لم يقف سائقو السويداء موقف المتفرج من مرضى السرطان في محافظتهم، مع ما يلاقونه من معاناة للنقل من السويداء إلى دمشق وبالعكس لتلقي العلاج في المشافي المتخصصة، فقد أطلقت نقابة النقل البري في اتحاد عمال المحافظة، مبادرة إنسانية عكست حس المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية تحت مسمى "فاعل خير"، وتأمين ما يقارب 20 مليون ليرة شهرياً لهذه الغاية.

من رحم المعاناة

المبادرة ولدت من معاناة مرضى السرطان ومن التكاليف الباهظة بتأمين الدواء والتنقل، لتكون مؤازرة لما تقوم به جمعية أصدقاء مرضى السرطان بالسويداء من خدمات إنسانية، لتأمين مستلزمات العلاج وتوفير أدنى مقومات الاستمرار والمتابعة بالعمل.

الفكرة ولدت بالتشاور مع أعضاء مكتب نقابة ومدير مركز الانطلاق بالسويداء، ويقول "سليم طعمة العربيد" رئيس نقابة النقل البري بالمحافظة لموقع مدونة وطن eSyria، إن منطلق المبادرة هو الشعور الإنساني والتكافل الاجتماعي الذي بات مفروضاً على حد قوله، "بعد الوقوف على تفاصيل ما يقدم من خدمات طبية واجتماعية تقوم بها جمعية أصدقاء مرضى السرطان على ساحة المحافظة، والتي تنفق شهرياً ما يقارب 100 مليون ليرة بين نقل وتأمين جرعات دوائية، وهي قائمة على التبرعات والهبات الداخلية ومن المغتربين، كان لابد من التعبير قولاً وفعلاً والمساهمة بالعمل الإنساني".

سليم العربيد ود. عدنان مقلد

ويضيف: "بدورنا في مكتب النقابة تم التشاور والتوصل إلى تأمين تكاليف النقل الشهري للمرضى والبالغة 20 مليون ليرة من الخطوط الداخلية والخارجية للمحافظة، ووضعنا رؤية لذلك، حيث وافق معظم أصحاب الخطوط الداخلية على تقديم مبلغ 10 آلاف ليرة شهرياً من كل صاحب خط داخل السويداء، و50 ألف ليرة سورية لأصحاب الخطوط الخارجية، علماً أنه لدينا حوالي 146 خطاً متنوعاً بين داخلي وخارجي".

عمل تطوعي

ويتابع رئيس النقابة بالقول : "قلما تخلو قرية من المرضى، وبالتالي لابد من تأمين النقل لهم بشكل مريح بالذهاب والإياب من السويداء إلى دمشق، خاصة بعد معرفة أن الجمعية تملك باصاً سعته 25 راكباً، وهو يعمل بحمولة يومياً 40 راكباً، الأمر الذي سبب زيادة في الأعطال وتكاليف الإصلاح، وتم الإسراع بالمبادة بسبب تعطل الباص والتعاقد مع إحدى شركات النقل الخاصة، والتي بدورها طالبت بالتكلفة فقط لنقل المرضى يومياً إلى المشافي المتخصصة والبالغة 23 مليون ليرة سورية، وبالتالي وقع القائمون على عمل جمعية السرطان بإشكالية بين مطرقة تأمين الدواء المكلف للمرضى والتي تحتاج إلى أكثر من 100 مليون ليرة شعورياً، وبين سندان تأمين تكاليف الإصلاح لوسيلة النقل الخاصة بالجمعية".

باص جمعية السرطان

"فاعل خير"

سليم طعمة العربيد

بدوره يصف "لؤي رضوان" مدير مركز الانطلاق بالسويداء المبادرة بالمهمة على ساحة المحافظة، لأنها تصل إلى صاحب الحاجة والفئة المستهدفة بشكل مباشر، ولا تقع تحت سيطرة البيروقراطية الإدارية، وبالمقابل يشعر المريض بمدى أهمية الخدمة المقدمة له، والجهة التي قدمت تلك المبادرة.

ويضيف: "ما يدخل الطمأنينة ويشيع الأمل هي "النخوة" لدى السائقين الذي ما إن طرحت المبادرة حتى تداعت المواقف تحت مسمى فاعل خير لا رغبة بالشهرة ولا بالاستعراض الاجتماعي، فالمبادرة باتت أقرب إلى الحسنة المخفية".

بدوره يبين "الدكتور عدنان مقلد" رئيس جمعية أصدقاء مرضى السرطان، أن محافظة السويداء تحتل المرتبة الأولى بالإصابة بمرض السرطان وفق إحصائيات وزارة الصحة السورية، بواقع 7500 آلاف مريض، حيث يراجع الجمعية سنوياً بين 4-5 آلاف مريض، ويتم نقل المرضى يومياً بخط سير من أبعد نقطة بالجنوب من السويداء وصولاً إلى أقرب نقطة إلى ريف دمشق عند الحدود الفاصلة بين المحافظين، حيث شكلت عملية النقل عبئاً كبيراً على الجمعية وخاصة الأعطال وتكاليف الإصلاح للباص الذي تجاوز عمره الافتراضي بسنوات.

ويقول "مقلد": "حين عرضنا مع مجلس إدارة الجمعية الإشكاليات والمشاكل وزيادة التكاليف في الدواء والنقل أمام نقابة النقل البري بالمحافظة، كانت النتيجة تقديمهم للمبادرة التي حملت بين طياتها تأمين تكاليف النقل والإصلاح المجاني، وهي المبادرة الأولى من نوعها في تاريخ الجمعية منذ عام 2008، وقد انعكس هذا الأمر إيجاباً على العمل والمريض معاً، حيث تم تأمين بولمان مجهز بشكل أنيق للنقل، والأجمل أن المبادرة جاءت عفوية من دون استعراض اجتماعي أو ما شابه، بل مبادرة حملت طابع العمل الخيري والإنساني خدمة لمريض السرطان".