رسم الهم الوطني بذاكرة مفعمة بالعز، شغله الفن موهبة وطموحاً، اختار لفنه مدرسة خاصة حمل بصماتها وجمالياتها وتفردها وحده، إنه الفنان التشكيلي "عاصم زكريا".

تحدث عنه الناقد والفنان التشكيلي "عبد الله أبو راشد" بالقول: «هو فنان لم يأخذ مكانته في وقته عندما بدأ مسيرة الفن التشكيلي في سورية، يعمل بصمت، أعماله توثق للثورة السورية في العشرينيات حيث رسمها في عدة مواقف وتشكيلات فنية أشهرها لوحة ميسلون، يعمل على بناء اللوحة بشكل مدرسي ينقل الفكرة من المشهد المتخيل للمشهد الواقعي، اتجاهه الفني الرومانطيقي الذي يمجد البطولات، الشعب، التاريخ. همه الإنسان الذي وجد بكل لوحاته ومن مختلف الطبقات الاجتماعية، يمتلك مقومات الفنان الذي يعرف حدود طاقته الشخصية وقدرته على تطويع أدواته وملوناته، لوحاته جدارية متسعة الحجم، هو من الفنانين المتميزين أخذ لنفسه خطاً وأسلوباً ولوحاته تتحدث عنه».

هو فنان لم يأخذ مكانته في وقته عندما بدأ مسيرة الفن التشكيلي في سورية، يعمل بصمت، أعماله توثق للثورة السورية في العشرينيات حيث رسمها في عدة مواقف وتشكيلات فنية أشهرها لوحة ميسلون، يعمل على بناء اللوحة بشكل مدرسي ينقل الفكرة من المشهد المتخيل للمشهد الواقعي، اتجاهه الفني الرومانطيقي الذي يمجد البطولات، الشعب، التاريخ. همه الإنسان الذي وجد بكل لوحاته ومن مختلف الطبقات الاجتماعية، يمتلك مقومات الفنان الذي يعرف حدود طاقته الشخصية وقدرته على تطويع أدواته وملوناته، لوحاته جدارية متسعة الحجم، هو من الفنانين المتميزين أخذ لنفسه خطاً وأسلوباً ولوحاته تتحدث عنه

مدونة وطن "eSyria" زارت الفنان التشكيلي "عاصم زكريا" في منزله بحي المزرعة بدمشق وبدأ حديثه بالقول: «أعتبر نفسي محظوظاً بالبيئة التي احتضنتني والتي أثرت في أعمالي، فجدي كان ضابطاً في الجيش العثماني، ثم انضم للجيش السوري أيام الشريف "فيصل" حضر معركة ميسلون وأصيب بعدة إصابات ما أدى لابتعاده عن السياسة والعمل بالفن الذي درسه بالأستانة، وقد ورثت عنه جميع أدواته التي اشتراها بإشراف أبو الفن السوري "توفيق طارق"، أما جدتي فكانت تعزف على آلة العود، والدي أتقن اللغتين الإنكليزية والفرنسية، وعمل مدرساً في مدارس دمشق إضافة لإتقانه العزف على البيانو وقد ترجم لي كتباً عن الفنون وتاريخها ومذاهبها، كما كان يصطحبني معه للمكتبات للاطلاع على ما فيها من الكتب التي كان يشتريها لي بشكل مستمر وبكافة الاختصاصات.

الثوار أمام أحد موارد الماء

  • الفن شغلك موهبة وطموحاً ماذا عن ذلك؟
  • ** البدايات كانت منذ الصغر تنقلت بين عدد من مدارس دمشق وخلال المرحلة الابتدائية نفذت مجلة بعنوان "رسوم الأطفال" وعدداً من الرسوم مازلت محتفظاً بها للآن.

    بطولات الثوار السوريين

    تعلمت الرسم في الصف السادس الابتدائي على يدي الأستاذ "سعيد تحسين" عام 1951 تابعت معه خلال المرحلة الإعدادية وما إن وصلت لنهاية المرحلة الثانوية إلا وكنت وضعت أسس لوحة ميسلون التي منعني والدي من متابعتها حتى حصولي على الشهادة الثانوية، درست الحقوق لكن الرسم كان يسكنني وقد علمني الجلد والصبر وجعلني أنهي دراستي الجامعية بأربع سنوات، بعد تلك الفترة سافرت إلى لبنان وعملت برسوم الأطفال لفترة قصيرة ثم غادرت للكويت والسعودية وإيطاليا التي انتسبت فيها لأحد المعاهد الفنية لمتابعة دراستي وحققت تميزا بالجانب العملي بعد ذلك حطت بي الرحال بباريس ثم بريطانيا. وفي هذه الفترة أصبحت عضوا فخريا بصالة كريستز للمزادات العالمية فحضرت كل المزادات التي أقيمت وأصبحت فيما بعد أشتري العديد من اللوحات التي مازلت أملكها للآن وكلها ذات أثمان باهظة.

    بعد تلك الفترة عدت للسعودية وعملت ضمن اختصاص الحقوق بديوان النظام الملكي لمدة خمسة عشر عاما إلى جانب ذلك كنت أرسم العديد من الأمراء الذين أبدوا إعجابهم بأعمالي الفنية، والمهم خلال هذه الفترة أنني حاولت التأسيس والعمل بشكل جدي لأن الوطن بحاجة لمن يوثق التاريخ فيه، وعندما بلغت سن التقاعد عدت لسورية عام 1997 ووجدت أن الناس قد نسوا اسمي، فحاولت الاشتراك بالمعارض التي تقيمها الدولة "معرض الخريف" وغيرها.

    لوحة تعبر عن إجتماع الثوار

  • تفردت برسم اللوحات الوطنية التي تعتبر لوحات توثيقية ماذا عنها؟
  • ** في الحقيقة كان رجالات الثورة السورية يزورون جدي وبعدها والدي منهم "حسن الخراط، الشيخ محمد حجازي الكيلاني"وغيرهم وكنت أسترق السمع لأحاديثهم عن الثورات والبطولات وهذا بقي في ذاكرتي وكان محرضا لي لتوثيق التاريخ السوري والبطولات السورية لأناس صنعوا مجد دمشق الغابر وحققوا انتصارات عظيمة في معارك ستبقى الخالدة عبر التاريخ، واستطعت تجسيد ذلك في لوحاتي مثل "الفارس الدمشقي، حماة الديار، رجال الثورة السورية، ميسلون" إضافة للتوثيق الذي عشته في الدول الأوروبية من خلال معارضها والجو الفني فيها.

  • "دمشق" تركت بصماتها في حياتك الفنية كيف عبرت عن حبك لها؟
  • ** عندما عدت لدمشق وجدت أن الرعيل الأول من الفنانين "أدهم إسماعيل، نصير شورى" لم يرسموا أحياءها فقمت برسمها لكوني من مواليد سوق ساروجة الدمشقي، صحيح أنني قمت برسم دمشق متأخراً لكنني قمت بنقل الطبيعة الدمشقية وبيوتها وغوطتها وأسواقها وأحيائها المفتوحة على ياسمين دمشق.

  • ماذا عن أسلوبك في الرسم؟
  • ** هو الأسلوب الرومانطيقي الذي يعتمد على القلب والعاطفة والخيال ويتميز بألوانه الزاهية ولابد من الإشارة إلى أن كل لوحاتي من القياسات الكبيرة.

  • لوحاتك تنبض بالأحاسيس، ما اللغة المشتركة بين كل ما رسمته؟
  • ** اللغة المشتركة لكل ما رسمته هو الفن القومي، فأنا أملك صورا لرجالات الثورة السورية وكانت المرجع الأساسي لي عند الرسم إضافة لامتلاكي بعض المواد الأولية الارتكازية "الشال الملون، الجنادات" وكلها أدوات استخدمها رجال الثورة في حياتهم وأنا استفدت منها في مجال رسم لوحاتي.

  • برأيك إلى أي درجة يعبر اختيار اللون عن حرفية الفنان؟
  • ** الألوان مشكلة كبيرة وبحر واسع لا ساحل له، فالفنان الذي يخوض بالألوان أمامه بحر واسع، وبرأيي كلما كثرت الألوان تعطي إثارة معينة، والإثارة تتولد بوجود لون مجاور للون الآخر.

  • ماذا عن معارضك وكم لوحة رسمت؟
  • ** أقمت العديد من المعارض داخل وخارج سورية وكان آخرها بمناسبة عيدي الجلاء والشهداء بالتنسيق مع سيدات سورية الخير، اللوحات كانت تاريخية توثيقية عن الثوار السوريين وبطولاتهم، رسمت ما يقارب "200" لوحة بين فحم ومائي وغيره، لدي "25" لوحة قياسات كبيرة. اشترى المتحف الحربي سبع لوحات، ووزارة الثقافة "12" لوحة، لكنني أحتفظ بالقسم الأعظم من لوحاتي فأنا أريد تركها للأجيال القادمة.

  • ما اللوحة التي تحظى بخصوصية عندك؟
  • ** لوحة "ثوار دمشق" ولوحة "حماة الديار".

    * ما آخر أعمالك؟

    ** أقوم برسم لوحة "عين جالوت" ولوحة "الثوار قادمون".

  • تخصصت بترميم اللوحات الزيتية ماذا عن ذلك؟
  • ** أثناء وجودي بلندن انتسبت لمعهد ترميم وذلك من باب المعرفة، تعلمت تنظيف وترميم اللوحات لمدة ثلاثة أشهر وقمت بترميم العديد من اللوحات، لكن الملاحظ أنه لا يوجد في بلادنا اهتمام بهذا الاختصاص.

  • برأيك إلى أي درجة استطاعت الصورة أن تنتصر على الثقافتين الشفهية والكتابية؟
  • ** لكلٍ مجاله فاللوحة تختزل حكاية وحدثاً، ووراء كل حدث حدث هام جرى بلحظة الزمن الذي مضى، لذلك عندما يسجل الفنان الحدث كأنه اختزل الزمن وأوقفه، وكم من لحظات سريعة هربت منا وقصرنا بتجسيدها، وهنا أؤكد مقولة تعلمناها وهي "أن الصورة الفوتوغرافية لا تكذب"، وكذلك عندما يجسد الفنان أمرا شاهده واختزنه فهو يجسد أحداثا هامة وضرورية لبناء المجتمع لأن الشباب في المجتمع سينسون التاريخ.

  • يذكر أن الفنان "عاصم زكريا" من مواليد دمشق- ساروجة 1937، أعماله محفوظة بمتاحف عالمية، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب ونفابة الفنون الجميلة بدمشق. متزوج وله ثلاثة أبناء وبنتان.