يحمل تل "الشعيرات" في جوفه الكثير من الأسرار التي تتحدث عن تاريخٍ عريق، تحكيه دمىً طينيةٌ مكتشفة، وقلائد، وأسوار حجرية تحيط به، فتنطق بواباته الأربعة حكايات وحكايات.

مدوّنةُ وطن "eSyria" مع الباحثة "رجاء بلال" بتاريخ 19تشرين الثاني 2019، لتحدثنا عن التل، قائلة: «يأخذ التل شكلاً شبه دائري، مساحته حوالي 30 هكتاراً، ويتألف من "الأكروبول" الذي يأخذ شكلاً بيضوياً تقريباً، ويلاحظ فيه مجموعة حجارة منتظمة. ربما البناء يعود للفترة الكلاسيكية، حيث يسيطر "الأكروبول" على المدينة المنخفضة المحاطة بأكملها بسور حجري دائري الشكل تقريباً.

يأخذ التل شكلاً شبه دائري، مساحته حوالي 30 هكتاراً، ويتألف من "الأكروبول" الذي يأخذ شكلاً بيضوياً تقريباً، ويلاحظ فيه مجموعة حجارة منتظمة. ربما البناء يعود للفترة الكلاسيكية، حيث يسيطر "الأكروبول" على المدينة المنخفضة المحاطة بأكملها بسور حجري دائري الشكل تقريباً. يبلغ عرض جدار السور حوالي ثلاثة أمتار، مبني من صفين من الحجر الغشيم، يتخلله حشوة من الحجارة الصغيرة، للتل أربع بوابات رئيسية تتخلل السور، تظهر منها بوضوح البوابة الشرقية والجنوبية وعرضها أربعة أمتار، وفي الأجزاء الخارجية للسور حجارة تشكل ما يشبه الأبراج (4×6)، ربما استخدمت لأغراض دفاعية

يبلغ عرض جدار السور حوالي ثلاثة أمتار، مبني من صفين من الحجر الغشيم، يتخلله حشوة من الحجارة الصغيرة، للتل أربع بوابات رئيسية تتخلل السور، تظهر منها بوضوح البوابة الشرقية والجنوبية وعرضها أربعة أمتار، وفي الأجزاء الخارجية للسور حجارة تشكل ما يشبه الأبراج (4×6)، ربما استخدمت لأغراض دفاعية».

الباحثة رجاء البلال

وتناولت تاريخ البحث الأثري في التل، قائلة: «لفتت الأنظار إلى التل عام 1927، حين زار الكونت الفرنسي "روبيردي موني بوسن"، فعمل سبراً اختبارياً، ونشر نتائجه في مجلة "Syria" عام 1930، وتبين النتائج أن المادة الفخارية في "الشعيرات" مقارنة مع مواقع أخرى تعود للألف الثالث ق.م، وقامت دائرة آثار "حمص" عام 1982، بإجراء حفريات إغاثة في المنطقة المحيطة بالتل.

وكشف الباحث "ماجد الموصلي" عن قبور تعود للفترة الكلاسيكية، عثر فيها على بعض اللقى الفخارية والبرونزية وغيرها من أثاث جنائزي، وتم عرضها في متحف "حمص"، ثم قامت البعثة الوطنية عام 1992 برئاسة الدكتور "ميشيل مقدسي"، وجمعت كسر فخارية تعود للنصف الثاني من الألف الثالث ق.م (العصر البرونزي القديم الرابع). وشكلت في عام 2004 بعثة وطنية للقيام بالمسح الأثري والجيوفيزيائي في التل، بمشاركة الطبوغرافي الفرنسي "سيباستيان كونديت"، ثم استكملت أعمال المسح الجيوفيزيائي السابقة عام 2006، لتعطي نتائج أوضح وأهم، حيث ظهرت المدينة المرتفعة محاطة بسور أول؛ ثم سور ثاني فالثالث هو الأكبر يحيط بالمدينة المنخفضة وتتخلله بوابات المدينة، حيث يتم الانتقال عبرها إلى داخل أو خارج المدينة، كما يظهر لنا النمط الشعاعي للشوارع التي تنطلق من المركز المدينة المرتفعة مروراً بالمدينة المنخفضة ثم إلى البوابات والأسوار».

الدكتور الباحث علي صقر أحمد

وتابعت: «في عام 2006 نفذ مخطط طبوغرافي للموقع من قبل الطبوغرافي "عاطف أبو عراج" والدكتور "انطوان سليمان"، ومن خلاله توضحت معالم السور الحجري وبواباته، وأيضاً مركز التل كما توضحت نسب ارتفاع الأسوار مع المدينة المنخفضة، وعلاقتها بالمدينة المرتفعة، وبنتيجة العمل توضح أهمية الموقع بمسقطه الدائري الذي يشابه مدناً كثيرةً معروفة منها "تل خويرة"، و"بيدر"، و"الروضة" في "حماة".

وفي العامين 2007 و 2008 قامت البعثة الوطنية المؤلفة من الدكتور "ميشيل مقدسي"، والدكتور "انطوان سليمان"، و"رجاء البلال"، و"جورج معمر"، و"عاطف أبو عراج"، بفتح أسبار بالاعتماد على المخططين الجيوفيزيائي والطبوغرافي، بهدف التعرف أكثر على الموقع، ومراحل الاستيطان التي مر بها، وكشفت لنا الأسبار عن ثلاث سويات أثرية، تعود للألف الثالث قبل الميلاد».

صور التل من الفضاء

وتناولت أهم المكتشفات، قائلة: «تم الكشف عن ثلاث أحواض طينية مختلفة الأقطار (1-2)م، بداخلها رماد وحبوب متفحمة ودمية طينية وطبعة ختم، ومحراثين حجريين، وساحقات حبوب، وحواصل حجرية دائرية الشكل مختلفة الأقطار (3-3.5)م عددها حوالي 8 حواصل - مُزّع أحدها- وعمقه 3.5م، بداخله رماد كثيف وكمية من الحبوب المنتفخة، وعدد كبير من الكسر الفخارية التي رقم جزء كبير منها. وبشكل عام فخار "الشعيرات" ملون بأشرطة سوداء أو حمراء سطوحه مصقولة، مقطعة، ورقيق عجينة نقية ومتماسكة، تتصف بصلابتها ووجود الرمل بها. ونلاحظ أن فخار "الشعيرات" يتشابه بشكل كبير مع فخار "المشرفة"، و"الروضة" في "حماة"، وهو يعود إلى عصر البرونز القديم الرابع، ومن أهم نتائج الأسبار أننا أمام مركز حضاري قديم، يتزامن تاريخياً من مملكة "قطنا" في "المشرفة"، أي يعود إلى ما يقارب الألف الثالثة ق.م، ويعتمد هذا المركز الحضاري على زراعة الحبوب لكثرة الحواصل التي تم الكشف عنها وكميات الحبوب المنتفخة، وساحقات الحبوب، على أمل إكمال التنقيبات في أعوام قادمة، تعطي نتائج أوضح وأعمق».

وتحدث الباحث "علي صقر أحمد" عن الموقع الأثري، قائلاً: «يأخذ التل شكلاً دائرياً بقطر يتراوح بين 560-580م، ولا تتجاوز مساحته 35 هكتاراً، ويتألف من تلة مركزية لها شكل شبه متطاول بطول 140م وعرض 100م، وهي تسيطر على المدينة المنخفضة الواقعة داخل مجموع الأسوار التي تحيط بالموقع.

ويحيط بالمدينة المنخفضة سور ضخم مبني من الأحجار غير المشذبة، بعرض يتراوح بين 2.5-3م يتخلله أربع بوابات رئيسية يتم فيها الانتقال من داخل المدينة إلى خارجها عبر البوابات.

قامت بعثة فرنسية برئاسة الكونت "روبير دي بوسن" بدراسة هذا الموقع في الثلاثينيات من القرن الماضي، وأجري بعض الأسبار في التلة المركزية، أدت إلى كشف مجموعة ضخمة من الجدران التي تعود إلى بناء لم تحدد هويته.

وفي عام 1982 قام الباحث "ماجد الموصلي" رئيس دائرة آثار "حمص" بإجراء حفريات إغاثة في المنطقة المحيطة بالموقع، أدت إلى كشف ثلاث قبور فردية، تعود للصور الكلاسيكية، ضمت أساساً جنائزياً غنياً تألف بشكل أساسي من مجموعة من الأدوات البرونزية والحجرية والخشبية بالإضافة إلى العديد من الأواني الفخارية».

يذكر أنّ تل "الشعيرات" يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من القرية التي تحمل الاسم نفسه، والواقعة على تخوم البادية إلى الجنوب الشرقي من محافظة "حمص" بحدود 40 كم، وبالمسافة نفسها تقريباً، وإلى الشرق من تل "النبي مندو" أو "قادش"، يرتفع عن سطح البحر 824 م، في أرض منبسطة ويعمل سكانها بالزراعة.