مر الإنسان خلال مسيرته بمراحل مختلفة قبل اكتشاف النار والقراءة والكتابة، وقبل أن يخترع بعض الأدوات البسيطة التي تساعده في حياته اليومية، وكان يصطدم بعقبات كثيرة وتساؤلات عديدة حيث تصدمه البحار والجبال والأنهار والليالي المظلمة وكل تجليات الطبيعة التي كانت تخيفه وتدهشه، ويجب عليه أخذ الحذر وتجنب العقبات وحل بعض التساؤلات بوسائل خيالية وأسطورية وقد دعيت هذه الأعمال بالمعتقدات الشعبية.

السيدة "نعمة الحسين" من أبناء "الجولان" تقول: «المعتقدات الشعبية جزء من تراثنا الذي نتوارثه ونورثه للأجيال القادمة، حيث كنا قديماً ونحن صغار نرى آباءنا حين يشعر أحدهم بمرض صداع ويصعب علاجه يقولون إنه مصاب بالعين فيقومون بكبس الرصاص على رأسه أيماناً بأن الرصاص سيفجر العين ويتشكل الرصاص ببعض ملامح الذي أصابه، وما نزال نستخدم هذه الطريقة في يومنا هذا، وتعلمنا الكثير من المعتقدات الشعبية التي تحاكي تراثنا الشعبي».

إن المعتقدات الشعبية ستبقى أزماناً طويلة لا يمكن تقديرها وسترافق أجيالنا القادمة إلى أبعاد زمنية مجهولة

أما السيدة "وداد محمد" ربة منزل فتقول: «من المعتقدات الشعبية التي كانت شائعة في "الجولان" وضع خرزة زرقاء بثياب المولود الجديد خوفاً من العين والحسد وأنا ما أزال استخدمها حالياً، وخوفاً من الحسد أضع بعض الخرزات الزرقاء في المنزل للحماية من العين، ومن معتقداتنا الشعبية المشهورة في الجولان أنه عندما يحبو الطفل الصغير عدة مرات نقول إنه سيأتي ضيف إلينا».

الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن"

ويقول الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن" الباحث في التراث الشعبي الجولاني لموقع eQunaytra: «المعتقدات الشعبية واحدة من جزئيات تراثنا الشعبي الغني، وقد نقلت لنا من جملة ما نقله تفكير هذا الشعب وآماله وأحلامه وطموحات أفراده وقد سكنت أعماق الوجدان وحملتها الذاكرة في طياتها عهوداً مديدة، حيث تتجلى المعتقدات الشعبية في الحياة ضمن عدة تجليات فمنها المعتقدات التي تظهر بشكل لفظي ضمن كلمات معينة وجمل قصيرة ومنها المعتقدات التي تظهر على شكل أفعال متنوعة كتجنب المرور بمكان معين أو زيارة مكان ما له قدسية خاصة أو نذر شيء ما لمكان أو رجل له مكانة مقدسة، ومناسبة استخدام المعتقد الشعبي متنوعة ومختلفة وعلى رأسها الخوف وتوخي تحقيق الآمال في أشياء عدة فمنها مثلاً وصول مسافر بالسلامة أو الشفاء من مرض أو الزواج بمن يحب، وردّ الشر والشياطين والجن والعفاريت».

وتابع "الحسن" حديثه بالقول: «إن المعتقدات الشعبية ستبقى أزماناً طويلة لا يمكن تقديرها وسترافق أجيالنا القادمة إلى أبعاد زمنية مجهولة».

العين الزرقاء التي تحمي من العين والحسد

وذكر "الحسن" بعض الشواهد من المعتقدات الشعبية الجولانية:

"يقال في الأرياف التي يكثر فيها شجر اللوز إن من يحمل قضيباً من اللوز يحمي نفسه من الجن والأفاعي والأذى".

من المعتقدات أنه "أثناء الاستعداد لأكلة الكبة تحضرها عدة نسوة وقبل الانتهاء من الكبكبة تضع كل واحدة في قرص معين شيئاً ما فهذه تضع سكرا وأخرى تضع جزءاً من عود وثالثة تضع بذرة زيتون ورابعة تضع قطعة من قشرة الليمون وهكذا يضعن تلك الأشياء لأزواجهن وإذا صادف وكان حظ الزوج ما وضعته زوجته فيعتقد أنه سيبقى مخلصاً لها للأبد".

"حين تغسل القطة وجهها يقال لها اغسلي وجهك اغسلي وجهك شو ما إجا إلي وإلك حيث يعتقد أن رزقاً ما سيأتي من الجهة التي تدير وجهها ناحيتها".

"يعتقد أن المطر سيهطل يوم عرس الشخص الذي يأكل بقايا الطنجرة عقب الطبخ".

"يعتقد أن الفتيات إذا قرصن العروس يوم عرسها فسيتزوجن قريباً والتي تقرص أكثر فستتزوج أسرع لهذا تتعرض العروس أو العريس للقرص الكثير".

"يعتقد أن الرجل إذا مسح صحن الأكل الذي أمامه تماماً أنما يريد مسح حماته من الوجود وكذلك الزوجة إذا مسحت صحنها أنما تريد مسح حماتها".

"تعتقد الحامل أن جنينها سيكون صبياً إذا سكبت نقطة من الحليب في كأس ماء ورست أما إذا طفت النقطة فالجنين أنثى".

"يعتقد أن ضيفاً سيحل في بيت أحدهم إذا زحف الولد قبل أوان زحفه وستطول إقامة هذا الضيف".

"يعتقد أن الشؤم والكوارث ستحل في مكان معين إذا عوى كلب عواءً غريباً".

"يعتقد أن سكب الرصاص على آنية معينة فوق الرأس المصاب بالعين يبعد الأذى عن المصاب ويقيه مفعول العين ويمكن أن يميز شكل الذي أصاب بالعين".

"تعتقد المرأة أنها إذا سفحت المياه من وعاء معين على الأرض ولم تسمِ أو تتعوذ فستؤذى من قبل الجن والشياطين خاصة في الليل".