شكلت هدية بيضة طائر النعام ذات الحجم الكبير، وقبل ثلاثة قرون من الزمن، قيمة تاريخية ورمزاً للعلاقة بين أفراد المجتمع، حيث كانت تمثل رمزاً استخدمه الأجداد في ذلك الوقت لتوطيد السلوك الإنساني والمجتمعي وحل النزاعات الناشئة.

مراجع تاريخية

تشير العديد من المراجع التاريخية وبعض الرواة ممن عاصروا تلك الفترة الزمنية، وبشكل خاص الشيخ "حسين أبو فخر" المعروف بأدبه وشعره وحسه الإبداعي في تدوين الأحداث التاريخية، أن بيضة طائر النعام كان لها دلالة رمزية في تقديمها كهدية، وهي ذات بعد إنساني واجتماعي. ويشير الأديب "ياسر حسين ابو فخر" أحد أحفاد صاحب بيضة النعامة العلامة "شهاب أبو فخر"، لموقع مدونة وطن eSyria، إلى أن التوثيق والسرد التاريخي لحادثة الهدية وأسبابها، يرتبط بمنظومة متكاملة من العادات والتقاليد، إذ أن هذه الهدية لم تكن تقدم جزافاً لشخص دون استحقاق إنساني وأخلاقي وموقف انتمائي.

ويقول: "العشائر بمكونها الفكري والثقافي تعتمد بقانونها الوضعي على الفعل، وليس على التكهن والاحتمال، ولهذا حينما قدمت لجدي "شهاب سلمان أبو فخر" هدية بيضة النعامة من أحد وجهاء العشائر العربية في الجولان، كانت نتيجة فعل وموقف قام به مع تلك العشائر والذي لم يبح بتفاصيل ذلك الموقف لأحد".

الاديب الشيخ ياسر ابو فخر

الهدية الثمينة

الشيخ حمزة حمزة.

يشير "ياسر أبو فخر" أن بيضة النعامة كانت نادرة في البلاد وتعتبر من الهدايا الثمينة والقيمة بين القبائل العربية، ولا يربى النعام إلا في مناطق خاصة بالجولان قديماً.

ويقول: "بعد أن تم عقد صلح ومصالحة مع المرحوم جدي "شهاب ابو فخر" المتميز بمواقفه وعلمه، أراد أحد زعماء القبيلة أن يربط بينهما علاقة طيبة ووثيقة معه، والمعروف أن جدي كان من المعلمين الاوائل في قرية "قنوات"، وهو سليل عائلة معروفة بالعلم، أما جدي المرحوم "سلمان شهاب أبو فخر" فهو واحد من علماء عصره حيث عمل في "قنوات" معلماً وموجها في المدرسة مع من كان من هذا الرعيل، والأديب العلامة "سلمان أبو فخر"، هو الذي أُهديَ له من بعض وجهاء العشائر البدوية في تلك الفترة بيضة من بيوض النعام كبيرة الحجم لونها يميل إلى الاصفرار، وعمرها يقارب ثلاثة قرون من الزمن، ولا زالت معلقة ومحفوظة من العبث والتلف وقد كوفىء جالبها وحاملها بليرتين ذهبيتين في ذلك الزمان بعد إكرام وفادته وشكره على صنيعه".

بيضة النعامة الهدية التاريخية

الخلف والسلف

الشيخ "حمزة حمزة" إمام قرية "رساس" يقول: "من يدخل إلى منزل الأديب "ياسر أبو فخر" يجد هدية جده المرحوم العلامة "سلمان أبو فخر" موجودة ومحفوظة ضمن قفص زجاجي محاطة بالورود، كي تبقى محافظة على خواصها وشكلها والتي تعود إلى ثلاثة قرون، وليس غريباً على تلك العائلة العلمية من والده الأديب والشاعر "حسين أبو فخر" إلى جده القاضي "محمود أبو فخر" الذي عرف أنه أول قاضي في تاريخ جبل العرب، وصولاً إلى جده "سلمان بن شهاب أبو فخر" المعلم الفاضل والعالم في اللغة والأدب". ويضيف: "لا يمكن أن تنظر إلى تلك البيضة الموجودة في صدر المضافة، إلا وتتساءل كم كان الأهل والعشائر وأصحاب المواقف أوفياء مع بعضهم بعضاً في تقديم الشكر لحل نزاع أو خلاف أو حل إشكالية اجتماعية تحدث بين العشائر، والأجمل كيف استطاع الأبناء والأحفاد المحافظة على تلك الهدية الثمينة قبل ثلاثة قرون رغم عوامل الزمن وتطورات الحياة".