لعبت إشارات المرور وعبر التاريخ دوراً مهماً في ضبط وتنظيم حركة مرور العربات والناس وخاصة بالمدن المكتظة بالسيارات والسكان، وتعد من أهم طرق السلامة المرورية القديمة التي ابتكرها الإنسان وما زالت مستخدمة حتى الآن، هي نصب الإشارات المرورية الضوئية المنصوبة في الطرق والتقاطعات الرئيسية والفرعية، حيث عدت واحدة من أهم عوامل الأمان والاطمئنان للعربات والناس معاً، بتنظيمها الحركة المرورية بتبدل أضوائها الثلاث الموحدة والمتفق عليها بكل دول العالم وهي الأحمر والأصفر والأخضر.

الأسبقية للرومان

يقال إن الرومان هم أول من اخترع إشارات المرور في العالم في القرن الخامس، عبر نصب أعمدة حجرية على جانبي الطريق توضح اتجاهات السير والمسافات المتبقية للوصول إلى القرى، وأطلق عليها اسم "ملياريس" وتعني وحدة القياس بالميل.

ارتبط هذا التطور باسم "جون ف هاريس وزميله ويليام بوتس"، وتوصل الشرطي "وليام" إلى فكرة اختراع الضوء البرتقالي لتحذير السائقين، وفي عام ألف وثمانمئة وتسعين ظهرت أول إشارة مرور آلية في "الولايات المتحدة"، ولم تكن تحتاج لتدخل العنصر البشري، وفي عام ألف وتسعمئة واثني عشر تم تطوير إشارات المرور فأصبحت تعمل بالكهرباء بالأحمر والأخضر، وتعد إشارات المرور لغة عالمية متعارف عليها بين سائقي السيارات والمشاة، لتنظيم حركة المرور والسيطرة على تدفق حركة المرور بشكل آمن من خلال استخدام وتبدل الأضواء الثابتة، وغالباً ما يتم المزج بين اللونين الأحمر والبرتقالي والأخضر والأزرق لتسهيل تمييزها للمصابين بعمى الألوان الذين لا يستطيعون التمييز بين لوني الأحمر والأخضر، وللعلم أول حادثة مرور وقعت في "بريطانيا" نتج عنها وفاة السائق كان ذلك في عام ألف وثمانمئة وتسع وتسعين

رئيس فرع المرور في مدينة "حلب" العميد "لبيب عيسى يوسف" يقول في حديثه للمدونة: « استخدمت إشارات المرور منذ القدم في كافة أنحاء دول العالم لأجل تنظيم حركة السيارات والمشاة ولتحقيق السلامة المرورية للجميع، من خلال تشغيل نظامها الضوئي الثلاثي المتعارف عليه وهو (الأحمر والأصفر والأخضر)، وكما هو معروف فإن أول إشارة مرور ظهرت وركبت في العالم كانت في مدينة "لندن" عام ألف وثمانمئة وثمان وستين، وكانت من اختراع المهندس "جون بيك نايت" وهو مهندس السكك الحديدية، وصممت على شكل ذراعين مجهزين بضوئين أحمر وأخضر من الغاز لأجل الاستخدام الليلي لتنظيم حركة العربات التي تجرها الخيول، ولكن لم يكتب لهذه التجربة النجاح والاستمرار إذ انفجر أحد مصابيحها بعد عامين من تركيبها في وجه الشرطي المناوب وتسببت له بجروح عميقة في وجهه، وتطور الأمر إلى عام ألف وتسعمئة وخمس وعشرين، حيث تم وضع أول إشارة ضوئية في شارع "ديترويت" بمدينة "نيويورك" وهي ذات الألوان الثلاثة المعروفة وكانت تعمل يدوياً، ونتيجة التطور الطبيعي لوسائل ضبط التقاطعات تم تطوير شكل الإشارات من اليدوية إلى الأوتوماتيكية».

رئيس فرع مرور "حلب" العميد "لبيب يوسف " مع الرائد "هاني عبد السلام" .

ويضيف: «ارتبط هذا التطور باسم "جون ف هاريس وزميله ويليام بوتس"، وتوصل الشرطي "وليام" إلى فكرة اختراع الضوء البرتقالي لتحذير السائقين، وفي عام ألف وثمانمئة وتسعين ظهرت أول إشارة مرور آلية في "الولايات المتحدة"، ولم تكن تحتاج لتدخل العنصر البشري، وفي عام ألف وتسعمئة واثني عشر تم تطوير إشارات المرور فأصبحت تعمل بالكهرباء بالأحمر والأخضر، وتعد إشارات المرور لغة عالمية متعارف عليها بين سائقي السيارات والمشاة، لتنظيم حركة المرور والسيطرة على تدفق حركة المرور بشكل آمن من خلال استخدام وتبدل الأضواء الثابتة، وغالباً ما يتم المزج بين اللونين الأحمر والبرتقالي والأخضر والأزرق لتسهيل تمييزها للمصابين بعمى الألوان الذين لا يستطيعون التمييز بين لوني الأحمر والأخضر، وللعلم أول حادثة مرور وقعت في "بريطانيا" نتج عنها وفاة السائق كان ذلك في عام ألف وثمانمئة وتسع وتسعين».

إشارات المرور في "سورية"

يشرح العميد "لبيب" تاريخ تركيب إشارات المرور في "سورية" قائلاً: «في عام ألف وتسعمئة وست وثلاثين وتحديداً في مدينة "دمشق" تم تركيب أول اشارة ضوئية تدار باليد، وهي عبارة عن ذراعين متصالبين كل واحد منهما بشكل متوازي مستطيلات وبداخل كل واحدة إضاءة كهربائية للاستعمال الليلي يداران بواسطة مقبض من قبل شرطي، وركبت تلك الإشارة في تقاطع "البرلمان" مع شارع "العابد" وتقاطع شارع "الصالحية" مع "عرنوس" و"فكتوريا" لتسهيل حركة المرور ، ومن ثم انتشرت الحالة لباقي المدن السورية وخاصة في مدينة "حلب" بعد التزايد الكبير في أعداد السيارات، حيث تم تطوير الإشارات الضوئية في الشوارع متعددة التقاطعات في ثمانينيات القرن الماضي لتعمل بنظام الضبط المترابط وما يسمى بالموجة الخضراء، وتم ربط أزمان هذه الإشارات مع بعضها بحيث إذا سارت المركبات بسرعة محددة تستطيع أن تسير على طول الشارع دون توقف على الإشارات بمعنى أنها كانت تعطي الأمر بالحركة على طول الشارع».

نموذج وشكل الإشارات الضوئية من الاعمدة الحجرية عند بدء اختراعها

ثقافة مرورية

اللونين الأساسين للشارة الضوئية في كل دول العالم الأحمر للتوقف والأخضر للسير بأمان

فيما يعرف الرائد "هاني عبد السلام" ضمن بحثه الموسع الذي ألقاه في ندوة مرورية بالقول : «للإشارات الضوئية دور مهم في تعزيز الثقافة المرورية وربطها بقوانين المنظومة المرورية الأخرى، التي تقوم على تعزيز الجوانب الحسية والمعرفية والمعنوية لتحسين قدرة الفرد على حسن القيادة مع حسن التعامل مع مكونات الحالة المرورية كي تؤدي إلى نمط سلوكي فعال لتجنب الحوادث المرورية ومن أهم تلك المحظورات عدم تجاوز السرعة المسموحة، والانتباه والتركيز، وعدم القيادة في ظروف نفسية متوترة، وكذلك في ظروف مناخية غير ملائمة. مع تجنب استخدام الهواتف او قراءة الرسائل والقيادة بحالة شرب الخمر، حيث أن وقوع حوادث المرور له آثار متعددة على مختلف جوانب الحياة، وما يلحقه من خسائر في الأرواح وعاهات دائمة وارهاق خزائن الدولة بتكاليف العلاج بنسبة ثلاثة بالمئة من ناتجها الإجمالي. وللعلم هناك أكثر من مليون ونصف المليون شخص سنوياً يموتون نتيجة حوادث المرور وما بين العشرين والخمسين مليون تقع عليهم إصابات وعاهات قاسية غيرمميتة».

يضيف الرائد "عبد السلام" أنه في "سورية" سجل في عام 2005، 20134 حادثة كان نصيب الوفيات منها 2197، وعدد المصابين 12841، وسجل عام 2010 أعلى نسبة حوادث حيث وصلت إلى واحد وثلاثين ألفاً واربعمئة وتسعين حادثة، فيما سجل عام 2019 الرقم الأدنى، ووصل عدد الحوادث إلى سبعة آلاف وتسعمئة وخمس وستين حادثة.

ويلفت إلى ان دول العالم تنبهت إلى تفاقم آثار الحوادث، فقامت بوضع القوانين الصارمة للتخفيف منها قدر الإمكان إلا إنها لم تصل بعد للمستوى المأمول، وتشير الإحصائيات إلى وقوع أكثر من ثلاثين مليون حالة وفاة منذ اختراع السيارة في عام ألف وثمانمئة وست وتسعين حتى يومنا هذا.

وفي "سورية" وفي عام 2020 وصل عدد وفيات حوادث السير في عشر محافظات إلى ستمئة وسبع وثمانين حالة، وتصدرت مدينة "طرطوس" أعلى نسبة برقم مئة وستة عشر تلتها حماة بمئة وإحدى عشرة حالة ثم "دمشق" بتسعين حالة والقنيطرة بثلاث حالات.

في مدينة "حلب"

المهندس "عمار سليمان" من دائرة هندسة المرور يبين أنه قبل عام 2011 كان في مدينة "حلب" خمسة وسبعون إشارة ضوئية ووصلت في تركيبها إلى حدود الضواحي القريبة من مركز المدينة، مثل بلدة "حريتان"، وبسبب الظروف الأخيرة تقلص عددها حالياً إلى ما دون الـ50 إشارة تعمل أغلبها على نظام (الكهرو شمسي) وبجهد 24 فولت مزودة بنظام عدادات الثواني وتعمل باللونين الأحمر والأخضر، ويتم معايرة زمن الثواني فيهما حسب غزارة المرور.

ويؤكد المهندس "سليمان" أن مدينة "حلب" كانت سباقة على مستوى القطر في تشغيل نظام الثواني، ومنذ عام 2008، وإن الصيانة متوفرة وخلال ساعات ليس أكثر لأي عطل طارئ وختم طبعاً هناك خطوط أمان مدهونة باللون الأبيض لممرات للمشاة.

شهادات مرورية

بدوره يقول "عمار بيطار" خمسون عاماً سائق سيارة أجرة في المدينة :<<أعمل سائقاً في المدينة منذ أكثر من ثلاثين عاماً التزم وأقف على كل إشارة المرور بكل احترام وأتعاون مع رجال المرور لسلامة المشاة، الإشارات الضوئية تعطي الأمان للعربة والراكب والمشاة معاً وألتزم بها ليلاً حتى لو لم يكن هناك رجل مرور يقف عليها، التقيد والانتظام بإشارات المرور مظهر حضاري وأخلاقي، ومن واجبنا مساعدة كبار السن والنساء والأطفال لفسح المجال لهم ليعبروا براحة وهدوء>>.

"محمد دمر" ثلاثون عاماً وهو سائق عمومي قال:<< الحمد لله نتيجة تقيدي وانضباطي بإشارات المرور لم أتعرض لأي حادث، وهي قبل هذا وذاك نظام مروري لمصلحة الجميع وبقدر التزامنا به نوفر الحياة والجهد والمال لنا وللغير، وأنا جاهز للتثقيف وحضور كل الندوات التي تطور عملنا وترفع من كفاءتنا وتقلل من مخاطرنا في وقوع الحوادث>>.

تم إجراء اللقاءات والتصوير بتاريخ الثالث عشر من شهر حزيران لعام 2022 في فرع مرور مدينة "حلب" وفي الشوارع الرئيسية المكتظة بالحركة المرورية للعربات.