تأثر بركام ثقافي أخذ محتواه من مجموع الشعراء الذين قرأهم، الشعر عنده ذلك الفن الذي لا يُعرَّف، يتقن كتابة الحالة، إنه الشاعر "غدير إسماعيل".

مدونة وطن "eSyria" التقته بتاريخ 10 تموز 2014، فحدثنا عن تجربته: «لا أذكر بالتحديد العمر الذي بدأت فيه كتابة الشعر، ولكن ما أذكره أن الشعر كبر معي ونما بنموي، أذكر من البدايات بعض المقطوعات الطفولية المتعلقة بأحداث بسيطة تتسم بالعشوائية وضعف التوازن الإيقاعي، ما أذكره من النصوص الأولى الناضجة نصاً يعود إلى عام 1997 بعمر 15 سنة، حيث أقول من أبياته:

أجهِّزُ حاليَّاً لمجموعتي "عبث" التي ستصدر قريباً، وهي تمثل رؤيتي في المرحلة السابقة للقضايا الحياتية

"لا أعشقُ العومَ في عينيك سيدتي........ ورؤية النور منْ نور قد احتجبا

خلال إحدى مشاركاته.

أبغي المماتَ وفي صحراء قاحلة........ منْ أنْ أعيشَ ببحر يجهلُ الغضبا

إنِّي أنا الصقرُ لا أهوى ممانعة......... في أن أطير وخلفي أنشُر الذهبا".

إن كل من يكتب يتأثر بشاعر معين يكون مثله الأعلى، وأنا مثلي الأعلى هو الشعر الجميل، لا يوجد شاعرٌ محدَّد تأثرتُ به، بل أستطيع القول إنَّني تأثرت بركامٍ ثقافي أخذتُ محتواه من مجموع الشعراء الذين قرأتهم، فقد قرأت الكثير من الشعر الجاهلي الذي أعشقه مروراً بالشعر الإسلامي في عصوره الثلاثة إلى الفترة الحديثة، ومن ثمَّ المعاصرة، كما أتابع الإصدارات الجديدة، في النهاية الشاعر بطبيعة الحال يؤثر ويتأثر بكل مكونات الحياة المحيطة».

وعن المواضيع التي يكتب عنها والأسلوب الذي يعتمده بالكتابة يقول: «أنا أكتب الحالة، بتعبير أدق لا أختص بموضوع دون آخر، فالشاعر يجب أن يتقن كتابة الحالة، فأنا كتبتُ عن الحب والغزل والوصف والهم الاجتماعي والقضايا الوطنية، وبعض الحالات الوجدانية بطبائعها الصوفية والمادية والتحليلية، كما كتبت عن مواضيع الشعر التقليدي من فخر ورثاء وهجاء، أمَّا عن الأسلوب فقد تنوَّعت قصائدي ما بين النمط العمودي على بحور الخليل والنمط الحديث على نظام التفعيلة».

وعن تعريفه للشعر وهل يمكن للشاعر أن يكون صوت حال مجتمعه من خلال كتاباته يقول: «الشعر هو ذلك الفن الذي لا يُعرَّف، بل يُحسّ وإن كنت أصرُّ على وجود الصورة المبتكرة واللغة السليمة والموسيقا بأحد نوعيها الداخلية أو الخارجية، لنقول عن النص إنَّه استوفى العامل الشكلي ليكون شعراً، لستُ مع القول إن الشاعر صوت حال مجتمعه بالمطلق، فالشاعر رغمَ أنَّه ابن البيئة التي وُلِدَ وترعرعَ فيها وتغذَّى من ثقافتها، فإنّه نسيجُ نفسهِ في النهاية، وهو الذي يحمل جينات التطور الفكري والإبداعي للمجتمع، بمعنى آخر المجتمع يجب أن يكون صوت حال شاعره، فالشاعر بطبيعته متنبِّئ يرى أبعد مما يراه الآخرون، ويعالج القضايا بطريقة تختلف عنهم، وربَّما بطريقة أكثر تطوُّراً، وبالتالي فإنَّه ليسَ ببغاءً يردد ما يقوله الآخرون فقط بل في رؤاه الإبداعيَّة يخرج المجتمع من حلقته المفرغة التي يدور فيها إلى فضاءٍ رحب من الاحتمالات تدفع بالضرورة إلى الحركة، في قصائدي وضَّحت هذه الفكرة في غيرِ موضع، فأقول مثلاً في قصيدة "حلم":

"أسرفت في خلع انتمائك وابتهاجك... عندما جرَّبت تكتبُ ما يدورُ بخاطرِ المعتوهِ فيك.. مطأطئاً ومجاملاً... كلَّ العباءات التي اهترأتْ... لتنسى أنَّك المنفيُّ فيك..."».

وعند سؤالنا له عن القصيدة النثرية؟ قال: «أنا مع الكتابة بشكل عام كيفما خرجت، فالشاعر هو من يكتب الشعر، أما الناثر فهو من يكتب النثر، وكلاهما إن أجاد قادر على ولوج قلوب الناس، المهم دائماً إتقان الفن الذي تمارسه والإبداع فيه».

وعن إصداراته يقول: «أجهِّزُ حاليَّاً لمجموعتي "عبث" التي ستصدر قريباً، وهي تمثل رؤيتي في المرحلة السابقة للقضايا الحياتية».

عن التكريم وماذا يعني له، وعلاقته بالإبداع أضاف: «التكريم يعني لي اعتراف المجتمع بشقه الرسمي بموهبتي، وبالتالي إتاحة فسحة من الضوء لها في الظهور الإعلامي ليتعرف عليها المجتمع بشقه الشعبي. أماالإبداع فهو التجديد والتطوير، وهو عكس التقليد، وإعادة كتابة ما كتب لا يعد إبداعاً، السرقة الأدبية ليست إبداعاً، السطو على النصوص الأجنبية وكتابتها باللغة العربية على أنها منتج أدبي حديث ليس إبداعاً، تغيير الشكل مع الحفاظ على المضمون ليس إبداعاً».

وعن دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الحالة الإبداعية الأدبية للشباب يقول: «لا أنكر أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي تقدِّم خدمات كبيرة في نشر الحالة الإبداعية بمختلف أنواعها لأكبر شريحة وبأسرع وقت، لكنها تفتقر للناحية التقنية في تمييز الجيد من الرديء، حيث يتم تقييم النص عادةً بعدد الإعجابات التي يحصل عليها وهو معيار غير دقيق بل ساذج، وهذا ما قامت به منظمة شعراء بلا حدود في عام 2013 لاختيار أفضل مئة شاعر عربي على سبيل المثال».

للبيئة دور في تشجيع الموهبة الأدبية يقول عنها: «بطبيعتي أحبُّ السفر، وقد أثَّرت البيئات التي عشت فيها بتكوين مجموعة من الألوان المختلفة، التي ساهمت جميعها برسم لوحتي الشعرية، وبالتأكيد فإنَّ هذه البيئات المتعدِّدة كان لها دوماً أكبر الأثر في دفعي قدماً للكتابة والتعبير عن المحتوى الداخلي».

عنه قال الشاعر "مفيد بريدي": «هو شاعر يعيد تكوين ما يحيط به، يحاول دائماً أن يصوغ الأشياء بحداثة تضفي على الأنا أناته الفاعلة، شاعر تتكامل فيه شخصية الإنسان الذي ينهل من معين ثقافته المعيشة بامتياز».

وقالت الشاعرة "وداد السلطان": «شاعر يمتلك المقدرة على التحليق بك في عالمه، قادر على جعلك تشعر بالكلمات، تعيشها، تتلمسها، له أسلوبه الخاص في نظم المفردة، يمتلك إحساساً عالياً وخيالاً مختلفاً، عالمه مملوء بالاحتمالات، لديه مقدرة على مزج صوره بإحساس مختلف يشبه غدير ذاته، لتخرج القصيدة من داخله كائناً كاملاً بروح وقلب وجسد نابضاً بالحياة».

يذكر أن، الشاعر "غدير إسماعيل" من مواليد "دمشق" 1982، يدرسُ حاليَّاً الحقوق في جامعة "حلب"، واللغة العربية والدراسات الإسلامية في معهد الشام العالي بـ"دمشق". شارك في العديد من الأمسيات والمنتديات الثقافية والمهرجانات الشعرية، حصل على المركز الثاني في مسابقة ربيع الأدب السابع بـ"دمشق"، والمركز الأول في مسابقة اتحاد الكتاب الفلسطينيين، وشهادة امتياز في مسابقة الشاعر "عمر أبو ريشة" في "السويداء"، والمركز الرابع على مستوى الوطن العربي في مسابقة الشارقة في الدورة السابعة عشرة، والمركز الأول في مسابقة الإبداع الشعري للقصيدة الوطنية التي أقامتها وزارة الثقافة 2014 في دورتها الأولى.