يتخذ الفنان "فريج ترزيان" من الرقص المعاصر أرضية له ليعلّم طلابه تقنيات هذا الفن العريق، ويذهب إلى أكثر من ذلك متجاوزاً الثقافة الغربية معتمداً الرقص الأفريقي والياباني والهندي، وله خبرة واسعة في رقصات بني جلدته "الأرمن"، حيث يحاول نشرها أينما حل رحاله.

"ديكران الكبير"

يقول "ترزيان" لمدوّنة وطن "esyria": «بدأت عام 2001 مع الأستاذ والمدرب "جيرو كججيان" في "حلب"، وهو شخص مخضرم ويمتلك معرفة كبيرة برقصات الشعوب وخاصة في الرقص الأرمني، وعملت معه لمدة سبع سنوات تعلمت منه تقنيات الرقص المعاصر وأسلوب الباليه الكلاسيكي الذي يعطي حرية أكبر للراقص، ومن ثم أسسنا فرقة أنا ومجموعة من زملائي مختصة بالرقصات الغربية، قدمنا خلالها عدداً من الحفلات، ولكن توقف نشاطنا مع بداية الحرب على "سورية"، وتبعثرت الفرقة كل إلى جهة لأن ما شهدته "حلب" كان قاسياً، ورغم الظروف السيئة قررت أنا وزوجتي "نانور كورومليان" تأسيس فرقة ثانية تحت اسم "كارني" ضمت بعض الشباب الهواة حيث تم تدريبهم لمدة عام لنقدم أول عرض لنا في عام 2014 تحت عنوان "ديكران الكبير"، ولاقى حضوراً متميزاً وتم عرضه على أربع أمسيات».

نحافظ على التراث بشكله الأساسي وكما هو معروف فإن الرقصات الأرمنية تختلف من منطقة إلى أخرى، ونحن نقدم تراث "يريفان" و"شوشي" و"ارتساخ" و"ساس"، وهذا هو التراث الأساسي للأرمن، وأحياناً يتم دمج بعض الحركات لضرورة المسرح.. أستطيع القول إننا نقدم تسع رقصات بحذافيرها ويمكن أن نقدم لوحة واحدة "موديرن"

وعن هذا العمل يقول: «جسدنا في هذا العمل جانباً من تاريخ الأرمن من خلال شخصية "ديكرانوس الثاني" المعروف باسم "ديكران الكبير"، وهو ملك ملوك الأرمن الذي امتدت إمبراطوريته من 95 قبل الميلاد حتى 55 قبل الميلاد، وعلى امتداد ساعة وأكثر قدمنا فيها هذا التاريخ بلغة الجسد فضلاً عن لوحات راقصة تنتمي إلى التراث الأرمني العريق».

في نهاية العرض

رقصات تراثية

مع فرقة كارني

يعدُّ الرقص الأرمني من أقدم الرقصات في المنطقة وأكثرها تنوعاً، ترافقه آلات موسيقية خاصة به كالدودوك وبعض الآلات الإيقاعية "الدمبوك" مثالاً، وأغانٍ يرددها (القوالون) لكل رقصة، هنا يقول: «أعلّم وأقدم جميع الرقصات الأرمنية كالرقص الريفي حيث يرتدي فيه المؤدون الزيّ التقليدي الملّون لتجسيد التاريخ وقصص الأجداد، ولألوان الملابس عند الأرمن معانٍ ورموز، فالأبيض يرمز للنقاء والأحمر يعني الشجاعة والأزرق يرمز إلى العدالة وهكذا..، وهناك تنوع كبير في ثقافة الرقص لدى هذا الشعب، ففي قرون ما قبل الميلاد كانت الرقصات تمثل طقساً لعبادة الآلهة في الديانة الوثنية، ورقصة "كوجاري" هي في الأصل تقليد للقفز من ظهور الحيوانات إلى الصخور العالية، ترافقها ألحان بآلتي "داهول وزرنة"، وهي رقصة ذكورية أجزاؤها سريعة وبطيئة، ومن الرقصات التي تجسد القوة هناك أيضاً رقصة "القلعة"، وترمز إلى زمن القتال في جبال القوقاز وغيرها من المناطق، وفي ذات التعبير أيضاً رقصة "باركهوست"، ومن الرقصات الرومانسية رقصة "البنات" التي تعبر فيها الفتاة عن غنجها للرجل، إضافة إلى رقصات المهن كالحصاد وصناعة النبيذ والخبز وجني المحاصيل، فضلاً عن طقوس العرس كالحنة ودبكة العريس والعروس...».

الرقص الحديث أحياناً

تغيرت العديد من الرقصات في منتصف القرن التاسع عشر، نتيجة تمازج الثقافات والتطور الذي حصل في العمارة والفن، ولكن يحاول "ترزيان" الحفاظ على التراث الأرمني الراقص باعتماده على مصادر وأبحاث، حيث يقول: «نحافظ على التراث بشكله الأساسي وكما هو معروف فإن الرقصات الأرمنية تختلف من منطقة إلى أخرى، ونحن نقدم تراث "يريفان" و"شوشي" و"ارتساخ" و"ساس"، وهذا هو التراث الأساسي للأرمن، وأحياناً يتم دمج بعض الحركات لضرورة المسرح.. أستطيع القول إننا نقدم تسع رقصات بحذافيرها ويمكن أن نقدم لوحة واحدة "موديرن"».

خلال رقصة إسبانية

مهرجانات دولية

"فريج ترزيان" من مواليد "الكويت" عام 1986 حيث كان يعمل والده طيلة عشرين عاماً، ويعيش في "حلب" منذ الرابعة من عمره، صمم وقدم العديد من العروض منها عرض "رقصات الشعوب" عام 2015 وقدمه في "حلب" و"طرطوس" و"بيروت"، وقدم عملين على مسرح "أوبرا دمشق" أحدهما خلال مهرجان "قوس قزح سورية"، وجال بعروضه على العديد من المهرجانات الدولية، مثل مهرجان جرش في" الأردن" ومهرجان بابل في "العراق"، ومنذ فترة قريبة قدم عرض رقصات هندية لصالح القنصلية الهندية في "حلب"، ويدرب "فريج" العديد من الفرق الأرمنية في" سورية" كفرقة "كيغارت" في "طرطوس" وفرقة "سوتشي" في "حلب" إضافة إلى فرقته "كارني" للمسرح الراقص.