صناعة "الفروة" ودباغتها، تعد من أقدم الصناعات اليدوية الموجودة في "حلب" القديمة، وينسب المؤرخون عمر هذه الصناعة إلى ألف عام.

"الفروة" هي لباس تقليدي قديم يرتديه الرجال وخاصة في الريف حيث إنها تغطي الجسم بالكامل ما عدا الرأس، ولذلك يشعر مرتديها بحرارة كبيرة.

بالنسبة لأسعار الفروة تتراوح في الصناعية بين 500 إلى 800 ليرة سورية، أما الفروة الطبيعية فهي تتراوح بين 4000 و5000 ليرة وهناك نوعيات يصل ثمنها إلى 7000 ليرة، ولنا من خلال الفرق الكبير في السعر أن ندرك مدى الفرق في النوعية والجودة وبالتالي النتيجة من هذا اللباس

التقينا في أحد المحلات الخاصة ببيع الفروة، السيد "حسين الجدعان" الذي قصد السوق لشراء فروة طبيعية، فحدثنا قائلاً: «قصدت السوق اليوم من ريف "حلب" الشرقي النائي لشراء فروة طبيعية ذات نوعية جيدة، وأنا أبحث بالتحديد عن فروة تسمى (الرعيانية) وتتميز بأنها مصنوعة من جلد خاروف صغير للغاية وهي تتميز بجودتها العالية ودفئها الكبير، فنحن في جو الصحراء ونتيجة مهنتنا في رعي الأغنام نحتاج إلى لباس يعطينا حرارة كبيرة لكي نتقي بها برد الصحراء وليالي الشتاء الباردة».

وفي محله في سوق "الطويل" أو ما يسمى شعبياً سوق العتمة، التقينا السيد "إبراهيم حموي فرواتي" الخبير في مجال صناعة الفروة وأنواعها، فحدثنا قائلاً: «بداية أود أن أنوه أنه يصنع من الفرو الجلدي "العباءة، والصدرية، والجاكيت"، هذه الأنواع استخدمت ومازالت تستخدم من قبل البدو وحتى العديد من سكان الأرياف لأنها تقي من برد الشتاء وحر الصيف في آن واحد لذلك نرى أهل البادية يلبسونها في الصيف والشتاء.

أعمل في هذا المحل الصغير منذ أكثر من 40 عاماً، وقد تعلمت المهنة عن أبي الذي ورثها عن أبيه وجده، الفروة لها نوعان: فإما أن تكون مكوناتها صناعية أو طبيعية، وهي تتكون من الغطاء الخارجي الذي هو عبارة عن قماش عادي يتدرج سعره حسب نوعية وجودة الفروة وطلب الزبائن، والبطانة الداخلية والتي تعطي الفروة قيمتها المادية والنوعية والتي عليها الاعتماد الكبير في التدفئة، وهي تكون في الفروة الرخيصة والتجارية قماشة عادية من الفرو الصناعي أو الصوف الصناعي، أما في الفروة الطبيعية فهي تكون مصنوعة من الجلد الطبيعي حصراً وبالأخص جلد الخاروف».

الفروة بعد التصنيع

وتابع السيد "إبراهيم "حديثه عن طريقة صنع الفروة الطبيعية فقال: «بعد الحصول على جلد "الخاروف" ننقعه بالملح لمدة يومين ثم نعرضه للشمس لمدة أسبوع لكي يجف، ونقوم بغسله يدوياً، ثم نعود لنضع عليه الملح و"الشبة" التي تحافظ على منظر الصوف وتطيل من عمره، و"الشبة" عبارة عن حموض مخلوطة مع بعضها، ثم نقشر بعد ذلك اللحم المتبقي على الجلد حتى ينظف، إلى أن يصبح جاهزاً للتمشيط والفرز حسب لونه ونوعه، وقبل المرحلة الأخيرة نقصّ الجلد ونفصله حسب المقاسات التي نريدها من أجل القيام بالمرحلة الأخيرة وهي تلبيس الفروة بالقماش.

الفروة الطبيعية صناعتها تتطلب جهداً ومشقة كبيرين، وأهم مرحلة في هذه الصناعة هي تجهيز الجلد، حيث يتم تمليح الجلد أولاً ثم وضعه تحت الشمس لكي ينشف ثم نغسله جيداً بالماء والصابون بعد أن يكون قد تشرب الملح جيداً، ثم نضع له ملحاً مرة ثانية بالإضافة إلى الشبة (مادة معقمة من أجل الدباغ) وبعدها نلينه بالماء ونبشره بواسطة أدوات يدوية بسيطة وننشره على الشمس مرة ثانية ونبشره ثانية وهكذا حتى يصبح جاهزاً للعمل، حيث يتم تربيع الجلد (درزه مع بعضه ليشكل مربعاً) ليتم تفصيله وقصه حسب القياس المطلوب».

وعن أسعار الفروة تابع السيد "إبراهيم" حديثه قائلاً: «بالنسبة لأسعار الفروة تتراوح في الصناعية بين 500 إلى 800 ليرة سورية، أما الفروة الطبيعية فهي تتراوح بين 4000 و5000 ليرة وهناك نوعيات يصل ثمنها إلى 7000 ليرة، ولنا من خلال الفرق الكبير في السعر أن ندرك مدى الفرق في النوعية والجودة وبالتالي النتيجة من هذا اللباس».