استفادت الحرفية "لينه منصور" من خيرات الطبيعة المحيطة بها لصناعة صابون تجميلي بأسلوب احترافي غير رائج، واستطاعت بكثير من الجهد وباستخدام أدوات مبتكرة، كسر الطريقة النمطية في صناعة الصابون المنزلي، والوصول إلى منتجات ذات صبغة تجميلية وبمواصفات عالية وخالية من الإضافات الكيميائية الضارّة، وكلّ ذلك بالاستعانة بما وفرته البيئة المحيطة بها من مواد طبيعية مئة بالمئة.

بخطواتٍ مدروسة

بدأت "لينه" تجربتها من صناعة الصابون البلدي المتعارف عليه لدى غالبية أبناء الريف، ولكن هذا لم يرضها بشكل مطلق فتوجهت نحو صناعة الصابون التجميلي ذي الفوائد العلاجية ومن ثم التخصصية بالبشرة، وساعدها زوجها ودعمها في أكثر من مجال ضمن العمل، فابتكر وصنع أدوات ووسائل مساعدة بالعمل اليدوي، ومن جهتها تابعت تطوير مهاراتها وخبراتها ومعارفها عبر المواقع الإلكترونية التخصصية والمعارض والندوات بالتزامن مع تطوير الإنتاج وتعدد اختصاصاته، ليشمل أيضاً استخراج المقطّرات وزيوت النباتات التجميلية والعطرية غير المعروفة، ومن ثم توجهت لصناعة الكريمات التجميلية.

كان سندي الأساسي بهذا العمل الذي يحتاج الكثير من التعب والجهد والصبر والتفرغ في كثير من الأحيان، أسرتي وزوجي بشكل أساسي، حيث وفّر لي دعمهم الكثير من الوقت والجهد من خلال ابتكار أداة من خرداوات المنزل لتحضير الخليط الأساسي، وكذلك أداة أخرى لتجهيز منتج موحّد أنيق الشكل وجذاب

"لينه" ربّة المنزل المتزوجة في قرية "الدي" بريف مدينة "القدموس"، تعمل كنوع من تطوير العمل على إنتاج المستحضرات التجميلية العلاجية بطرق تراثية يدوية تحافظ على خواصها الطبيعية وفوائدها الصحية، وضعت فيها بصمتها الخاصة غير التقليدية، انطلاقاً من إنتاج الزيوت العطرية والعلاجية الاستشفائية، محققة منتجاً طبيعياً 100% وهذا بحسب حديثها لمدوّنة وطن eSyria.

من منتجاتها

تمكّنت "لينه" من إدخال منتجاتها من المقطّرات والزيوت الطبيعية الخالية من المواد الكيميائية في صناعة الكريمات الطبيعية التجميلية والعلاجية، فبات مشروعها العائلي المتكامل مصدر دخل مهم يتطور بهدوء وبمراحل وخطوات مدروسة،

تراكمُ الخبرات

تقول "لينه": «فكرة صناعة الصابون البلدي على البارد دون تعريضه للحرارة من المواد المتوفرة في المنزل كزيت الزيتون مثلاً هي الأساس بالعمل، ومنها انطلقت مع التفكير بإمكانية تطوير التجربة ودراسة كل ما يخص التجميل والعناية بالبشرة بالاستفادة من المواقع الإلكترونية التخصصية الطبية والتجميلية، فأنتجت الصابون من الزيوت العطرية ذات المنافع التجميلية والعلاجية.. وهذه الدراسات والتجارب مازجتها مع خبرات ومعارف طبية مهنية من أطباء أصدقاء مختصين بمجال التجميل والعلاجات التجميلية، وأيضاً من خلال الدورات التدريبية ذات الصلة، والتوجه لحضور المعارض في مختلف المحافظات، ومنها جميعاً كانت الخبرات تتراكم والمعارف تتأطر والواقع يتغير نحو الأفضل».

خلال المشاركة بالمعارض

وتضيف: «كان سندي الأساسي بهذا العمل الذي يحتاج الكثير من التعب والجهد والصبر والتفرغ في كثير من الأحيان، أسرتي وزوجي بشكل أساسي، حيث وفّر لي دعمهم الكثير من الوقت والجهد من خلال ابتكار أداة من خرداوات المنزل لتحضير الخليط الأساسي، وكذلك أداة أخرى لتجهيز منتج موحّد أنيق الشكل وجذاب».

بيئةٌ ملهمةٌ

كان للبيئة التي تعيش فيها الحرفية "منصور" دور كبير في عملها، فالمنطقة ذات الطبيعة البرية في قريتها "الدي" حسب وصفها، منطقة غنية بالأعشاب والأشجار المتنوّعة ذات القيمة الطبية والتجميلية الفريدة بمواصفاتها من ناحية الجودة والفعالية والوفرة، ما يسر عليها العمل في المشروع وأعطاها دفعاً مستمراً، وخاصة فيما يتعلق بالكريمات المنتجة من الزيوت الطبيعية، حيث كانت آثارها الإيجابية تقترب من 95% دون آثار سلبية لخلوّها من المواد الكيميائية، ومجمل هذا انعكس على تحسن المستوى المعيشي لها ولأسرتها، وقد يكون رديفاً ومعيلاً لعدة أسر أخرى مستقبلاً.

"على البارد"

تشرح الحرفية الطريقة الاحترافية لصناعة الصابون العلاجي والتجميلي بالقول: «لصناعة الصابون طريقتان الأولى هي الطريقة الساخنة المتداولة والمتعارف عليها بين الجميع، وغالبية سكان الريف يتبعونها كونها لا تحتاج لجهد ومعايرة تعتمد على دراسة المقادير، ونتائجها وفوائدها غير شاملة نتيجة تعرض الزيت لدرجة حرارة عالية تفقده معظم المكونات الغذائية للبشرة، حيث لا يبقى من المنتج سوى ميزة التنظيف فقط دون فوائد طبية علاجية.

أما الطريقة الثانية فهي كما يمكن تسميتها "على البارد"، حيث يتم تجهيز الخليط بمكوناته المتعددة دون تعريضه للحرارة، للمحافظة على القيم الغذائية والتجميلية فيه، وهي طريقة تخضع لمراحل معايرة مدروسة بعيدة عن العشوائية لكميات ونسب المكونات، حيث يكون المنتج صابوناً مغذياً ومنظفاً ومرطباً للجلد، وهذا أتاح لي فرصة ابتكار صابون الكركم مثلاً وصابون الخيار وصابون العسل وصابون الحليب وصابون الشوفان، حيث أن فكرة المنتج تأتي من الحاجة له والمشاكل الدائمة أو الطارئة التي تعاني منها البشرة وخاصة لدى فئة الشباب».

مصدرُ دخلٍ

بدورها تؤكد السيدة "سهير حيدر" إحدى المستفيدات من المنتجات العلاجية التي صنعتها "لينه" أن بشرتها المتعبة نتيجة الإهمال استعادت ألقها بعد استخدام صابون الليمون والخيار، ما انعكس على حالتها النفسية وباتت أكثر ثقة بنفسها، وهذا ينسحب على أخواتها وصديقاتها اللواتي يستخدمن العديد من المنتجات الاستشفائية كالشامبو مثلاً الذي أوقف تساقط الشعر لدى أختها، علماً أنها جربت بعض العلاجات الطبية ولكن نتائجها غير مرضية وتحتوي على مواد كيميائية لا ترغب بها.

نال ما تقوم به "لينه منصور" وتنتجه من صابون ومقطرات وكريمات ثقة من جربه، فباتت دافعاً ومحفزاً للعديد من السيدات ليكنّ أكثر فاعلية ضمن بيئاتهن المحلية، وفق ما أكدته "سهير"، كما أن تحقيقها لمصدر دخل رديف في هذه الظروف الصعبة ليس بالأمر البسيط والسهل، ويتطلب الصبر والعزيمة والخبرة والحب للعمل، وهي أبرز مقومات شخصية "لينه".