تمتاز قلعة "بصرى" الأثرية بأنها كانت أشهر القلاع والحصون الموجودة في سورية، حيث توالت عليها العديد من الفترات التاريخية، وتعتبر المرحلة الصليبية الأهم في تاريخ القلعة تلاها الفترة الأيوبية.

ونظراً للأهمية التاريخية للقلعة التي صنفها العلماء الذين زاروها في المراكز الأولى بين سائر القلاع المشادة في سورية، لضخامة بنائها ومناعة تحصيناتها وجمال موقعها ودهشة مسرحها الأثري زار موقع eDaraa القلعة بتاريخ 13/11/2011 والتقى الآثاري "ياسر أبو نقطة" الذي حدثنا بالقول: «تقع قلعة "بصرى" في سهل "حوران" على بعد /145/ كم جنوبي "دمشق"، في مدينة قديمة جداً أتت على ذكرها ألواح تحوتمس الثالث وأخناتون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكانت أولى مدن الأنباط في القرن الثاني قبل الميلاد وكان اسمها "بوحورا"، أما في العهد الهلنستي فأصبحت تحمل اسم "بوسترا"، وقد اهتم بها الرومان فيما بعد وجعلوها أيام "تراجان" عاصمة ولاية الجزيرة العربية عام 106 قبل الميلاد وأطلقوا عليها اسم "نياتراجانابوسترا"».

تقع قلعة "بصرى" في سهل "حوران" على بعد /145/ كم جنوبي "دمشق"، في مدينة قديمة جداً أتت على ذكرها ألواح تحوتمس الثالث وأخناتون في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وكانت أولى مدن الأنباط في القرن الثاني قبل الميلاد وكان اسمها "بوحورا"، أما في العهد الهلنستي فأصبحت تحمل اسم "بوسترا"، وقد اهتم بها الرومان فيما بعد وجعلوها أيام "تراجان" عاصمة ولاية الجزيرة العربية عام 106 قبل الميلاد وأطلقوا عليها اسم "نياتراجانابوسترا"

بينما تحدثت السيدة "وفاء العودة" مديرة آثار مدينة "بصرى" عن أهم الفترات التاريخية التي مرت عليها بالقول: «ذكرت هذه القلعة في أبحاث الأستاذ "كليرمون غافو" التي تحدث بها عن حضارة العرب التي سبقت حضارة روما، فأيد وجود قلعة نبطية لا تزال أساساتها قائمة تحت جدران المدرج الكبير، وقد ساهمت هذه القلعة بقسط كبير في الانتصار الذي أحرزه الملك "رعبيل" الأول ملك العرب الأنباط على السلوقيين في معركة أمتان عام 84 ـ 85 قبل الميلاد، ويجمع العلماء على أنه لم يبق للسلوقيين ملك موطد في هذا الجزء من الوطن العربي "سورية" بعد هزيمتهم الشنعاء».

أحد ابراج القلعة

العهد الأموي والعباسي كان للقلعة أهمية كبرى وبهذا المجال تقول: «قام العرب بعد فتح "بصرى" بسد جميع أبواب المسرح ومنافذه التي تفتح إلى الخارج بجدران محدثة ومتينة فحولوه بذلك إلى حصن منيع يتعذر الدخول إليه إلا من أبواب صنعت من صخر البازلت، ويستدل من الحديث الذي ذكره "ابن عساكر" من خبر الهيذام أحد فرسان العرب وزعيم قيس في الفتنة التي وقعت بينهم وبين اليمنيين بـ"دمشق" في أيام "الرشيد"، أنه ركب هو وابنه وغلامه وكانوا في "بصرى"، وخرجوا على الناس وهم منهزمون حتى انتهوا إلى ملعب الروم، وهو حصن في مدينة "بصرى"، وتسامعت خيل "أبي الهيذام" فجاؤوا من كل وجه».

شهد العهد الفاطمي بناء ثلاثة أبراج ملاصقة لجدار المسرح في القلعة وعن هذه الأبراج تتحدث بالقول: «في العهد الفاطمي تم بناء ثلاثة أبراج ملاصقة لجدار المسرح الخارجي الأول من الجهة الشرقية، والثاني من الجهة الشمالية من النقطة التي تنحني بها نصف دائرة المسرح نحو الغرب، والثالث من الجهة الغربية ويستند على جناح المسرح الغربي، وكل هذه الأبراج متصلة بأبواب تفتح على سطح الرواق العلوي، ونوافذ المسرح التي تطل على الخارج من القسم الثالث، ثم تتصل بصورة مباشرة مع الممشى الأرضي بأبواب محصنة عثر عليها بحالة سليمة خلال أعمال السير».

مديرة اثار بصرى

وفي العهد الأيوبي وجد الأمراء أن التحصينات "الفاطمية" السابقة لم تكن من المناعة بحيث تكفي لصد هجمات الغزاة فقاموا ببناء تسعة أبراج وأحاطوا القلعة بخندق عميق يمر فوقه جسر مثبت على باب القلعة وهنا يقول الآثاري "علاء الصلاح" من دائرة آثار "بصرى": «بداية العهد الأيوبي أصبحت "حوران" هدفاً لغارات الصليبيين الذين وجهوا إليها حملتين الأولى تحت قيادة بدوان الثالث، والثانية تحت قيادة بدوان الرابع عام 1182، بعد ما لم تشكل التحصينات السابقة "الفاطمية" من المناعة بحيث تكفي لصد هجمات الغزاة، كما أنها لا تستوعب عدد أفراد الحامية التي حشدت في "بصرى" في ذلك الحين عندما أصبحت "دار ملك لبني أيوب"، فأحاطوا القلعة بخندق عميق يمر فوقه جسر مؤلف من خمسة أقواس ثابتة يتقدمها جسر متحرك من الخشب يرفع عند الحاجة بوساطة حبال مثبتة عند باب القلعة، وبوشر أيضاً ببناء البرج الأول في زمن الملك العادل "أبي بكر بن أيوب أخي صلاح الدين"، وأيام ولده الملك "شرف الدين عيسى" في مستهل عام 599 للهجرة 1202 ميلادي.

وتمت أشغال آخر برج من أبراجها زمن الملك "الناصر يوسف خليل" خلال عام 649 هـ 1251م. عدد هذه الأبراج تسعة بنيت كلها خارج المدرج والأبراج الفاطمية الثلاث بشكل يستفاد به من مناعته الأخيرة في الدفاع، كما أقاموا فوق المدرج ثلاثة طوابق كبرى أعدت للتموين، فالطابق الأرضي لخزن المياه والطابق الثاني لحفظ المؤونة والذخيرة، وكل من هذه الطوابق التي ارتفعت أساساتها على درجات المسرح».

من اثار القلعة

ويتابع الآثاري "علاء الصلاح" حديثه عن القلعة بالقول: «تحيط بالمسرح نصف الدائري تحصينات أيوبية وأبراج عند الزوايا الشمالية الشرقية والشمالية الغربية، وتضم الأسوار العلوية حالياً متحفاً، والبرج الشمالي الشرقي والبرج الجنوبي الغربي ومجموعة فنون شعبية ومقهى ومجموعة من المنحوتات الرومانية والمخطوطات الرومانية والعربية، ولقد شهدت بصرى أوج توسعها وازدهارها الحضاري في العصر الأيوبي، إذ كانت مقراً عسكرياً للملوك الأيوبيين، منها ينطلقون لمحاربة الصليبيين وإليها يلجؤون، وفي هذه الفترة بنيت قلعة بصرى، التي تعتبر أهم وأضخم مبنى أقيم فيها، وفي العصرين المملوكي والعثماني تقلص دور بصرى، ونظراً لأن قلعة "بصرى" كانت مقراً لهذا الأمير الأيوبي فقد تواصلت النشاطات المعمارية فيها، حيث بدأ العمل في إنشاء الجامع عام 620هـ /1223-1224م فوق منصة المسرح، تلا ذلك إنشاء خزان مياه مقبي في تجويف المسرح كانت تصل مياهه بواسطة أنابيب تمتد من بركة الحاج الواقعة بالقرب من المسرح».