«يقع "تل السويحات" على الضفة الشرقية لبحيرة سد الفرات عند الخط الإداري الفاصل بين محافظتي "حلب" و"الرقة"، ويبعد عن مدينة "الرقة" من جهة الغرب أكثر من /100/كم. وتبدأ سوياته الأثرية من عصر البرونز المبكر حتى الفترة الهلنستية». بهذه الكلمات يبدأ السيد "محمد السرحان" مدير آثر "الرقة" تعريفه بموقع "تل السويحات"، وهو يتحدث لموقع eRaqqa بتاريخ (15/9/2008).

ويتحدث الآثاري "محمد العزو" عن الطبقات الأثرية للموقع المذكور، قائلاً: «بدأت الحملة الأثرية عملها في "تل السويحات" عام /1973/م برئاسة الدكتور "توم هولاند" أستاذ علم الآثار الشرقية في جامعتي "اوكسفورد" و"شيكاغو"، واستمر التنقيب في الموقع لثلاثة مواسم، ثم حصل انقطاع طويل حتى عام /1989/م، حيث بدأ العمل من جديد ولكن برعاية جامعة "بنسلفانيا"، وبمشاركة كل من البرفسور "توم هولاند" والدكتور "ريتشارد زتلر" أستاذ علم الآثار في جامعة "بنسلفانيا"».

بدأت الحملة الأثرية عملها في "تل السويحات" عام /1973/م برئاسة الدكتور "توم هولاند" أستاذ علم الآثار الشرقية في جامعتي "اوكسفورد" و"شيكاغو"، واستمر التنقيب في الموقع لثلاثة مواسم، ثم حصل انقطاع طويل حتى عام /1989/م، حيث بدأ العمل من جديد ولكن برعاية جامعة "بنسلفانيا"، وبمشاركة كل من البرفسور "توم هولاند" والدكتور "ريتشارد زتلر" أستاذ علم الآثار في جامعة "بنسلفانيا"

وعن أهمية الموقع، والمدينة التي من المتوقع أن تكون تحت ترابه، يقول "العزو": «تشير المصادر التاريخية إلى مملكة قديمة، تتوضع في أعالي وادي الفرات اسمها "بورمان"، التي ورد ذكرها بأرشيف مملكة "ماري"، مع مدن وممالك أخرى مثل: مدينة "أزو" التي تم التعرف عليها في "تل الحديدي" بالقرب من "تل السويحات"، ومدينة "اكالتا" (تل الممباقة)، أماَّ مدينة "بورمان"، فلم يتم التوصل إلى معرفة مكانها، إلاَّ أنَّ السيد "زتلر" يزعم أن "تل السويحات" يخفي في ثناياه أطلال مدينة "بورمان" التاريخية، التي تعد أحد عواصم المشرق العربي في عصر البرونز القديم، لكن هذا الزعم يظل تخميناً حتى يتم العثور على الدليل العلمي القاطع».

أحد مدافن التل

ويتابع "العزو" حديثه، قائلاً: «يقع "تل السويحات" وسط سهل فسيح، وهذا السهل محاط من جهات الشمال والشرق والجنوب بهضاب على شكل نصف قوس، ومن الغرب يجاوره نهر الفرات الذي يبعد عنه بحوالي "1كم"، وبالقرب منه يمر طريق التجارة الدولي القادم من "الرقة" شرقي الفرات باتجاه "الأناضول" و"كركميش".. ترتفع قمة التل عن الأراضي الزراعية المحيطة به /15/م تقريباً، وهو محاط بسور أساساته من الحجر ومبني من مادة اللبن، وقد أظهرت أعمال الحفر الأثري امتداد السور، وهو أقرب إلى الشكل الدائري منه إلى أي شكل آخر، وهذا يشير إلى أنَّ المدينة كانت محصنة تحصيناً جيداً، وفي المنحدر الغربي من التل ظهرت أساسات من الحجر الكلسي الأبيض إلى جانب مجموعة من الجدران المبنية من مادة اللبن الطيني، وفي المواسم الحالية يجري البحث عن الوثائق الكتابية للتأكد من اسم الموقع ولعلها مدينة "برمان" أو "بورمان" التاريخية، التي أصبحت بعد زواج ملكها من الأميرة المعروفة باسم "زيمني كوبار" ابنة ملك "إيبلا"، من أهم مدن الجزيرة السورية العليا، التي كانت تعتمد عليها مملكة "ايبلا"، ومدن الداخل السوري في تزويدهم بالثروة الحيوانية من مواشٍ وأبقار وأغنام، وإلى ذلك نجد أنَّ مدينة "بورمان" كانت مشهورة بتربية الخيول الأصيلة.. ويتحدث الأثاريون المنقبون في "تل السويحات" عن زقورة "بورمان"، بحيث أنهم يؤكدون أنّ البحث العلمي الأثري قد توصل منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، إلى أن البعثة كشفت عن مصطبة مبنية من مادة اللبن المجفف تحت أشعة الشمس، ولضخامتها غير العادية تشير إلى أنها قاعدة لمبنى كبير عله يكون زقورة.. وكوني كنت أحد المشاركين في مواسم ثلاثة مع بعثة التنقيب الأثري، آخرها كان موسم عام /2003/م، فحسب خبرتي الأثرية، فإنني لا أعتقد بوجود أي أثر لمبنى الزقورة هذه لأنَّ كل الدلائل الأثرية تشير إلى ذلك.. خلال مواسم التنقيب الأثري عثر المنقبون على لقى أثرية متنوعة وهامة مثل: الجرار الفخارية، وقطع من البرونز، وأنواع مختلفة من الخرز الزجاجي والحجري، لكن أهم قطعة تم العثور عليها في التل هي دمية فخارية (تيراكوتا) لحصان ملجوم، يعتقد بأنه الأقدم تاريخياً، مما تم العثور عليه في وادي الفرات حتى الآن، مما يؤكد أنَّ استئناس وترويض الحصان تم في هذا الوادي الفسيح على ضفاف الفرات».

ويقول "محمد السرحان": «إنَّ جميع اللقى الأثرية المكتشفة في التل تشير إلى غنى هذه المدينة، وتنوع النشاط البشري فيها في كل المجالات الزراعية والتجارية والرعوية، وكذلك كانت المدينة تتمتع بنشاط جيد في مجال الصيد البري والنهري.. لأسباب مجهولة توقف النشاط البشري في هذا الموقع، في نهاية القرن الأول من النصف الأول في الألف الثاني ق.م، لكن الدلائل والمكتشفات الأثرية في الموقع تشير إلى أن الموقع كان مأهولاً بالسكان في الفترتين الهليلنستية والرومانية. كما أن آخر المكتشفات التي حصلت على أيدي أفراد البعثة الوطنية الطارئة للتنقيب الأثري، التي ُشكلت مؤخراً في شهر آب من عام /2008/ تؤكد على غنى الموقع، حيث تم العثور في مدافن قريبة من التل على نحو /175/ قطعة أثرية تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، منها أساور، ونمنم، وخرز، وخواتم برونزية، ودمى برونزية، وأوانٍ فخارية، ومخارز، ومكاشط، وقطع عظمية عليها رسومات وكتابات مختلفة، ونصال سكاكين وسهام ورماح».

قطع عظمية عليها تزيينات اكتشفت في مدفن جوار التل
أختام أسطوانية من مكتشفات التل