«تحية إلى "لوركا"، ستصير جراحك ورداً يتبادله العشاق، ويحفظونه في دفاتر أيامهم ويزرعونه على شرفات أرواحهم، إن كانت بيوتهم بلا شرفات». هذا ما كتب على "بروشور" العرض المسرحي "بيت بلا شرفات" إخراج "هشام كفارنة".
موقع "eSyria" كان حاضراً لهذا العرض الذي هو من ضمن عروض مهرجان "دمشق المسرحي" في 4/12/2010 في مسرح "الحمراء" وطرح العرض قضية في غاية الأهمية وحمل رسالة ودّ المخرج إيصالها للجمهور وهذا ما عبر عنه الفنان "محسن غازي" حيث قال: «العرض أكاديمي بامتياز يتطرق إلى مجموعة من القضايا التي تعتبر هواجس متعلقة بالطقس الروحي العميق، "بيت بلا شرفات" من الصعب أن يكون هناك بيتاً بلا شرفات لأن الشرفة هي السياج وهي الحصن والدفء والحنان، لقد شغل هذا العرض بعناية فائقة وبحرفية عالية وقد وصلت مقولة العمل للمتلقي».
كان تخيلي لرسم "ميزنسه" وكيف ستكون طبيعة الإضاءة وزواياها وممراتها الجانبية والبقع الضوئية وماذا يشكل تأثير استخدام لون ما في كل مشهد متلازماً مع بداية كتابتي للنص بحيث أشكل سينوغرافيا ذات هوية
وعن الإضاءة التي كان لها دور مهم لمصممها "نصر الله سفر" قال: «كان للإضاءة في هذا العرض دور أساسي مثلها مثل الممثل حيث أدت غرضاً كبيراً بأن تجسد الحالة الحسية باللون والتشكيل وإعطاء دلالاتها وقد بذلت جهداً كبيراً في تنسيق الإضاءة مع كل ممثل وكل لوحة وتفصيل، وبرأيي دون هذه الإضاءة لا يمكن للعرض أن يكتمل».
وعن العمل ومضمونه حدّثنا عنه مخرجه "هشام كفارنة" قائلاً: «يتحدث العرض عن مجموعة نساء ينثرن بوحهن على خشبة المسرح يتحدثن عن آلامهن وعذاباتهن في ظل غياب الرجل، حيث تنتقل السلطة الذكورية باتجاه الأم التي تتحول إلى راعية لمجموعة هذه النساء فتمارس عليهن نوعا من السلطة بحيث تكرس المحظورات وتتعامل معهن بقسوة أشد وطأة من قسوة الرجل، وبالتالي في ظل هذا البيت المغلق "بيت بلا شرفات" يتحول المكان إلى سجن للجسد والروح فيؤدي هذا الوضع إلى تفجير أحلامهن وكل منهن تحلم بالمفتقد أي بالرجل الغائب ثم يكتشفن أنهن يتشاركن ويتقاسمن نفس الحلم ويتواطأن على ذواتهن فيقمن بذبح هذا الحلم وفي نهاية المطاف يصغن قصيدة رثاء لهذا الحلم الذبيح متمنيات أن يتسع قلبه للمغفرة؛ وأن يكون نافذة خلاص من هذه العذابات حيث ستتحول جراحه إلى ورود يتبادلها العشاق ويحفظونها في دفاتر أيامهم ويزرعونها على شرفات الروح في حال افتقاد شرفات المكان».
وعن وجه المقاربة بين سمة هذا العرض والأعمال المسرحية للشاعر الإسباني "لوركا" أضاف "كفارنة" هناك خيط ما يربطنا بروح "لوركا" ربما يمتد من بيتنا هنا "بيت بلا شرفات" إلى بيت "لوركا" وتضمن كراس دليل العرض تحية إلى "لوركا"».
وعن التقنيات الحديثة المستخدمة في هذا العرض قال: «أنا اعتمد مسرح الفضاء الفارغ حيث يتحول الممثلون وما يحملون من أدوات بسيطة واكسسوارات إلى خلق فضاء للعين وللموضوع، هناك إطار تجريبي باتجاه اعتماد المدرسة التعبيرية، صحيح أننا نتلمس الواقع لكن في الفن وضمن رؤيتي لخصوصية المسرح أقول على المسرحي أن يقدم ما لا يمكن تقديمه من خلال التلفزيون أو السينما وإذا أردنا أن نستعين بتلك الأدوات أعتقد أن التقنيات والميزانيات وكل الأمور المهيأة لفن السينما والتلفزيون أكبر بكثير مما يقدم للمسرح وبالتالي علينا القيام بحالة بحث في أدواتنا المسرحية التي تحمل خصوصية مسرحية».
وعن تعامله مع الممثل في تحليل الشخصيات ومعالجة الخط الدرامي تابع: «قمنا بإجراء عدة تدريبات وعملت مع كل ممثل على حدة في قراءة النص وتحليله والبحث عن مدلولاته وإخراج المخبأ ما بين السطور من خلال البروفات، كنا نذهب إلى ما نريد قوله من خلال كل مشهد بمفرده حتى كل حركة وتفصيلة ماذا تعني من دلالات وماذا يشكل المشهد العام من مفهوم، كما درست كيفية ترابط هذه المشاهد وقمت بتوجيه كل أسرة العرض وليس فقط الممثلين وتعاطينا مع المفردات الأخرى من إضاءة وموسيقا لنشكل في نهاية المطاف وحدة عضوية تقترب كثيراً من المدرسة التعبيرية الشاعرية».
وعن سينوغرافيا العرض من إضاءة وصوت وإكسسوار كيف خدمت هذا العمل قال "كفارنة": «كان تخيلي لرسم "ميزنسه" وكيف ستكون طبيعة الإضاءة وزواياها وممراتها الجانبية والبقع الضوئية وماذا يشكل تأثير استخدام لون ما في كل مشهد متلازماً مع بداية كتابتي للنص بحيث أشكل سينوغرافيا ذات هوية».
وعن سؤالنا لأي مدى ممكن أن تخدم الإضاءة المشهد المسرحي: «أجاب الإضاءة عنصر درامي شأنه شأن الحوار والموسيقا مع تمييزي وانحيازي للممثل كما يقال إذا كانت السينما فن المخرج والتلفزيون فن النص فإن المسرح فن الممثل لذلك كل هذه العناصر الأخرى تكون في خدمة الممثل لأنه الحامل الأساسي للعرض وأفكاره ومدلولاته».
وعن مقولة العرض وماذا يريد البوح به، أجاب: «هي دعوة للأمل من قلب الألم لأن أكثر الآمال بياضاً وأنصعها هي التي تطل من قلب الأمل، بوح وعذابات ودعوة لأن نبقى محكومين بالأمل والتفاؤل رغم كل هذه الآلام، والممثلون الذين شاركوا بالعمل "جيانا عيد، أمانة والي، إيمان عودة، رنا ريشة، سوسن أبو الخير، جمال تركماني، عفاف حديفه، نضال الحمادي، خلود عيسى، ريم محمد، ونورهان قصبالي"».