مع ظهور المحرك البخاري في القرن التاسع عشر بدأ انحدار عصر الطواحين الهوائية والمائية التي تعد الأقدم، ثم جاء المحرك الكهربائي ليعلن بداية عصر جديد من الطاقة يمكن الاستغناء فيه عن حجر "البازلت" المستخدم في صنع أرحاء تلك الطواحين التي عملت بالطاقة الكهرمائية.

نقل المياه وطحن الحبوب كانت من أهم المهام الموكلة إلى تلك الطواحين، وبالنسبة للمزيد من تفاصيل عملها تشرح د. "رانيا عبد الرحمن" من "دائرة آثار طرطوس" في لقاء موقع eTartus معها بتاريخ 23/11/2009.

يصعب تحديد تاريخ تلك الإنشاءات بسبب إعادة بنائها في القرن التاسع عشر، إلا أننا نعرف أن مثل هذه الطواحين كانت موجودة في القرن السادس عشر لأنها كانت تخضع لنظام ضريبي، وفي الغالب تم إنشاؤها في عصر المماليك، وفي "قرطبة" كان يستخدم نفس النظام على "الوادي الكبير" في عهد الخلافة الأموية. هذه التقنية المتوارثة بلا شك عن الرومان والتي تم تطويرها على يد العرب، تركت آثاراً في المصطلح الإسباني من أصل عربي وخصوصاً في مجال تقنيات الري، حيث نجد في اللغة الإسبانية الطاحونة والأسنة والساقية

نالت تلك الطواحين اهتماماً وشهرة على مرّ القرون ليس لأنها صديقة للبيئة، بل بسبب فوائدها والحاجة إليها: «اعتمدت الطاحونة المائية في "أوروبا" منذ العصور القديمة، وتطورت بالتوازي مع اختفاء الرق في القرن التاسع، تستخدم الطاقة الكهرمائية أو الديناميكية حيث تحولها إلى قوة دافعة بفعل المياه المسحوبة إليها بفتحات تطل على النهر أو النبع مباشرة أو ربما من خزانات مخصصة لحفظ المياه، ويمكن لرحى الطاحونة طحن 150 كغ من القمح في الساعة وهذا ما كان يعادل عمل أربعين عبداً.

د. "رانيا عبد الرحمن"

تستخدم الطواحين المائية طاقة الماء لطحن الحبوب وهي عبارة عن نماذج مزودة بدولاب عمودي، وكانت منتشرة في العالم القديم منذ فترة القرن الأول قبل الميلاد، وأيضاً في سورية مثل "حماة" و"أنطاكية" على نهر "العاصي" وفي "شبه الجزيرة الأيبيرية"، لكنها كانت تستخدم فقط لنقل المياه وليس بهدف إنتاج طاقة لتشغيل الآلات».

توفر قطعها الأولية، انخفاض تكاليفها ووقودها المجاني؛ عوامل ساعدت على انتشارها وتطويرها فيما بعد: «إن بساطة الفكرة العامة للطاحونة جعلت تنفيذها غير مكلف وسهل الصيانة، وفي هذا النوع من الطواحين كان حجر الرحى من البازلت الصامد هو أغلى قطعة في الطاحونة، كما يكفي تيار ماء سريع لتشغيلها، مما يفسر انتشارها على ضفاف الأنهار.

رحى في "طاحونة الشيخ"

ومن أجل تأمين الماء بشكل مستمر، بنيت قنوات لتوجيه الماء من أعلى المجرى ليصب في برج الطاحونة، ونجد أحياناً قنطرة مبنية على أقواس من الحجر وتستخدم لنقل الماء بين ضفتي النهر، تعرف هذه التقنية منذ العهد الروماني، فنجد مثلاً في "فونت فياي في البروفنس" بجنوب "فرنسا" قنطرة تحرك أربع طواحين مائية بواسطة شلال واحد».

حتى الآن للطواحين جذور شبه مؤكدة، لكن تاريخ اختراعها قد يظل لغزاً، كما تبين د. "رانيا" في حديثها: «يصعب تحديد تاريخ تلك الإنشاءات بسبب إعادة بنائها في القرن التاسع عشر، إلا أننا نعرف أن مثل هذه الطواحين كانت موجودة في القرن السادس عشر لأنها كانت تخضع لنظام ضريبي، وفي الغالب تم إنشاؤها في عصر المماليك، وفي "قرطبة" كان يستخدم نفس النظام على "الوادي الكبير" في عهد الخلافة الأموية.

قناة "طاحونة القرق"

هذه التقنية المتوارثة بلا شك عن الرومان والتي تم تطويرها على يد العرب، تركت آثاراً في المصطلح الإسباني من أصل عربي وخصوصاً في مجال تقنيات الري، حيث نجد في اللغة الإسبانية الطاحونة والأسنة والساقية».