يطربون على أنغام "الهوارة" في الأفراح والمناسبات وقد تكون من أولى المطالع التي تنظم على وزنها أشعار التحدي تارةً، وتحن معها القلوب عندما تحكي الغربة والشوق والحنين تارةً أخرى لكن هل خطر لك أن تسأل عن أصل التسمية؟

يحدثك كبار السن عن أن فرقة عسكرية حملت هذا الاسم كيف؟ ومتى؟ سؤال بحث عن إجابته موقع eSuweda عندما التقى السيد "فارس شقير" أحد المهتمين بالشعر الشعبي، والذي يعد لدراسة قيد الطباعة عن مزايا الشعر الشعبي في جبل العرب حيث عرفنا على "الهوارة" بقوله: «لا تنحصر الهوارة في "جبل العرب" بل هي نوع من الغناء الشعبي اللبناني، ولمن لا يعرفها فهي في الأصل ظهرت في "جبل العرب"، وهي التي يطرب على ألحانها الصبايا والشباب، حيث إن تاريخ "الهوارة" جعل مخزون الأشعار التي تنظم عليها كبيراً جداً، قسم منه يردد على لسان العامة وقسم دخل في الغناء الحديث وأضيف عليه الكثير لكن تبقى لازمة (على الهوارة الهوارة ) الرابط الذي تنتظم به كل القصائد، وكانت نداء الأمهات للابن المسافر ونداء المحبوب لحبيبته وانتشرت لتكون من أسهل الأنماط الغنائية على الساحة.

قدم الهوارة جعلها نمط غناء تراثي فريد في هذه المنطقة، وقد تستهلك أبياتها وقتا طويلا عندما تردد في المناسبات، جمالها ينبع من طريقة الغناء الحماسي وأنت بلا شعور تدخل في أجواء حماسية تطرب لها الأذن، وبالتالي فهي من أيسر الأنواع حفظاً وطقس الدبكة هو أكثر الطقوس مرافقةً لها، لكنها لم تكن عبر السنوات الماضية لتتطور إلا ضمن مجالات محددة مع أنها في القرى والجلسات الشعبية موجودة، لكنها أقل انتشاراً من الأنماط الغنائية التي قد تصل في جبل العرب إلى 26 نمطاً في هذه المنطقة التي ساهمت الطبيعة الجبلية في جعلها غنية بالشعر والطرب

وإذا أردتم التعرف لمصدر الاسم ومن أين جاءت التسمية "فالهوارة" اسم لفرقة عثمانية عسكرية وبشكل عام عندما يغني أبناء "جبل العرب" "الهوارة" يتذكرون معركة خابت بها مقاصد هذه الفرقة.

السيد فارس شقير

وعن القصة يضيف السيد "فارس شقير" بقوله: «الحادثة تؤرخ بالعام 1837 شهر تشرين الثاني، عندما وصلت المفاوضات بين الشريف "حسين" وأبناء الجبل والسلطان العثماني إلى طريق مسدود ليرسل حملة بقيادة "علي آغا البصيلي" وتمركزت في قرية "الثعلة" التي تقع غرب "السويداء" ورافقت الحملة فرقة قوية عرفت ببطشها في ذلك العصر تحمل اسم "الهوارة"، وتناقل أبناء الجبل من جيل لآخر ذكرى هذه الحملة التي هاجمها الثوار، وأجهزوا عليها بالكامل وقد نجا قائد الحملة بأعجوبة، وتم القضاء على فرقة "الهوارة" بأكملها، ليعود الثوار لمعاقلهم يرددون مما فاضت به قريحتهم في ذالك الزمان وقالوا :

عالهوارة الهوارة الحرب بدها شطارة

الموزع الموسيقي معتز أبو حمدان

ذبح الحملة والتنظيف استغرق شربة سيكارة

عالهوارة الهوارة

تربة وطنا غالي يفديها الأهالي

فرقة دبكت الهوارة وأبهجت الجمهور

والغازي والمتعالي ندفنه تحت حجارة

عالهوارة الهوارة

وبشكل عام فإن الهوارة جزءٌ من الغناء الشعبي لكنها لم تكن لتنتشر بالقدر الذي انتشرت به قصيدة الفن الشعبية مثلاً، وباقي أنماط الغناء في المنطقة لأنها لم تأخذ إلا نمطاً واحدا ووزنا واحداً تردد ولازال يعاد مع اختلاف المواضيع.

وهي من الأنماط التي تحث الشباب على الدبكة الشعبية التي مازالت تظهر في الأعراس والمناسبات ومع دخول التقنيات الحديثة مازالت "الهوارة" أحد المطالع التي تردد وتطرب».

تطور "الهوارة" بقي في الغناء الشعبي لكنه في لبنان تطور وانتشر بشكل أوسع وهذا حسب رؤية الموزع الموسيقي "معتز أبو حمدان" حيث قال: «قدم الهوارة جعلها نمط غناء تراثي فريد في هذه المنطقة، وقد تستهلك أبياتها وقتا طويلا عندما تردد في المناسبات، جمالها ينبع من طريقة الغناء الحماسي وأنت بلا شعور تدخل في أجواء حماسية تطرب لها الأذن، وبالتالي فهي من أيسر الأنواع حفظاً وطقس الدبكة هو أكثر الطقوس مرافقةً لها، لكنها لم تكن عبر السنوات الماضية لتتطور إلا ضمن مجالات محددة مع أنها في القرى والجلسات الشعبية موجودة، لكنها أقل انتشاراً من الأنماط الغنائية التي قد تصل في جبل العرب إلى 26 نمطاً في هذه المنطقة التي ساهمت الطبيعة الجبلية في جعلها غنية بالشعر والطرب».

قد لا تفتقد مقاطع "الهوارة" في سهرات الفرح قبل وبعد أن غناها "عاصي الحلاني" وغيره من المطربين ومن ينسى (هوارة وقعت بالبير الأطرش سمع رنتها ....) و(هوارة هورتيني .. ) وغيرها ..ففي "جبل العرب" بحر من الأشعار الشعبية والأنماط الغنائية التي لازالت في عيون الأهالي وسيلة للتعبير عن مشاعر الفرح و بها وثقوا تاريخهم وتفاصيل الحياة لتنتقل من جيل إلى جيل.