شهدت العلاقات السورية- التركية خلال السنوات الأخيرة تطورات كبيرة شملت جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية، والتي تمت ترجمتها من خلال العديد من المشاريع المشتركة بين البلدين الصديقين وخاصّة في محافظة "حلب" بسبب قربها الجغرافي من الجارة "تركية" والتي نشطت فيها مؤخراً الحركتان السياحية والتجارية وازدهرتا بشكل ملحوظ.

وللوقوف على تأثير العلاقات السورية- التركية المتطورة على واقع السياحة الحالي ومستقبلها في مدينة "حلب" التقى مراسل موقع مدونة وطن eSyria الأستاذ "محمود الشعار" رئيس شعبة المكاتب السياحية في المنطقة الشمالية ومدير مكتب "الشعار" السياحي الذي تحدث أولاً عن دور هذه المكاتب في الحركة السياحية في المدينة قائلاً: «للمكاتب دور كبير في تنشيط السياحة باعتبارها /أي المكاتب السياحية/ هي الراعية والمستقطبة للسياح من جميع الدول وبشكل خاص من الجارة تركيا، وخلال المواسم السياحية قمنا عبر مكتبنا بجلب المئات من السياح وتأمينهم في مدينة "حلب"، أما بالنسبة للفنادق والمطاعم والمنشآت الأخرى فهي تعد تكميلية لعمل المكاتب».

أعتقد أنّ العلاقات السياحية ستكون أفضل في المستقبل وذلك بسبب الجهود الحثيثة التي يبذلها المسؤولون في البلدين لما لذلك من مصلحة مشتركة للشعبين الصديقين

وحول العلاقات السورية- التركية بشكل عام ودورها في تنشيط السياحة في "حلب" قال: «العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين وما نتج عنها من فتح الحدود بين المواطنين ساهم بشكل كبير في تطور السياحة وازدهارها في الجانبين معاً، وفي هذا السياق لابد من ذكر الزيارات المتبادلة بين الوفود السورية والتركية لدعم الصناعة السياحية في البلدين».

الأستاذ محمود الشعار

وحول شكل السياحة التركية في "حلب" تحدث "الشعار": «في الحقيقة يأتي السياح الأتراك إلى مدينة "حلب" لمجموعة من الأسباب التي تحدد شكل سياحتهم فهناك سياحة الاستثمارات حيث تشهد المدينة تدفقاً كبيراً للاستثمارات التركية من خلال رجال أعمالها وهناك السياحة الاجتماعية فالمعروف أن لمواطني كل بلد أقرباء على الطرف الآخر من الحدود وبعد فتح وتسهيل حركة العبور أمامهم فإن عدداً كبيراً من الأتراك يأتون "حلب" لزيارة ذويهم وأقربائهم، كما يأتي الكثير من المواطنين الأتراك بغرض التجارة والقيام بعمليات البيع والشراء فأسواق مدينة "حلب" تعج هذه الأيام بهم ولهم دور في تنشيط أسواق المدينة».

وتابع بالقول: « وهناك عدد لا يستهان به من الأتراك يأتون بغرض السياحة الدينية والثقافية وزيارة أهم الأماكن الإسلامية وخاصة العثمانية الموجودة بكثرة في مدينة "حلب" إضافةً إلى وجود العشرات بل المئات من المناطق السياحية- الأثرية التي تحمل نفس الطابع التاريخي للأبنية الأثرية في تركيا وخاصّة بين "حلب" و"غازي عنتاب" وهذا دليل على التاريخ المشترك الذي ولّد بين مواطني البلدين الأخوة والصداقة العريقة، والجدير ذكره أنّه تم مؤخراً في مدينة "حلب" افتتاح خط حديدي يصل إلى مدينة "غازي عنتاب" والذي سيساهم في سرعة انتقال المواطنين وزيادة في الحركة السياحية بين المدينتين ونتمنى أن يشمل الخط مدناً تركية أخرى لخدمة السياحة بشكل أكبر».

الأستاذ يوسف زوعة

ولتحقيق المزيد من التطور في العلاقات السياحية بين سورية- "حلب" وتركيا قال الأستاذ "الشعار" مقترحاً: «بالنسبة للجانب السوري أقترح زيادة عدد الفنادق من فئتي أربع وخمس نجوم في مدينة "حلب" لكي تستوعب الأعداد الكبيرة من السياح القادمين من تركيا أو من أوروبا عبر تركيا كما اقترح إقامة دورات تأهيلية للموظفين السياحيين وأصحاب المكاتب السياحية لتعليمهم اللغتين التركية والانكليزية، وفي الجانب التركي يجب العمل على زيادة الموظفين على المنافذ الحدودية وتقديم التسهيلات للمجموعات السياحية فمن المعروف أنّ بعض هذه المجموعات تنتظر على الحدود لأكثر من ثلاث ساعات أحياناً للحصول على تأشيرة دخول إلى تركيا وكذلك على أصحاب الفعاليات السياحية في تركيا إيجاد دليل سياحي تركي باللغة العربية ليتسنى للسياح السوريين التعرّف على الأماكن والمواقع السياحية هناك».

وختم كلامه بالحديث عن مستقبل العلاقات السياحية بين البلدين: «أعتقد أنّ العلاقات السياحية ستكون أفضل في المستقبل وذلك بسبب الجهود الحثيثة التي يبذلها المسؤولون في البلدين لما لذلك من مصلحة مشتركة للشعبين الصديقين».

الأستاذ محمد شيط

في مدينة "حلب" أيضاً قال الأستاذ "يوسف زوعة" مدير متحف الطب والعلوم /"البيمارستان الأرغوني"/: «يأتي متحف الطب والعلوم في المرتبة الثانية من حيث عدد الزيارات السياحية بعد "قلعة حلب" حيث يزوره يومياً المئات من السياح، وفي إحصائية شخصية ومتواضعة قمت بها تبين أنّ حوالي 300 شخص يزورون هذا المتحف بشكل يومي».

وحول السياحة التركية في "حلب" قال: «لقد تطورت كثيراً في الفترة الأخيرة حيث تعيش العلاقات السورية- التركية مرحلة ازدهار، وفي متحف الطب والعلوم هناك زيارات سياحية تركية كثيرة يومياً لأنّ الأتراك بشكل عام يحبون زيارة الأماكن الأثرية والدينية الإسلامية وخاصّة العثمانية منها والمعروف أنّ "البيمارستان الأرغوني" تحوّل إلى مشفى للأمراض العقلية والنفسية أيام العثمانيين».

وأخيراً قال المهندس "محمد شيط" معاون مدير المعهد التقاني للحاسوب في جامعة "حلب" وهو يساعد والده في محل لبيع الشرقيات في "سوق الحراج" بمدينة "حلب" القديمة: «في الحقيقة يساهم السائح التركي في عملية تنشيط الأسواق القديمة في "حلب" إلى حد كبير لأنّ قسماً كبيراً منهم يأتون إلى مدينة "حلب" لأغراض تجارية فيجلبون معهم البضائع التركية ويشترون مقابلها البضائع السورية وهم بالتالي ينشطون ما يمكن تسميته السياحة التجارية بين البلدين.

للسياح الأتراك دور كبير في تنشيط السياحة التجارية مدينة "حلب" بسبب القرب الجغرافي من جهة وفتح الحدود بين البلدين وتقديم التسهيلات على المنافذ الحدودية من جهة ثانية، وأهم من ذلك أنّ أغلب الخطوط الجوية الناقلة للسياح العالميين تهبط في "مطار دمشق الدولي" حيث يقومون بزيارة "دمشق" و"تدمر" و"حماه" وغيرها من المناطق السياحية في القطر وحينما يصلون إلى "حلب" يكونون قد اشتروا ما يرغبون به ومن هنا يأتي أهمية السائح التركي في تنشيط الأسواق التجارية في "حلب" حيث يعتمد في سفره على الطرق البرية القريبة بين تركيا ومدينة "حلب"».