروع متكامل داخلياً وخارجياً، وكل عضو في مجلس الشعب هو شريك بالقرار السياسي السوري وهو عضو فاعل في إنتاج منظومة فكرية للبلد.

حملت معي كل ما آمنت به من قضايا تخدم الوطن والمواطن أهمها المطالبة بإضافة مادةٍ درسيه لتعليم الطلاب القانون لأن المواطن فقير المعلومات عن القوانين والأنظمة.

كما حاولت تقديم بعض الخدمات لمدينة "جبلة" لأهمية دورها السياحي وتمكنت بمساعدة الأصدقاء والمحبين من تحويلها من مدينة تاريخية باستثمارات الموازنة إلى مدينة مرفئية ما ساهم في رفع مستوى الخدمات التي تحظى بها المدينة، وطرحت فكرةً مهمة لتوزيع الجامعة بمعاهدها وأفرعها على مناطق المحافظة "جبلة، الحفة، القرداحة" وهي طريقة متبعة في كل دول العالم وهذه العملية تفيد الحركة الاقتصادية وتساهم في رفع دخل هذه المدن وهي توفر على الطلاب من تكاليف الحياة في المحافظة وتخفف من مستوى الازدحام فيها.

ولم أكتف بذلك فيما يخص التعليم والجامعات بل طالبت بالاستفادة من الأبنية الجامعية بشكل استثماري بحيث يصبح التعليم الجامعي يقسم إلى ثلاثة فترات في اليوم لأن الأبنية الجامعية عملياً مستهلكة ولها عمر معين إن استخدمت أم لم تستخدم فلماذا لا نستثمر كل طاقتها الاستيعابية بكل الوسائل المتاحة حتى ولو جعلنا التعليم في إحدى الفترات الثلاثة تعليماً مأجوراً (على نمط الجامعات الخاصة لكن بسعر التكلفة فقط)، كما تطرقت إلى مجال التأهيل الإداري وتعميق دور الإدارات وتثقيفها مجاناً وجعل التعليم تنفيذي وليس تلقيني فقط لأننا بحاجة عمال متعلمين وليس فقهاء في العلم فقط.

العمل بالشأن العام صعب لكنه خيار وعلى كل مواطن أن يقدم خدماته لأبناء وطنه كما يقدمها لأولاده وأنا لدي رغبة بتقديم أفضل التشريعات لوطني بما أنني خريج قانون فهذه مهمة وطنية وتطوعية ومجلس الشعب بالنسبة لي خيار صائب، وأنا فخور بهذا التمثيل وأسعى لتقديم رؤيتي ووضع مشاكل المواطنين في التداول على طاولات المسؤولين.

وعن علاقته بالناس يقول "قسام": «علاقتي بالناس جيدة وأحب الناس ومن يحب الناس يبادلونه الحب وأهم ما لدي أنني أنام مرتاح/ قد يكون السبب الوسادة؟ مهما كانت الوسادة مريحة لن ترتاح إن لم يكن ضميرك مرتاح».

بعد تجربة ملأى بالنجاح يوجه "قسام" رسالةً للمغتربين السوريين قال فيها: «الاغتراب شيء مهم جداً وتلاقح حضاري وإنساني وفكري بين بلد المنشأ وبلد الاغتراب، ولكن يجب عدم نسيان أن الشجرة مهما علتْ تبقى جذورها في الأرض ونحن جذورنا سورية ويجب أن تبقى ثمارنا سورية وأن يبقي الجسر مفتوحاً للعبور باتجاه الوطن وأن يحترموا أنهم سفراء لوطنهم مع العلم أن معظم المغتربين الذي صادفتهم في حياتي كانوا سفراء بحق».

كما كان لنا وقفة مع بعض من عرفوا "خلدون قسام" فيقول "عاطف حاج ابراهيم": «"خلدون" إنسان نادر بذكائه وقدراته الفكرية، وهو الصوت الذي يتحدث بلسان أهالي جبلة "مدينة وريفاً" فهو حبيب الأغلبية الساحقة من أبناء المنطقة».

دور "قسام" في الحفاظ على مكانة نادي "جبلة" جعل منه شخصيةً محبوبة لدى الرياضين حيث يقول عنه مدرب كرة السلة في النادي "مازن يونس": «لقد وقف السيد "خلدون" إلى جانب النادي مراراً وتكراراً وله مواقف حساسة تشهد بذكائه وحبه للمدينة وخصوصاً عندما صدر قرار شطب النادي في العام الماضي، كما أنه لا يفوت فرصةً لحضور مباراة للنادي في حال كان متواجداً في المدينة».

بقي أن نذكر بأن "خلدون قسام" متزوج ولديه ثلاثة أبناء "محمد سعيد، لطفية، سورية" يعمل محامياً ويشغل منصب نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشغب السوري حالياً.