لوحات وقطع فنية تحمل في تفاصيلها دقّةً عاليةً وجودةً وتميّزاً يجذب الأنظار، تبدعها الشابة "فرح كناج" بكثير من الشغف، وتضيف إليها من روحها وأفكارها المبدعة حتى تصبح بمستوى لائق ومنافس في الجودة والإتقان.
عن البدايات
تتحدث "كناج" عن بدايات موهبتها في مجال الأعمال اليدوية وتقول: «بدأت بأول أعمالي اليدوية في سن مبكرة، وكانت عبارة عن مجسمات بسيطة مصنوعة من الورق، حيث اعتمدت آنذاك على تقليد أشكال الرسومات الكرتونية المتحركة، وفي مرحلة لاحقة قمت بتنفيذ بعض التصميمات مستخدمة مواد بسيطة متوافرة كمجلات الحائط والورق المقوى واللواصق والألوان المائية، حينها لم ألقَ أي اهتمام يشجعني للاستمرار في العمل، لكنني تابعت عملي على تطوير موهبتي بعد أن وصلت إلى المرحلة الثانوية، وذلك بتشجيع من المرشدة النفسية في المدرسة، وهي من المهتمين بالأعمال اليدوية، وقد استفدت في تلك المرحلة من كل ما قدمته لي من آراء ونصائح واقتراحات، حتى أنها كلفتني بأكثر من مشروع حمل أفكاراً متنوعة كاللوحات الإرشادية ورسوم تزيين المدرسة، ثم طلبت مني تنفيذ مجسّم للثانوية، وهكذا وُضعت أمام التحدي الأكبر، وأخذت أحفظ تفاصيل مدرستي من الداخل والخارج، وبدأت بتنفيذ العمل مستخدمة مجلات الحائط والورق، حتى وصلت إلى شكل المجسم من الخارج والهيكل الخارجي، وكل ذلك كان يتم بدقة عالية مع اهتمام بأدق التفاصيل، وقد استغرق العمل أربعة أشهر متواصلة، وكانت النتائج رائعة جداً، وبعد تسليمه بشكله النهائي إلى المدرسة، كانت الآراء مشجعة جداً، ومن هنا بدأت التفكير لتأسيس مشروعي الخاص».
من التحديات التي واجهتها عدم توافر المواد المطلوبة من جانب، أو توافرها بأسعار مرتفعة لا تناسب قدرتي الشرائية من جانب آخر، لذلك حاولت استبدال المواد باهظة الثمن بالنسبة لمقدرتي كطالبة جامعية بمواد أقل ثمناً وأبسط منها، ما جعلني أبذل جهداً مضاعفاً لتعويض انخفاض جودة المواد حتى أُظهر الإتقان والدقة في العمل دون أي نقص، والمواد التي أستخدمها حالياً في عملي هي الخشب المعاكس والمشرط اليدوي وألوان متنوعة منها الأكريليك والصبغات والورق المقوى، أيضاً أقلام التخطيط، وهي أدوات معظمها متوافرة في المكتبات الفنية والهندسية باستثناء اللوح الخشبي الذي أقوم بالتوصية عليه من منطقة الصناعة في "طرطوس"
بعد انتهائها من الثانوية بدأت "فرح" بتطوير أدواتها، فاستخدمت الكرتون المقوى، وصنعت أشكالاً تقليدية كالأدوات الموسيقية والسيارات مع الاهتمام بتفاصيلها، ومع ازدياد الدعم المعنوي قررت تطوير مشغولاتها بشكل أكبر، فانتقلت من استخدام الكرتون إلى الصناعات الخشبية.
تضيف "كناج": «خلال هذه المراحل المتتابعة لم ألجأ للتعلم عن طريق الدورات التدريبية، فقد كان تعلمي ذاتياً، ومنذ البداية لم أتردد يوماً في السعي لتطوير مهاراتي وأدواتي للوصول إلى أفضل نتيجة، خاصة بعد أن أصبحت ألتمس الدعم والاهتمام الكبيرين من الأهل والأصدقاء المقربين، وهذا ما وضعني أمام مسؤولية كبيرة، ودفعني لأن أضع كامل جهدي للوصول إلى النتيجة المطلوبة بحرفية عالية، معتمدةً على مخيلتي بشكل كبير، فأضفت أدق التفاصيل الصغيرة منها والكبيرة لكل عمل قمت بتنفيذه، وعندما كان الداعمون والزبائن يقدمون لي بعض الأفكار لصناعتها، كنت أسعى دائماً لإضافة تفاصيل متفردة ولمسات خاصة بمخيلتي كي تكون نتائج ما أصنعه بعيدة عن التقليد والمألوف».
صعوبات مادية
منذ أن قررت "فرح" تطوير مشروعها وأدوات العمل المستخدمة اصطدمت بتحديات مادية كان لا بدّ من مواجهتها: «من التحديات التي واجهتها عدم توافر المواد المطلوبة من جانب، أو توافرها بأسعار مرتفعة لا تناسب قدرتي الشرائية من جانب آخر، لذلك حاولت استبدال المواد باهظة الثمن بالنسبة لمقدرتي كطالبة جامعية بمواد أقل ثمناً وأبسط منها، ما جعلني أبذل جهداً مضاعفاً لتعويض انخفاض جودة المواد حتى أُظهر الإتقان والدقة في العمل دون أي نقص، والمواد التي أستخدمها حالياً في عملي هي الخشب المعاكس والمشرط اليدوي وألوان متنوعة منها الأكريليك والصبغات والورق المقوى، أيضاً أقلام التخطيط، وهي أدوات معظمها متوافرة في المكتبات الفنية والهندسية باستثناء اللوح الخشبي الذي أقوم بالتوصية عليه من منطقة الصناعة في "طرطوس"».
وتبين أن عملها هو يدوي بحت، مشغول بأقصى طاقة ويحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والحب في العمل، لذلك من يشتري لوحةً مصنوعة يدوياً، هو لا يشتري فقط لوحة فنية، بل وقتاً وجهداً من حياة شخص صنعها بكل الحب والشغف.
تروّج "فرح" لمصنوعاتها عبر صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أنشأتها لهذا الغرض، كذلك شاركت مؤخراً في معرض "الفينيق" الذي أُقيم في المكتبة المركزية لجامعة "تشرين"، وكان المعرض حسب قولها على مستوى جيد جداً من التنسيق، ما ساهم بوجود إقبال كبير وواسع من كافة الأعمار والفئات المتخصصة الذين أبدوا إعجابهم ودعمهم لهذا النوع من العمل.
مشغولات متميزة
تقتني "يارا حيدر" في منزلها عدة قطع من أعمال "فرح كناج"، كما قدّمت عدّة مشغولات أخرى كهدايا لأصدقائها، وتُبيّن أن ما دفعها للشراء هو الدقة في تنفيذ اللوحة وسرعة التنفيذ، والتكلفة المناسبة مقارنةً مع أسعار المشغولات اليدوية في الأسواق.
أما "آلاء ناصيف" فتشير إلى أن الحب والشغف الذي يميز موهبة "كناج" هو الذي أعطى أعمالها تميزاً دفعها لشراء عدة لوحات بأقل تكلفة، مع التزامها بتنفيذ الطلب من دون تأخير وخلال مدّة قصيرة جداً.
بدورها "مي مصطفى" تقول: إن ما تُقدمه "كناج" من مشغولات يدوية يُصنع بجودة عالية ودقة متناهية، وبطريقة ترضي أذواق الزبائن وبأسعار رمزية جداً على الرغم مما تحمله من حرفية ومهارة في التنفيذ مقارنة بالمنتجات المشابهة لها في الأسواق.
أجريت اللقاءات بتاريخ 16 حزيران 2023.