تختزن ذاكرته أجمل سهرات البزق المنزليّة، وتفيض أيام الطفولة بمحاولاتٍ عبثيّةٍ لاكتشاف هذه الآلة، عشق آلة البزق كجزء من حياته اليومية مدفوعاً بتشجيعٍ من والده الذي ساعده على تعلم العزف كما علم الكثيرين من فناني "الحسكة".

"ميفان يونس" ابن مدينة "الحسكة" والمولود فيها عام 1982، أمسك آلة البزق وحاور أوتارها لأول مرة في عمر السبع سنوات، وعزف أغنية كاملة عليها في سن التاسعة.

تابعت دراستي في الكلية لسنة واحدة ثم عاودت الكرّة وتقدمت للمعهد العالي بعد أن تجاوزت نقطة ضعفي في الصولفيج التي سببت رفضي في المرة الأولى، وكان تحدياً كبيراً خضته بيني وبين نفسي في المقام الأول، ونجحت

كان "ميفان" على قناعة بأنه يعرف الآلة حق المعرفة، قناعة محمولة على حبه الجم لها، ولاقى رعاية كبيرة من والده الذي تابع باستمرار تطور أدائه: «بدأت نشاطاتي الأولى في إطار معسكرات الطلائع، وامتدت إلى معسكرات الشبيبة أيضاً، فكنت أعزف بعض الأغاني التي تعلّمتها، وخلال المرحلة الثانوية اختلطت بمجموعة من الأصدقاء العازفين المحترفين الأمر الذي انعكس على عزفي بشكل إيجابي».

ميفان يونس

لكن "ميفان" أصر أن يخرج من إطار الأعراس والحفلات، فلم يجد نفسه في ذلك المكان، وفي هذه المرحلة بدأ يستمع لعزف الفنان "محمد عبد الكريم" وغيره كالفنان "مطر محمد" و"جميل بيك الطنبوري" وجهد في حفظ مقطوعاتهم رغم الصعوبة التي وجدها في تعلم مقطوعات "الطنبوري"، ولتلافي تلك الصعوبات بدأ يبحث عن تعلم العزف أكاديمياً ليتسنى له قراءة النوتة: «بدأت بمرحلة النوتة بعد اجتيازي للمرحلة الثانوية، وذلك بمساعدة مجموعة من الأصدقاء، فتعرفت على "جان هرمز" وهو عازف بيانو وموجه أول للموسيقا وعن طريقه شاهدت أول نوتة مكتوبة، ثم تعرفت على "شيرازد عمر" الذي أطلعني على ريجستر الآلة، وخلال هذه الفترة كنت أتابع دراستي للحقوق في جامعة "حلب" فالتقيت بأشخاص أرشدوني إلى المعهد العالي للموسيقا في "دمشق"».

وهنا ظهرت كلية التربية الموسيقية في "حمص" كحل بديل للمعهد العالي للموسيقا الذي لم يستطع الانتساب إليه رغم التحضيرات التي عمل عليها: «تابعت دراستي في الكلية لسنة واحدة ثم عاودت الكرّة وتقدمت للمعهد العالي بعد أن تجاوزت نقطة ضعفي في الصولفيج التي سببت رفضي في المرة الأولى، وكان تحدياً كبيراً خضته بيني وبين نفسي في المقام الأول، ونجحت».

البزق والعود

وعن مرحلة المعهد يتابع: «في السنة الأولى درّسني الأستاذ الأذربيجاني "عسكر علي أكبر" صف البزق، تعلمنا بداية القطع الكلاسيكية والباروك، وضمن إطار البحث حاولنا تعلم بهلوانيات الكمنجة والرش الناعم لتطوير تقنياتنا، ولم نكتف بعزف القطع بل كنا نحاول تحليلها، لننتقل إلى الحواريات الثنائية للبزق مع العود أو البيانو، ولتبدأ مرحلة الأسئلة».

وكانت السنة الثالثة بالنسبة له بمثابة مرحلة الإجابات وتكثيف المعلومات، واستطاع بمساعدة كل من الأستاذ "شفيع بدر الدين" و"عصام رافع" أن يتحرر من القوالب الكلاسيكية والاندفاع نحو التأليف، حسب تعبيره.

ميفان في ملتقى البزق

وشهدت نهاية السنة الثالثة ولادة أول مقطوعة خاصة به: «أطلقت عليها اسم "والشمال"، جمعت فيها كل ما سمعته من تراث وفلكلور ممزوجاً بالتقنيات الأكاديمية التي تعلمتها من كلاسيك وباروك، مطعمة بفن "محمد عبد الكريم"، وهناك محاولات أخرى في طور الإعداد تحمل نوعاً من الارتجال وتمتاز بالهدوء عكس "والشمال" التي تمتاز بصخبها».

شارك "ميفان" في عدة ورشات عمل مع مجموعة من الفنانين منها ورشة مع عازف العود التركي "نجاتي شيلك" عام 2007، وأخرى مع الدكتور "فواز باقر" عام 2008: «كما شاركت بورشة مع الأستاذ "أيمن الجسري" وأخرى مع عازف العود التركي "محمد بيتماز"، وأقمت عدة حفلات كان من بينها حفلة صولو في المركز الثقافي العربي في "الحسكة" عام 2008، ومشاركة في حفلة بصالة السرداب في "اللاذقية" عام 2008».

كما وشارك في ملتقى موسيقي بمدينة "أنطاكية" التركية عام 2009، وعزف مع الفرقة الوطنية للموسيقا في المهرجان الدولي للموسيقا بتونس 2010، وهو عضو في فرقة "أوج للموسيقا العربية".

وكان "لمفيان" مشاركة خاصة في ملتقى البزق الأول 2010، قدم فيها مقطوعته الخاصة "والشمال" إلى جانب قطعة أخرى باسم "شهيناز سياغي" للفنان "عادل كاراي" طرح خلالها البزق بمرافقة العود والإيقاع بتوزيع جديد. ويأمل أن يتمكن من العزف على البزق يومياً وبطاقة كبيرة متجددة، كما تمنى أن تخرج الملتقيات الموسيقية من الإطار المحلي إلى الدولي وذلك لتعميق التواصل الروحي بين العازفين.