بين مزاجية الطالب وتراخي الكوادر التدريسية؛ وضخامة المناهج وقلة الوعي وازدراء الحالة الاقتصادية، استشرت ظاهرة التدريس الخصوصية، فأُجبرت "خمائل" على تلقي الدروس الخصوصية، لتصل إلى هدفها في نهاية المطاف.

"خمائل حمد الفتاح" طالبة الثالث الثانوي العلمي لم تجد حرجاً في التحدث لمدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 10 كانون الثاني 2015 عن سبب التحاقها بأحد المعاهد الخاصة على الرغم من وجود المدارس وانتشارها، فقالت: «تجتمع مسبباتٌ كثيرة تدفعنا إلى تلقي الدروس الخصوصية دفعاً، فمن ضخامة المنهاج المقرر؛ إلى كثرة المواضيع التي تحتاج إلى تدقيقٍ بين الطالب والمدرس، وصولاً لعدم كفاءة بعض المدرسين، إضافةً إلى تراخي الإدارات المدرسية في متابعة أحوال الطلاب، وتتمثل الضخامة في مادتي "الرياضيات والفيزياء"، فأغلب الأحيان ينتهي العام الدراسي والمنهاج معاً، وهذا لا يمكننا من القيام بمراجعةٍ شاملة، كما يتسبب غياب عددٍ كبير من الطلاب عن الدوام؛ في إفراغ القاعات الصفية بشكل شبه كامل، وعليه فلا يمكن أن يعطى الدرس في ظل هذا الغياب الكبير، وهنا يقع الحق على الإدارة التي تبرر الغياب بأي تقريرٍ طبي للطالب؛ على الرغم من علمها أنه لا يعاني المرض، بل يذهب لتلقي الدروس الخاصة إما في البيت أو المعاهد».

إن إلزام الطالب بمتابعة التسلسل الدراسي وتحصيل المعلومات التراكمية، ومتابعته في المنزل من خلال المراجعة الدورية للدروس؛ وتخفيض معدلات القبولات الجامعية، واعتماد فرز الطلاب للفرعين الأدبي والعلمي على أساس الكفاءة، من الأمور التي تساهم في عودة الأمور إلى نصابها، مشيرةً إلى أنها لا تنفي وجود تقصير عند بعض المدرسين وعدم كفاءة بعضهم الآخر، إلا أن هذه الأمور يمكن تلافيها من خلال تضافر الجهود

أستاذ الفيزياء والكيمياء "هايل جميل بيطار" الذي عارض طالبته "خمائل" بأمور، ووافقها على أمور وهو يرى: «أن السبب الرئيس في انتشار هذه الظاهرة يعود إلى اتكالية الطالب؛ الذي يريد تحصيل المعلومة دون أي عناء، لذلك تراه يتجه دون تفكير إلى الدروس الخصوصية، كما أن قلة الضمير عند بعض المدرسين تساهم في هذا الأمر؛ إضافة إلى قانون منع الضرب الذي أثر سلباً والقلة في الكادر التدريسي لدى بعض المدارس، من جهة ثانية يخشى الطالب من عدم إنهاء المنهاج خلال العام الدراسي، لذا أصبحت هذه الدروس واقعاً لكنها حالة غير صحية، مشيراً إلى أن هذا العام هو الأول له في التدريس الخاص، وقد أجبره على هذا العمل قلة الوارد المادي الذي يؤمنه الراتب؛ والذي لا يفي بالغرض ولا بأي طريقة».

حصة اللغة العربية

أما مدرس اللغة الفرنسية "محمود بشير شيخو" فيؤكد: «أن الطلاب أخذوا هذا المنحى بسبب عدة عوامل، أهمها فشل العملية التدريسية خصوصاً في السنوات الأربع الأخيرة، وتواجد الكثير من الأخطاء في المنهاج، وكان للمدرسة والجهاز التدريسي اليد الطولى في هذا الحال، كما أن الأهل ساهموا من خلال إهمالهم في دفع أبنائهم للدروس الخاصة، وأخيراً كان لانقطاع وصول الكتب إلى المحافظة تبعاتٍ سيئةٍ للغاية، لافتاً إلى أنه وكمدرس يمنع طلابه منعاً باتاً من الالتحاق بالدروس الخصوصية، ولا يقبل أن يدرسهم مهما كان الأجر لأنه لا يضيف شيئاً إلى ما يعطيه في المدرسة، ويقتصر تدريسه في المعاهد الخاصة على الطلاب الذين لا يعرفهم ولا يدرسون عنده».

بدروها بيّنت "زفارت أوهانيس" صاحبة معهد الأوائل: «أن العملية التربوية تسبق العملية التعليمية، ولا يمكن للعلم أن يأخذ طريقه إلى الطالب إذا انتفت بينهما العلاقة الحميمية، إضافةً إلى ذلك تعد قضية التواصل والمتابعة من أهم الطرائق المتبعة في العملية التربوية، وغياب هذه الحالات عن المدارس العامة، تسبب في عزوف الطلاب عنها والتحاقهم بالمعاهد الخاصة، وعندما نقول متابعة هذا يعني أن يتحول المدرس والإدارة إلى رقيب على الطالب وسلوكياته، فنحن نستدعي أولياء الأمور عندما يبدر أي تقصير من الطالب، كما نقوم بالاتصال بذوي الطالب الذي تخلف عن حضور الحصة الدرسية، والأهم من هذا وذاك هو إجراء الاختبارات الدورية ومتابعة المقصرين؛ والوقوف على أسباب التقصير لتلافيها، كما نعتمد أسلوب الصرامة في التعليم، وهذا ما تفتقده المدارس العامة التي لا تتبع القوانين والأنظمة؛ التي تعاقب الطالب أثناء تكرار تغيبه، وفصله في حال تجاوز الغياب المدة المسموح بها، مشيرةً إلى أنها ليست مع هذا الحال الذي وصلت إليه العملية التعليمية، إلا أن الواقع الحالي هو نتيجة حتمية لمسببات متراكمة تتوزع بين الأهل والمدرسة».

من درس الفيزياء

من جهتها قالت مديرة التربية "إلهام صورخان": «إن قلة وعي الأهل هي من أكبر المسببات لهذه الظاهرة، فالأهل الذين يمنعون أبناءهم من التحصيل المتسلسل للعملية التعليمية، يتحملون الجزء الأكبر من النتائج، إذ يلاحظ أن الطالب يبدأ الانقطاع عن المدرسة منذ الصف الأول الثانوي ليتلقى دروساً خاصة بمنهاج الثالث الثانوي، إضافةً لعدم الاستجابة لميول الطالب نفسه، حيث يجبر أغلب الآباء أبناءهم على الدخول في المجال العلمي، على الرغم من عدم توافر الإمكانيات العقلية لديه، ويدخل في هذه المعادلة أيضاً التهاون من الأهل والكادر التدريسي في متابعة الطالب، وضعف دور المنظمات الشعبية مثل: "نقابة المعلمين، ومنظمة الشبيبة" في تحمل مسؤولياتها، من جهة إقامة الدورات الداعمة ورخيصة الثمن، لتحد من اتكالية الطالب».

وأكدت: «إن إلزام الطالب بمتابعة التسلسل الدراسي وتحصيل المعلومات التراكمية، ومتابعته في المنزل من خلال المراجعة الدورية للدروس؛ وتخفيض معدلات القبولات الجامعية، واعتماد فرز الطلاب للفرعين الأدبي والعلمي على أساس الكفاءة، من الأمور التي تساهم في عودة الأمور إلى نصابها، مشيرةً إلى أنها لا تنفي وجود تقصير عند بعض المدرسين وعدم كفاءة بعضهم الآخر، إلا أن هذه الأمور يمكن تلافيها من خلال تضافر الجهود».

كثافة الأعداد