في قطعة أرض صغيرة لا تتجاوز النصف دونم، بدأ المزارع "محمد الزعبي" من مدينة "إزرع" في محافظة "درعا"، زراعة شتول نبات "الزعتر الخليلي" أوائل العام الماضي، كتجربة هي الأولى من نوعها لهذا النبات الطبي والعطري الذي ثبتت جدواه الاقتصادية، خصوصاً في المساحات والحيازات الصغيرة من الأراضي التي يستطيع معها المزارع رعاية محصوله بأقل التكاليف والحصول في الوقت نفسه على مورد مادي جيد.

زراعة بديلة

يقول "محمد" إن ما دفعه إلى تبني هذه التجربة هو أن "الزعتر الخليلي" يعد من الزراعات البسيطة مقارنة بالمحاصيل التي اعتاد فلاحو المحافظة على زراعتها كالقمح والشعير والبقوليات وغيرها من الزراعات التقليدية، وعلى عكس هذه الزراعات التي تحتاج إلى ظروف جوية معينة وكميات كبيرة من الأمطار، لا يتأثر "الزعتر الخليلي" بالعوامل الجوية، فهو يعيش في الأرض بصورة طبيعية ولا يحتاج إلى عناية خاصة كما حال بقية المحاصيل، فضلاً عن عدم حاجته للأسمدة والمبيدات الحشرية بكميات كبيرة، كل ذلك مقابل مردود مادي يعد جيداً مقارنة بالتكاليف البسيطة، فإنتاج الدونم الواحد يصل إلى 100 كيلو سنوياً من محصول الزعتر الذي يصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 3000 ليرة.

الجدوى الاقتصادية لمشروع زراعة الزعتر الخليلي عالية في حال تحققت لها الشروط الموضوعية، فهو من النباتات المعمرة والتي يبدأ إنتاجها بعد ستة شهور من الزراعة، وتجري عمليات قطافه مرتين أو ثلاث في العام، علماً أن الكيلو غرام الواحد من الزعتر المجفف يباع بـ3000 ليرة سورية، وقد تكفّل الشريكُ في التنفيذ ممثلاً باتحاد النحالين بشراء كامل الإنتاج من المستفيدين وتسويقه عبر الشركات والتجار

330 مستفيداً

"محمد" هو واحد من 330 مزارعاً في محافظة "درعا" ممن استفادوا من مشروع زراعة "الزعتر الخليلي" الذي يعد من الزراعات الطبية الأسرية التي جرى تنفيذها من خلال منحة مقدمة من برنامج الغذاء العالمي بالتعاون مع اتحاد النحالين العرب – أمانة "سورية" ، وبإشراف من مديرية الزراعة في "درعا".

دورة تدريبية وإرشادات حول طرق العناية بالشتول المزروعة

ويهدف المشروع حسب منسقه في محافظة درعا – المهندس "جميل العبد الله" إلى تشجيع الزراعات الطبية والعطرية، وإحلال بدائل قد تكون أكثر جدوى من زراعات تقليدية كثيرة، خصوصاً لأصحاب الحيازات الصغيرة من الأراضي، بما يسهم في تحسين الأمن الغذائي الأسري وتأمين مصدر دخل إضافي للأسر المستهدفة، إضافة إلى التوسع في زراعة هذا النبات ذي الاستخدامات الطبية والعطرية الذي حقق جدوى اقتصادية عالية، لافتاً إلى أن القرى التي جرى استهدافها حتى الآن 10 قرى موزعة على مناطق المحافظة وبلغ عدد المستفيدين 330 مستفيداً.

خطوات

ويضيف "العبد الله": «في البداية قمنا بتوزيع شتول الزعتر على المستفيدين من خلال الوحدات الإرشادية، إضافة إلى توزيع المواد المقدمة كشبكة الري والسماد العضوي ومقصات التقليم، كذلك سلة غذائية شهرية للمستفيد لمدة ستة شهور، كما جرى تنفيذ ندوات ولقاءات دورية مع المستفيدين من المشروع، وتقديم شرح وافٍ لهم عن خطوات الزراعة والشروط الواجب توافرها وكيفية العناية بالنبات، كما جرى افتتاح مدرسة عضوية للزعتر الخليلي لتدريب المزارعين على اعتماد الأسمدة العضوية والتقليل من التكاليف».

المهندس جميل العبد الله منسق مشروع الزعتر الخليلي في درعا

ويشير إلى أن من شروط الحصول على المنحة أن يكون لدى المستفيد مصدر مائي دائم ومساحة أرض تقدر بـ500 م2 وأن يكون من ذوي الدخل المحدود أو من الأسر التي تعيلها نساء، حيث تم اختيار المستفيدين بياناً على قوائم مقدمة من لجان تضم رؤساء الوحدات الإرشادية والبلديات والجمعيات الفلاحية في القرى والبلدات.

جدوى اقتصادية

ويتابع منسق المشروع حديثه بالقول: «الجدوى الاقتصادية لمشروع زراعة الزعتر الخليلي عالية في حال تحققت لها الشروط الموضوعية، فهو من النباتات المعمرة والتي يبدأ إنتاجها بعد ستة شهور من الزراعة، وتجري عمليات قطافه مرتين أو ثلاث في العام، علماً أن الكيلو غرام الواحد من الزعتر المجفف يباع بـ3000 ليرة سورية، وقد تكفّل الشريكُ في التنفيذ ممثلاً باتحاد النحالين بشراء كامل الإنتاج من المستفيدين وتسويقه عبر الشركات والتجار».

ويضيف "العبد الله": «ما يدعم زراعة هذا النوع من النباتات الطبية هو ملاءمة أراضي المحافظة لزراعته، إذ تعد "سورية" مهداً لهذا النبات الطبي والعطري الذي كان ينمو بشكل طبيعي، فضلاً عن سهولة ما يتطلبه الزعتر من خدمات بسيطة، فالمجهود يتركز في السنة الأولى من زراعته بينما يحتاج لاحقاً إلى التعشيب فقط، كما أنه يمتاز بندرة إصابته بالأمراض إذا ما جرى تأمين الظروف الصحيحة له، معرباً عن أمله في أن يفتح هذا النوع من الزراعة آفاقاً جديدة نحو زراعات أخرى غير تقليدية في المحافظة، وأن يشكل نواة لمشاريع مدرّة للدخل على الأسر المستفيدة ».