تعتبر مدينة "قارة" من أعرق وأقدم المدن السورية، وما يدل على ذلك الآثار الموجودة فيها، والشاهدة على عدة حضارات تعاقبت عليها. فحسب كتاب (مدينة قارة تاريخ وحضارة) للأستاذ "عبد الرحمن حيدر" الصادر بتاريخ /2006/، سكن الإنسان "قارة" منذ العصر الحجري، وسكنها الآراميون منذ القرن الثالث قبل الميلاد، والأموريون في القرن الثاني قبل الميلاد، ودخلت فيها المسيحية منذ مطلع القرن الأول الميلادي لأهمية موقعها على طريق القوافل، فازدهرت المسيحية فيها، وما لبثت "قارة" أن أصبحت مركزاً تبشيرياً وكرسياً أسقفياً وظلت المسيحية سائدة في البلدة حتى مجيء المماليك في عام /1226/م.

وبالنسبة لتسميتها يذكر صاحب الكتاب أن: «الروم أطلقوا عليها اسم "كوارى" و"كارّه"، وتعني الاعتناء والاستشفاء، وذلك بسبب البيئة والهواء النقي في قارة، وفي اللغة العربية "قارة" هي التلة الكبيرة، ويرجح أن العرب حوروا الكلمة الرومانية، أما في اللغة السريانية فيرد اسمها في لائحة الأبرشيات "كركينا"، وتعني البرد الشديد».

يوجد "قارة" شبكات مياه، وهاتف، وصرف صحي، وكهرباء بحالة ممتازة، وتغطي كامل المخطط التنظيمي، وطموحنا الاستمرار بالعمل لتكون مدينتنا نموذجاً يحتذى للمدن الأخرى وفي مختلف النواحي

تنتمي "قارة" إلى منطقة "القلمون"، وتقع تقريباً في منتصف الطريق العام الواصل بين "حمص" ودمشق"، فتبعد عن "دمشق" (92) كم، وعن "حمص" (62) كم، وترتفع عن سطح البحر (1340) متراً، وإلى الغرب منها يقع "جبل قارة"، ويعتبر جزءاً من جبال لبنان الشرقية، وأعلى قمة فيه تسمى "حليمة قارة" وترتفع بمقدار (2464) متراً عن سطح البحر، وتعتبر ثاني أعلى قمة في سورية بعد جبل الشيخ. وتقع "قارة" في منطقة جافة نسبياً، وهي معتدلة صيفاً، وباردة شتاء، وتهطل فيها الثلوج عادة في شهري كانون الأول وكانون الثاني.

أحد البيوت القديمة في "قارة"

ويذكر كتاب ( مدينة قارة تاريخ وحضارة) أنه: تنتشر في جبل "قارة" أشجار اللزاب البرية، وتنتشر أيضاً في جبل "قارة" ينابيع الماء الصغيرة والتي تسمى "الوشول"، وتنحدر من "حليمة قارة" أعداد هائلة من الأودية السيلية، كما وتنحدر أيضاً من جبل حليمة قارة أنساق وأرتال من الهضاب المتجهة نحو الشرق، كما يوجد عدد كبير من الخرب الأثرية الموجودة في السفوح الشرقية الدنيا لجبل حليمة قارة، وهذه الخرب يستعملها الرعيان حظائر للمواشي.

وعن أشهر ما تتميز به "قارة"، وفي لقائنا مع رئيس مجلس مدينتها السيد "عبد الرحمن القاضي" أخبرنا أن: «"قارة" باتساع أراضيها وتنوعها من سهل وجبل، على طول (15) كم، وعرض (35) كم، وتشتهر بزراعة العنب والقمح والبطاطا، والثوم والذرة، والمشمش والتفاح والزيتون، واللوز، كما تتميز بشكل خاص بزراعة الكرز والذي يبلغ عدد أشجاره حوالي (800) ألف شجرة، ويصدّر الكثير منه إلى الخارج، كما يشتهر أهالي " قارة" بالصناعات المحلية الغذائية كالبرغل والكشك، والمربى، وقمر الدين، وصناعة الدبس، والأجبان والألبان، وغيرها».

رئيس مجلس المدينة "عبد الرحمن القاضي"

وعن آثار المدينة يقول "القاضي": «تتميز "قارة" بأماكنها الأثرية الموغلة في القدم وأهمها "الجامع الكبير"الذي تحول من معبد وثني قبل الميلاد إلى كنيسة في عام /325/ م، سميت بكنيسة القديس "نيقولاوس"، وفي العصر المملوكي حُولت الكنيسة إلى جامع بأمر من السلطان الملك الظاهر "بيبرس" عام /1266/ ميلادي، وما زال مستخدماً حتى الآن، ومن أهم آثار "قارة" كنيسة القديسين سرجيوس وباخوس، التي بنيت في نهاية القرن الرابع الميلادي، وأهم ما يميز هذه الكنيسة هو وجود اللوحات الجدارية الأثرية، والموجودة على الجدار الشمالي الداخلي للكنيسة، ومنها أيقونة مرضعة الحليب وهي من الأيقونات النادرة على مستوى العالم، وتمثل السيدة العذراء وهي ترضع الحليب لوليدها السيد المسيح، وعلى بعد حوالي (2) كم إلى الغرب من المدينة هناك أيضاً دير "مار يعقوب المقطع"، الذي بني في القرن السادس الميلادي، وهو أقدم أديرة منطقة "القلمون"، وفي "قارة" أيضاً مجموعة من الخانات الأثرية القديمة منها خان "نور الدين"، بني في القرن الثاني عشر الميلادي، وتتميز "قارة " بأقنية الماء الرومانية القديمة، والتي تعود، تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي، وقد استخدمت لنقل المياه من الينابيع في الجبل إلى وسط البلدة ومنها: قناة عين الطيبة وقناة "عين القطنة" وقناة "عين البيضا" وقناة الجامع الكبير وقناة "السنسال"، وما تزال بعض هذه القنوات مستخدمة إلى اليوم.

كما توجد في "قارة" مجموعة كبيرة أخرى من الأبنية الآثرية البائدة، مثل الكنائس التي أقيم مكانها بيوت، وأبراج البريد مثل برج "مارصوفيا" وبرج "عيون العلق"، وقصر "الحليمة" في الجبل».

الحديقة الشعبية المتميزة

يبلغ عدد سكان "قارة" حوالي (23) ألف نسمة حسب ما ذكر لنا رئيس مجلس المدينة، منوهاً أنه في عام /2003/ صدر مرسوم بتسميتها مدينة، بعد أن تجاوز عدد سكانها العشرين ألف نسمة.

وعن العمل الشعبي المتميز في مدينة "قارة" تحدث "القاضي" قائلاً: «تتميز "قارة" بتعاون أبنائها في مجال العمل الشعبي لتكون مدينتهم جمالاً، من خلال ما يقدمونه من دعم مالي وجهود تطوعية لإنشاء وتحسين المرافق الخدمية والاجتماعية فيها.

فعلى سبيل المثال، تم بناء مشفى "قارة" وإهداؤه للحكومة، مجهزاً بكافة التجهيزات الطبية الحديثة، من خلال العمل الشعبي، حيث تبرع أبناء الحاج "أحمد خضير القاضي" بكامل نفقات هذا الصرح الحضاري، كما تبرعوا أيضاً ببناء المركز الثقافي، وبناء حضانة مع روضة أطفال،إضافة إلى تقديمهم ست سيارات وضعوها تحت تصرف مجلس المدينة، وباص لروضة الأطفال، وشراء (26 دونماً) ضمن المخطط التنظيمي، أهدوها لمديرية المنشآت الرياضية لبناء مدينة رياضية كبيرة بكلفة (500) مليون ليرة، تمت المباشرة بإنشائها وستكون جاهزة في عام /2011/، كما تبرع أبناء "أحمد خضير القاضي" بتشييد حديقة عامة بمساحة (40 دونماً) وبكلفة (10) ملايين ليرة، تحوي ملاعب (كرة سلة، كرة قدم، كرة طائرة)، بالإضافة إلى احتوائها على مدرج أشبه بالروماني، ومسرح مجهز، وألعاب أطفال مجانية، فضلاً عن بنائهم مسجد بمساحة (465 م) ومقر لشعبة الهلال الأحمر. كما تبرعوا بإنارة شارع في المدينة على طول (3كم).

ومن أبرز الأعمال الشعبية، تبرع المغترب "أكرم الجرد" بتكلفة مشروع جر مياه الشرب إلى "قارة" من مسافة (12) كم، كما تبرع أبناء الحاج "أبو عبدو زكريا" بسلة كهربائية، و"تراكس" صغير لمجلس المدينة، وتبرع "جاد الله قدور" بأرض لبناء وحدة مياه "قارة"، فضلاً عن المساهمة ببناء المراكز التعليمية حيث يوجد لدينا (13) مدرسة ما بين تعليم أساسي وثانوية، بالإضافة إلى حضانتين للأطفال. ويقام سنوياً حفل تكريم للمتفوقين بالشهادتين الثانوية والتعليم الأساسي، على مستوى عالٍ من الترتيب والتنظيم».

وفي ختام اللقاء قال السيد "عبد الرحمن القاضي": «يوجد "قارة" شبكات مياه، وهاتف، وصرف صحي، وكهرباء بحالة ممتازة، وتغطي كامل المخطط التنظيمي، وطموحنا الاستمرار بالعمل لتكون مدينتنا نموذجاً يحتذى للمدن الأخرى وفي مختلف النواحي».