يُعد الحكم الدولي السوري السابق تاج الدين فارس واحداً من أبرز الأسماء التي تركت بصمة واضحة في عالم التحكيم الكروي، محلياً وعربياً وآسيوياً ودولياً، حيث ذاع صيته كحكم عادل وحازم، تميّز بحسن إدارة المباريات الصعبة والحساسة، وبقراراته المتوازنة التي منحت كل فريق حقه، ما أكسبه احترام اللاعبين والإداريين والجماهير على حد سواء.
إلى جانب مسيرته التحكيمية، شغل فارس عدة مناصب إدارية ورياضية رفيعة المستوى، فعمل في نادي الجيش، ومع المنتخب الوطني السوري، وترأس لجنة الحكام، كما كان محللاً تحكيمياً لمباريات الدوري السوري والمصري عبر القنوات التلفزيونية السورية والمصرية.
حكم نزيه وعادل، ومن أعمدة الجيل الذهبي للتحكيم السوري
من إدلب إلى العالمية
وفي حديثه لـ مدونة وطن “eSyria” ، استعرض الحكم الدولي السابق تاج الدين فارس بداياته ومسيرته قائلاً:
«أنا من مواليد عام1958، من قرية الزهراء التابعة لناحية دركوش في محافظة إدلب حصلت على الشهادة الثانوية من مدينة دمشق، وبسبب شغفي بكرة القدم التحقت بـ المعهد الرياضي وتخرجت منه عام 1982 وفي السنة الأولى انتسبت إلى التحكيم على يد العميد فاروق بوظو والراحل قيس رويحة».
وأضاف:«أصبحت حكم درجة أولى عام 1988، وبدأت بعدها بتحكيم مباريات الرجال في الدوري السوري الممتاز، ونلت الشارة الدولية عام 1992، واستمررت في التحكيم حتى عام2002، وخلال هذه الفترة قدت مباريات في معظم ملاعب العالم».
سفير التحكيم السوري
ويتابع فارس حديثه عن أبرز محطات مسيرته:«تخصصت في إدارة مباريات الديربي الصعبة، ومنها ديربي اللاذقية بين حطين وتشرين، الذي قدته أكثر من تسع مرات، إضافة إلى ديربي حلب بين أهلي حلب والحرية، حيث شهد أحد اللقاءات حضوراً جماهيرياً تجاوز خمسين ألف متفرج في استاد الحمدانية، وانتهى بتتويج الحرية بلقب كأس الجمهورية».
كما أدار مباريات بارزة بين الكرامة والوثبة، وشارك في تحكيم كأس العالم للناشئين في نيوزيلندا، حيث قاد مباريات مهمة، منها البرازيل – كوستاريكا وغانا – الولايات المتحدة، إضافة إلى اللقاء الحاسم بين زامبيا وجنوب أفريقيا الذي انتهى بتأهل جنوب أفريقيا إلى نهائيات كأس العالم في فرنسا.
وعلى الصعيد القاري والعربي، أدار فارس أربع مباريات نهائية في بطولات عربية أقيمت في الدوحة وعمّان وجدة، أبرزها نهائي الفيصلي الأولمبي الأردني وخريبكة المغربي عام 1996، كما قاد مباريات بارزة في كأس آسيا 2000 في لبنان، من بينها لقاء العراق واليابان، ومباراة الأهلي المصري والأهلي السعودي، إضافة إلى مباراة كوريا وكرواتيا** في دورة الرئيس الكوري.
مهام إدارية وتحكيمية
بعد اعتزاله التحكيم عام 2002، تولى فارس رئاسة لجنة الحكام في سورية، وخضع لأربع دورات صقل آسيوية متقدمة لتقييم الحكام وتطوير الأداء التحكيمي، كما كُلّف بمراقبة الحكام في العديد من البطولات العربية والآسيوية، ولا يزال حتى اليوم يعمل كمقيّم أداء للحكام في الدوري المحلي.
وبفضل خبرته، اعتمد محللاً تحكيمياً لمباريات الدوري السوري لمدة تسع سنوات متتالية في التلفزيون السوري والصحف الرياضية، كما عمل خلال فترة إقامته في مصر محللاً لأداء حكام الدوري المصري عبرقناة النيل.
كما شغل الكابتن تاج الدين فارس منصب مدير المنتخب الوطني السوري الأول بين عامي 2004 و2011، وتولى مهام نائب رئيس اتحاد كرة القدم لثلاث دورات، إلى جانب الدكتور أحمد جبان والدكتور الراحل مروان عرفات والكابتن فاروق سرية، خلال الفترة من 2003 إلى 2011، إضافة إلى رئاسته لجنة الحكام السورية لما يقارب خمس سنوات.
وفي ختام حديثه، وجّه فارس الشكر لزملائه في التحكيم والعمل الإداري والفني، ولجماهير الملاعب السورية التي ساندته ومنحته الثقة والدعم، مؤكداً أن العلاقة التي جمعته بالجماهير قامت على الاحترام المتبادل والحياد والعدالة.
إشادات أهل الاختصاص
بدوره، قال الدكتور أحمد جبان، الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم في سورية: «كان تاج الدين فارس محل ثقة الاتحادين السوري والآسيوي، وعمل بإخلاص كنائب رئيس، وترأس العديد من البعثات الرياضية، وكان قيادياً ناجحاً حريصاً على صورة المنتخبات السورية».
كما أشاد الصحفي الرياضي شعبان خليل، المقيم في هولندا، بمسيرته قائلاً: «أعرف الكابتن تاج منذ نحو أربعين عاماً، حكم دولي ناجح، وإنسان خلوق، قاد المباريات بخبرة وحنكة، ونجح في جميع المناصب التي تسلمها».
من جهته، وصف المدرب الوطني فاتح ذكي، المقيم في السويد، فارس بأنه «حكم نزيه وعادل، ومن أعمدة الجيل الذهبي للتحكيم السوري»، مؤكداً أنه كان دائماً محل ثقة وارتياح خلال قيادته المباريات.
أما الحكم الدولي السابق قيس العبدالله، فتحدث من مدينة غازي عنتاب التركية عن بدايات فارس قائلاً:
«فرض نفسه مبكراً بين كبار الحكام السوريين، وامتلك خبرة واسعة وأخلاقاً عالية، وأتمنى أن يُكلّف بقيادة التحكيم السوري في المرحلة المقبلة».
