فنّانٌ في مقتبل العمر وفي عمق الموهبةِ والتجارب، استطاع في فترةٍ وجيزةٍ أن يرسمَ هويّةً فنيةً خاصّةً به، تجمعُ بين الواقع والخيال، وتعبّر عن الآلام والضغوطات بقدر ما توحي بالتفاؤل والأمل، فهو متقنٌ للتناقضات المتناغمة في لوحاته.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الفنان "أحمد الوعري" بتاريخ 11 تشرين الأول 2019، فقال: «أشعر وكأنني خلقت لأصبح رساماً، فمنذ كان عمري ثلاث سنوات وأنا أرسم لساعات طويلة، وكنت أعرض لوحاتي في المنزل على الجدران، وأقول بأنّ هذا معرضي، ومن هنا اكتشف والداي موهبتي وشغفي في الرسم، فاهتموا بموهبتي وشجعوني على تطويرها، وشاركت بالكثير من المعارض المدرسيّة، وبعد انتهاء المرحلة المدرسيّة، تقدّمت لامتحان قبول كلية الفنون الجميلة ونجحت به بأعلى العلامات، لكنني لم أدرسه بعد ذلك، إنّما استمرّيت في المجال العلمي، إلّا أنّ حبّي للرسم كان أكبر من أيّ شيء لذا قررت الاستمرار في الرسم وتكريس كامل وقتي وطاقاتي له، فبدأت المشاركة بالعديد من المعارض الجماعيّة ومنها معرض في صالة "صبحي شعيب" في "حمص"، ومع ازدياد التجارب والخبرات وجّهت اهتمامي للعمل على إقامة المعارض الفرديّة ومنها بصالة "الجامعة" في "حمص" عام 2013، وفي "c art gallery" في "اللاذقية" عام 2015، وفي "Art house gallery" عام 2016، وبمعرض "ك مكان" عام 2018، و معرض "الآن" عام 2019 وهو آخر معارضي، كما لديّ العديد من اللوحات المقتناة في صالات حول العالم، ومنها في القصر الجمهوري في "سورية"، و في وزارة الثقافة في "الولايات المتحدة الأميركيّة" و دولة "الإمارات العربيّة" و "كندا" و"الأردن" و"لبنان" و"النمسا"، وأنا أؤمن بأنّ الفن هو الصورة المشرقة للألم، فالفن الذي أقدّمه مصدره الحاجات البسيطة اليومية للإنسان، ومن الأشياء التي أستمتع برسمها هي المنازل، لأنّها تشعرني بالدفء والأمان، وأحب رسم الأشخاص بقصصهم الشخصيّة التي من الممكن أحياناً أن تتقاطع مع حالتي، وأكره الرّسم بطريقة تقليديّة، حتّى يرى المشاهد في لوحتي حياته بطريقة مختلفة كليّاً، ومن هذه الأشياء غير التقليديّة التي أقوم بها بالإضافة لمواضيع لوحاتي فإنّي أصوّر فيلماً وثائقياً لكل معرض من معارضي، فأصوّر به لوحاتي وأتحدّث عن عدّة أفكار بها، ليتمكّن أي شخص من أي مكان من العالم أن يصل إليها وتصل رسالتي ونظرتي للوقائع إليه».

لوحات الفنان "أحمد" جميلة جداً، ومملوءة بالمشاعر الروحيّة، فهو يرينا في لوحاته بأنّه على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها الناس وكميّة الآلام والضغوطات، إلّا أنهم يساندون بعضهم، لذا فيها الأمل والتفاؤل على الرغم من واقعيّتها، وهنا يأتي جمال التناقض لديه ومدى انسجامه، والرمزيّة في لوحاته تعبّر عن ذكائه في التعبير عن الأفكار بطريقة فنية قريبة إلى القلب والعقل معاً

كما التقينا مع الفنان التشكيلي والناقد الفني "أديب مخزوم"، فقال: «منذ بداية انطلاقة الفنان "أحمد"، تميّز بواقعيةٍ شديدةِ الوضوح والبروز، ومن الملفت في لوحاته أنّه يضع ضربات وحركات لونية شديدة التلقائية والكثافة، فنجده يتجه لإطلاق الخيال، رغم اتجاهه في المقطع الواحد من اللوحة للوصول إلى تفاصيل واعية وهادئة، وهكذا يطرح أمام أعيننا جمالية الأسلوب الواقعي، ومن هذه الناحية تأتي لوحات معارضه وبالأخص الأخير منها في سياق التطور الذي تشهده تجربته على الصعيدين التكويني والتلويني، وهي تبدو في مظهرها وإيماءاتها المتدرجة بين الواقعية والسوريالية منفتحة على تداخلات وتشابكات ومعطيات ثقافة فنون العصر، حيث يرسم التفاصيل بمنطق عقلاني، و في ذات الوقت نستطيع أن نجد لمساتٍ سريعةً فيها قدرٌ كبيرٌ من الانفعال اللوني، فهو لا يلغي الأشكال كما هو الحال في اللوحة التجريدية، وإنّما يتنقل في اللوحة الواحدة بين المقطع الواقعي والمقطع اللا واقعي، ليحقق حالات المواءمة والموازنة بين المرئي والمتخيل، و هكذا يمكننا الاقتراب من عوالم لوحاته الجديدة، وبمعنى آخر يرسم بدقة تفصيليّة، وهذا يعني أنّه يبرز في لوحات هذه المرحلة تحوّلات تقنيّة، عبر تنقله من عقلانيّة ضابطة، إلى عفوية لونيّة متحرّرة، إلا أنّه سرعان ما يرتدّ إلى لغة الوعي، لتعبر في النهاية عن قدرة التعاطي مع الموضوعات المختلفة برؤية خياليّة وغرائبيّة وسورياليّة».

الفنان "أحمد الوعري" مع زوار معرضه الأخير "الآن"

أمّا الفنّانة "ليندا بيطار" فقالت: «لوحات الفنان "أحمد" جميلة جداً، ومملوءة بالمشاعر الروحيّة، فهو يرينا في لوحاته بأنّه على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها الناس وكميّة الآلام والضغوطات، إلّا أنهم يساندون بعضهم، لذا فيها الأمل والتفاؤل على الرغم من واقعيّتها، وهنا يأتي جمال التناقض لديه ومدى انسجامه، والرمزيّة في لوحاته تعبّر عن ذكائه في التعبير عن الأفكار بطريقة فنية قريبة إلى القلب والعقل معاً».

يذكر أنّ الفنان "أحمد الوعري" من مواليد "حمص" عام 1990.

من لوحات الفنان "أحمد الوعري"
الفنانة ليندا بيطار من أحد معارضه