على مدى سنوات عمره الخمسين، قدّم المخترع السوري "عودة الكاطع" الكثير من الاختراعات الهامة، التي نال عليها الجوائز والميداليات وشهادات التقدير، وكان أحدثها جهاز تعقيم الأسطح دون مواد كيماوية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت بتاريخ 19 نيسان 2020 المخترع "عودة الكاطع" الذي تحدث عن مسيرة حياته الحافلة بالاختراعات، فقال: «لم يكن شغفي بالاختراع وليد الصدفة، وإنما نشأ معي منذ الصغر، حيث كانت تتولد رغبةٌ شديدة في داخلي لمعرفة ماهية الأجهزة المختلفة والعمل على فك طلاسمها والتعرف على مكوناتها، فكنت أقوم بتفكيك أيّ جهاز يقع بين يدي، ومن ثم أٌقوم بإعادة تركيبه من جديد، هذا من جهة، ومن جهة ثانية أصبحت مهتماً بأي مواد أو برامج علمية عن الأجهزة والاختراعات في وسائل الإعلام، فكنت أتابعها باهتمام وشغف، الأمر الذي لفت أنظار أهلي ووصل الأمر إلى الجيران في الحي الذي كنا نسكن فيه، فكان أي أحد من الجيران لديه جهاز أو قطعة كهربائية معطلة يحضرها إلي لكي أقوم بإصلاحها، وغالباً ما كنت أنجح بذلك.

اخترعت في العام 2017 جهاز إنذار ينبه عمال الكهرباء في حالة وجود التيار الكهربائي قبل البدء بالعمل، أو عند إيصال التيار فجأة أثناء تنفيذ العمل، وبذلك يتم تجنب الحوادث التي تودي بحياة العديد من العمال الأبرياء أثناء تنفيذ الأعمال الموكلة إليهم

انعكس هذا التعلق بالأجهزة المختلفة على حياتي الدراسية، فرغم أن مجموعي في شهادة التعليم الأساسي كان يؤهلني للتسجيل في الثانوية العامة، أصريت على التسجيل في الثانوية الصناعية، في الوقت الذي كان فيه أقراني من الفتيان يتهربون من هذا النوع من التعليم، ويبذلون رفقة ذويهم جهوداً كبيرة للقبول في التعليم الثانوي العام، وذلك لأن الشائع بين الناس آنذاك أن التعليم المهني أقل درجة وأهمية من التعليم الثانوي العام».

مع أحد اختراعاته في معرض "الباسل"

ويضيف: «في المرحلة الثانوية المهنية أصبحت محطّ أنظار زملائي الطلاب والمدرسين على حد سواء، من خلال ولهي بالأجهزة وحرصي الشديد على معرفة كل شيء عنها، وتقديمي للعديد من الأفكار الإبداعية للمدرسين لدرجة أنني ــ ورغم أنني ما زلت في الصف الأول الثانوي ــ تمكنت من اختراع أول جهاز جديد في حياتي، وهو ما أسميته جهاز إنذار الغاز المنزلي، حيث يتم تركيبه بين أسطوانة الغاز وجهاز الغاز نفسه من أجل إطفاء النار عند وصول حرارة أي مادة موضوعة عليه إلى درجة الغليان، ولأن هذا الجهاز كان جديداً ومتميزاً شجعني الجميع على المشاركة به في معرض "الباسل" للإبداع والاختراع، فشاركت به في العام 1992، فنال اختراعي اهتماماً كبيراً ولفت أنظار المشاركين والجهات المشرفة عليه، فأدركت حينها أهمية ما أقدمه، وشجعني على تقديم المزيد من الابتكارات والاختراعات».

وعن أبرز الاختراعات التي قدمها يقول: «في عام 2007 أقيم معرض "الباسل" للاختراع على هامش مهرجان "الربيع" في "حماة"، وشاركت بجهازين أحدهما جهاز حراسة وحماية المنازل من السرقة، حيث يتم دفن الجهاز تحت الأرض قرب الباب الخارجي للمنزل، فإذا قفز شخص فوق الحائط؛ فإن الجهاز يعطي إنذاراً صوتياً داخل المنزل نتيجة الصوت الناجم عن أقدام اللص على الأرض، وعلى مسافة جيدة تغطي دائرة قطرها عشرة أمتار، والثاني وفي مجال الطب اخترعت جهازاً لكشف ارتفاع الحرارة عند الأطفال، وهو جهاز صغير بحجم ساعة اليد يربط بحزام مطاطي يتم وضعه على البطن، وعند ارتفاع الحرارة لأكثر من 38 درجة، تصدر إشارات تنبيه من الجهاز، كما قدمت شريطاً طبياً خاصاً بالولادة من دون الحاجة إلى العملية القيصرية».

ميدالية الباسل

وأضاف: «في العام 2011 صممت جهاز توليد الكهرباء بواسطة مجاري الأنهار، وهو من أبرز الأجهزة التي اخترعتها كونه يكتسب أهمية استثنائية في ظل الظروف الحالية، التي يشهد فيها توليد الطاقة الكهربائية بالوسائل المتعارف عـليها انخفاضاً واضحاً، والتكاليف الباهظة للكميات التي تُنتَج على قلتها، وبمعنى آخر (مردود قليل بتكاليف باهظة)، ما يدفع بموضوع الاستفادة من الطاقة البديلة المتاحة في توليد الكهرباء للتقدم على كافة الخيارات المطروحة، ومن خلال الاختراع الجديد لن يتم تحقيق الاكتفاء الذاتي بالكهرباء خلال زمن قياسي وبأقل التكاليف فحسب، وإنما سيتم الانتقال إلى مرحلة الوفرة بهذه الطاقة وإمكانية تصديرها للدول المجاورة وبالعملة الصعبة، وهي طاقة مجانية ومتوافرة، وباستثماره تصبح "سورية" رائدة بهذه التقنية.

الاختراع فكرة جديدة على مستوى العالم، ومسجل لدى مكتب براءات الاختراع في "سورية"، وحائز عـلى الميدالية الذهبية في معرض "الباسل" للإبداع والاختراع كأفضل مشروع في مجال الطاقة البديلة، حيث تتيح الفكرة إنتاج الكهرباء من مياه الأنهار دون نفط أو فيول أو غاز، ما يضمن إنتاج الطاقة الكهربائية باستمرار على طول السنة، وبذلك يمكن بناء محطة كهربائية صديقة للبيئة خاصة بكل مدينة على طول ضفاف الأنهار، لتوليد الكهرباء المجانية، وقد نلت عليه الميدالية الذهبية في معرض "الباسل" 2011».

شهادة تقدير 2011

وعن الأجهزة الأخرى التي قدمها يقول: «اخترعت في العام 2017 جهاز إنذار ينبه عمال الكهرباء في حالة وجود التيار الكهربائي قبل البدء بالعمل، أو عند إيصال التيار فجأة أثناء تنفيذ العمل، وبذلك يتم تجنب الحوادث التي تودي بحياة العديد من العمال الأبرياء أثناء تنفيذ الأعمال الموكلة إليهم».

وعن آخر اختراعاته يقول: «حالياً في ظل أزمة "كورونا"، تمكنت من اختراع جهاز لتعقيم الأسطح دون مواد كيميائية، أي أنه جهاز آمن ليست له أضرار على البيئة والإنسان والنبات والحيوان، ويمكن تصنيعه بمقاسات متعددة، للاستفادة منه في المعابر الحدودية والمطارات والمستشفيات التي تعد بؤرة عالية التركيز لانتشار الوباء لأنها محطات رئيسة لوجود المصابين، كذلك يُستفاد من الجهاز في المخابز ودوائر الدولة ومنشآت العمل والإنتاج العامة والخاصة والجامعات والمدارس والمصارف ومخيمات اللاجئين وغيرها، فهو جهاز للتعقيم يقوم بقتل الفيروس على كل شيء، بما في ذلك جسم الإنسان من الخارج دون مواد كيميائية، والهدف منه القضاء على التلوث وانتقال العدوى، أي القضاء على آلية سريان الوباء وانتشاره».

ويصف "غازي الناصر" المدير السابق لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في "الحسكة" المخترع "عودة الكاطع" بقوله: «هو واحد من المخترعين المهمين على مستوى "سورية"، وقد أثبت جدارة واضحة خلال السنوات السابقة، وأذكر أنه كلما اقترب موعد معرض "الباسل" للإبداع والاختراع، كنا نقوم بالاتصال مع المخترعين، ونحثهم على المشاركة فيه، وكان "عودة الكاطع" من المشاركين الدائمين فيه منذ تأسيسه وإطلاقه في مطلع التسعينيات، وكان يحصل مع زملائه الآخرين من المخترعين من أبناء "الحسكة" على جوائز هامة وبراءات اختراع وشهادات تقدير، وكانت جميع الاختراعات التي شارك بها جديرة بالتوقف عندها من قبل اللجان العلمية المكلفة بتقييم المخترعات ودراستها، كما حظيت باهتمام خاص من قبل الجهات المشرفة على المعرض، كجامعة الدول العربية وشعبة المخترعين العرب ومنظمة الفكر العالمية "الوايبو"».

يشار إلى أنّ المخترع "عودة حسين الكاطع" من مواليد 1970، وهو من أبناء مدينة "القامشلي".