شكّلت وفاة الدكتور "ليليوس يعقوب" ابن مدينة "القامشلي"، صدمة لأهله ومحبيه وأبناء منطقته الذين أحبوه لما تحلّى به من إنسانية في عيادته الطبية وفي تعامله مع مرضاه، فقد كان ملتزماً بقيم ومعايير خيرة وطيبة، وهو ما أشار إليه كثير ممن عاصروه وسمعوا عنه وعدّوا رحيله خسارة للمنطقة وللأهالي.

سيرة عطرة

امتاز الدكتور" يعقوب" بالكفاءة العلمية والطبية، لذلك يعد رحيله خسارة لا تعوّض، سواء لمرضاه الذين كانت تغص بهم عيادته أو لأسرته التي كانت تعدّه صديقاً، قبل أن يكون فرداً من أفرادها، وهو ما قاله شقيقه "سامي يعقوب" والذي يضيف: «كانت حياة الراحل متميزة منذ مراحلها الأولى، ولد ومات وهو ينهج وينهل الخير والمحبة، طوال حياته لم يزعج أحداً.. درس كل مراحل الدراسة في مدينة "القامشلي" كان متفوقاً وفي المراكز الأولى بكل الصفوف الدراسيّة، ومن تلك الفترة كان يملك شخصية مهذبة وأنيقة ومتواضعة، ومحبة للناس والزملاء، ومن سن الطفولة كان يعتمد على برنامج معين وثابت للدراسة والحياة بشكل عام، ضمن المدرسة كان يشارك بمسابقات وأنشطة فنية وأدبية، ومع مرور الوقت كان يشارك بأمسيات شعرية متميزة، وبعد نيل الشهادة الثانوية اتّجه إلى كلية الطب البشري، وتخصص في طب العيون في دراسته الجامعية، ليكمل عمله بعد التخرج في مشافي "الحسكة" قبل أن يفتتح عيادته الخاصة، وكان هدفه دائماً مساعدة الناس».

بالإضافة إلى المعاينات المجانية الكثيرة يومياً، كان ينجز عمليات جراحية مجانية أيضاً، وأكثر من ذلك يقوم بشراء عدسات لاصقة لمن لا يقدر على شرائها، وكثيراً ما وجدته في العيادة يمنح الأدوية أيضاً للمرضى مجاناً، كان يتحفظ أن يعلن عن نفسه بالعمل المجاني سواء للمعاينات أو العمليات، كان يعدُّ ذلك واجباً لأهله وأبناء منطقته، عندما افتتح العيادة قال له أحد الأصدقاء: (أنت طبيب منذ الصغر، فقد كنت مهذباً وخلوقاً ومجتهداً منذ مراحل الطفولة حتّى الآن بعد أن أصبحت طبيباً بالشهادة)، خسرناه جميعاً، خسرنا إنسانيته

العاشق للخير

ويتابع شقيق الراحل بالقول": «كان عاشقاً للخير، محباً للإنسانية ومساعدة الناس، يقصده الفقير واليتيم ومن لا يملك ثمن المعاينة، فقد تربى في أسرة عانت الفقر، وهو الذي انطلق للعمل الطبي بناء على حياة الطفولة والفقر والمعاناة، وليس غريباً أن يترك رحيله أثراً في كل من عرفه أو سمع به، فقد ذاع صيته في أغلب مدن وبلدات المحافظة، ومن شدّة رغبته بمساعدة الناس وتعلقه بالبلد، لم يفكر لحظة واحدة بالسفر، سعادته كانت بخدمة الأهالي، وكثيراً ما كانت ترسل بعض الجمعيات الخيرية مرضى لا يستطيعون دفع المعاينة، لم يكن يأخذ القيمة من المريض ولا من الجمعية، عندما يزوره مريض من قريته كان يعود بلحظات رائعة ينقل تفاصيلها للمنزل، وهو متعلق بشدة بزملائه وأهله وماضيه وأبناء حيّه، وعند إعلان افتتاح عيادته عام 2007 أعلن معها مجانتيها لكل من لا يستطيع».

شعر الطبيب الراحل في إحدى المجلات الأدبية

واجب إنساني

الكنيسة تجمع مختلف أطياف المنطقة في يوم رحيله

من جهته ينقل صديق طفولته ومن كان ملازماً له بشكل شبه يومي، "حسين محمد" تفاصيل إضافية عن حياة الراحل الدكتور "ليليوس" ويقول": «بالإضافة إلى المعاينات المجانية الكثيرة يومياً، كان ينجز عمليات جراحية مجانية أيضاً، وأكثر من ذلك يقوم بشراء عدسات لاصقة لمن لا يقدر على شرائها، وكثيراً ما وجدته في العيادة يمنح الأدوية أيضاً للمرضى مجاناً، كان يتحفظ أن يعلن عن نفسه بالعمل المجاني سواء للمعاينات أو العمليات، كان يعدُّ ذلك واجباً لأهله وأبناء منطقته، عندما افتتح العيادة قال له أحد الأصدقاء: (أنت طبيب منذ الصغر، فقد كنت مهذباً وخلوقاً ومجتهداً منذ مراحل الطفولة حتّى الآن بعد أن أصبحت طبيباً بالشهادة)، خسرناه جميعاً، خسرنا إنسانيته».

الدكتور "ريبر مسور" يشير في حديثه إلى محبة الناس للطبيب الراحل، وقد امتاز بالتواضع، والاهتمام بتمتين العلاقات مع زملائه الأطباء بشكل خاص، مشيداً بعمله وكفاءته وخبرته الطبية، والميزة الرائعة أنه يعطي المريض حقّه بالتشخيص والفحص السريري، ولا يهتم بقيمة المعاينة، والتي كانت آخر همّه.

الدكتور الراحل "ليليوس يعقوب" من أهالي مدينة "القامشلي" المولود عام 1975.