تعدُّ قرية "قصرين" مركز "الجولان" الجغرافي وأكبر تجمع سكاني فيه، تحفل بعدد كبير من الأوابد الأثرية من مختلف العصور العابرة، كما تُعد من أهم المواقع الأثرية الكلاسيكية في "الجولان" المحتل.

وعن هذه القرية تحدث الباحث والمتخصص في علوم البحث الجغرافي "عبد الرؤوف رهبان"، الذي التقته مدوّنةُ وطن "eSyria" في 18 أيلول 2020، فقال: «موقع "قصرين" من أهم المواقع الأثرية في "الجولان" السوري المحتل، يقع على الحافة الغربية منه، غرب وادي "الزويتان"، عبر مسيل "العوينات" في شمالها الغربي، إذ يبتعد نحو 22 كم عن مدينة "القنيطرة" الشهيدة أي في الجنوب الغربي منها، وكان يتصل بـ"القنيطرة" عبر قرية "الأحمدية" بطريق ترابي، ويبلغ ارتفاع هذه المنطقة نحو 360 متراً عن سطح البحر، إذ كانت تتربع فوق هذه البقعة الجغرافية قرية صغيرة تسمى "قصرين" وكان يقطنها نحو 500 نسمة وربما أكثر قليلاً، جلّهم من الفلاحين المعتاشين على الزراعة وتربية الحيوانات، وفي العام 1967 احتل العدو الصهيوني مرتفعات "الجولان" وكان نصيب هذه القرية كمثيلاتها من القرى الجولانية من الدمار والنزوح، وكان هذا الموقع المهم من المواقع التي ركز عليها الكيان الصهيوني في عمليات البحث والتنقيب».

موقع "قصرين" من أهم المواقع الأثرية في "الجولان" السوري المحتل، يقع على الحافة الغربية منه، غرب وادي "الزويتان"، عبر مسيل "العوينات" في شمالها الغربي، إذ يبتعد نحو 22 كم عن مدينة "القنيطرة" الشهيدة أي في الجنوب الغربي منها، وكان يتصل بـ"القنيطرة" عبر قرية "الأحمدية" بطريق ترابي، ويبلغ ارتفاع هذه المنطقة نحو 360 متراً عن سطح البحر، إذ كانت تتربع فوق هذه البقعة الجغرافية قرية صغيرة تسمى "قصرين" وكان يقطنها نحو 500 نسمة وربما أكثر قليلاً، جلّهم من الفلاحين المعتاشين على الزراعة وتربية الحيوانات، وفي العام 1967 احتل العدو الصهيوني مرتفعات "الجولان" وكان نصيب هذه القرية كمثيلاتها من القرى الجولانية من الدمار والنزوح، وكان هذا الموقع المهم من المواقع التي ركز عليها الكيان الصهيوني في عمليات البحث والتنقيب

يضيف "رهبان": «كلمة "قصرين" لها دلالات كثيرة، وربما أقربها للحقيقة هي تلك المقولة التي تقول بأن هذا الموقع التاريخي كان فيه موقعان أثريان مهمان بمنزلة قصرين، وكانت آثارهما موجودة قبل الاحتلال، أحدهما القصر التي كانت تكثر في مفرداته الأقواس الحجرية المنحوتة النافرة، بالإضافة إلى البوابات الحجرية الضخمة والتي تحمل العديد من الرسوم والزخارف، ويعتقد بأنها تعود إلى الفترة الرومانية، كما كان هناك ملحق بالقصر عبارة عن كنيسة رومانية قديمة أعمدتها ما تزال قائمة مع تيجانها، وعلى جدرانها العديد من الكتابات والرسوم والزخارف، ويتفق الباحثون بعلم الآثار على أنّ هذا الموقع "قصرين" يعود إلى العصور الكلاسيكية المتأخرة ويزدحم في هذه المنطقة على المشيدات العديد من الإشارات والرموز المهمة الموجودة على بعض ما تبقى من أوابد، وما تم اكتشافه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ويعتقد بأن هناك مواقع أخرى تعود للحقبة ذاتها أي الكلاسيكية.

من اللقى الأثرية في قرية "قصرين"

والجدير بالذكر أنّ هذا الموقع وغيره من المواقع من الأهمية بمكان، إذ تعود هذه المواقع الأثرية إلى العصور التاريخية المتعاقبة من الحجرية والحجرية النحاسية والكالكوليتية والبرونزية القديمة والوسيطة والمتأخرة والعصور الكلاسيكية والعربية الإسلامية، ولهذا فقد استرعى "الجولان" شغف الرحالة والمستشرقين ولا سيّما في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، ومن أبرز هؤلاء الذين ذكروا هذا الموقع وغيره في كتاباتهم؛ "زيتزون" الذي زار الموقع في العام 1806 وذكره في تدويناته، "بوركهارت" الذي زار المكان ذاته في العام 1810، "بوكنغام" الذي كتب أيضاً في مذكراته عن آثار "الجولان" ورصد هذا المكان في بحثه أثناء رحلتهِ في العام 1816، و"أليفانت" الذي دوّن ملاحظاته أيضاً حول المواقع الأثرية في "الجولان"، وهؤلاء جميعاً سجلوا انطباعاتهم ووثقوا بعض الآثار الثابتة والظاهرة للعيان بشيء من الدقة، وكذلك تلك المنتشرة في الكثير من أماكن السكن في "الجولان" السوري المحتل».

أما الباحث "عفو سعيد بطاطا" من قرية "عرابة البطوف" في قضاء "عكا" والذي يقوم بزيارة "الجولان" بشكل دوري ويقوم بتوثيق قراها وآثارها بشكل دقيق كون قريته قريبة جداً من "الجولان" السوري المحتل، يقول: «بعد احتلال "الجولان" السوري بعامين ونصف العام، أقدم الاحتلال الإسرائيلي وبشكل مدروس وفاضح على العبث بآثاره بغية سرقة كنوزه الأثرية ولا سيّما في المواقع المهمة نحو "بانياس"، "الحمة"، "فيق"، "العال"، "رجم فيق"، "خسفين"، "سكوفيا"، "قصرين"، وغيرها من المواقع الأثرية الغنية في مفرداتها، وقد شُكلت لهذه الغاية مؤسسات في شكلها العلني تحمل أسماء ثقافية وتتبع لجامعات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية، وفِي باطنها السم الزعاف، إذ كانت تهدف إلى طمس تاريخ المنطقة وتدمير كل الآثار العربية وإبراز الحقيقة العبرية الزائفة، وهذه الحقيقة التاريخية اعترف بها الساسة الصهاينة ويؤكدها الكاتب الإسرائيلي "مائير بن دوف" الذي يقول: (مع انتهاء حرب حزيران تقرر هدم جميع القرى في "الجولان"، وبدأت أعمال التنقيب الدقيق على قدم وساق في "بانياس" بداية، وبعد الحرب بمدة قصيرة أخذت سلطة الآثار القديمة وسلطة المحافظة على الطبيعة على عاتقها مسؤولية تنفيذ عمليات الحفر والتنقيب في المواقع الأثرية في "الجولان" كله)».

"عفو سعيد بطاطا" في رحلته لزيارة متحف "قصرين"

ويضيف "عفو": «في العام 1973 قررت رئيسة وزراء الكيان الصهيوني "غولدا مائير" بناء مستعمرة "كتسرين" في المنطقة، وهي مدينة أقيمت على أنقاض القرى السورية "قصرين"، "الشقيف"، و"الدورة"، وذلك بهدف زيادة عدد المستوطنين في "الجولان"، وتوسيع دائرة الاستيطان فيه، وقد عدّت أول مستعمرة تقام وسط "الجولان"، لتكون حلقة اتصال وتواصل بين المستوطنات المنتشرة في جنوبه وشماله، وخطط لها أن تستوعب حوالي 25 ألف مستوطن، وبعد 33 عاماً من تأسيسها لا يتجاوز عدد سكانها اليوم حوالي 7000 نسمة، وتعدُّ أول مدينة إسرائيلية في "الجولان" المحتل، وتتركز فيها معظم المنشآت الاقتصادية والثقافية والعلمية.

أما المتحف الذي شيد في منطقة "قصرين" من قبل الكيان الصهيوني، والذي زرته شخصياً، فما هو إلا لعبة صهيونية هدفها إرسال رسالة إلى العالم المتحضر كله بأنها حريصة على الآثار الموجودة في المنطقة، ولكن الحقيقة هي عملية تضليل واضحة المعالم مكشوفة للعيان، إذ يضم هذا المتحف بعض القطع الأثرية الحجرية وبعض المسكوكات والسوالف والأعمدة والتماثيل الحجرية، أما القطع النفيسة والتي عثر عليها في مواقع كثيرة، فقد تم نقلها إلى متاحف أخرى بالتعاون مع بعض المراكز والجامعات الأمريكية وكذلك الأوروبية، والحقيقة التي لا بد من ذكرها بأن الكيان الصهيوني حاول من خلال احتلاله مرتفعات "الجولان" السورية أن يزوّر العديد من الآثار الموجودة وكرست جهود بعض الباحثين والدارسين إلى نقش بعض الرموز العبرية على الأوابد الحجرية القديمة لتظهر للبشرية جمعاء بأن هذه الأرض كانت يهودية الهوية، ولكنها فشلت في خلق هذا الواقع لأنّ التاريخ لا يمكن أنّ يطمس كما أن الشمس لا يمكن حجبها بغربال».

تمثال أثري في متحف "قصرين"