تستعد دمشق للعيد قبل بدايته بأيام، فتعج الأسواق ويزداد الطلب على الملابس والحلويات؛ وتؤمّن المواد الغذائية التي تحتاجها الأسرة طوال الأيام العيد، ولا يتخلف أحد عن زيارة صالونات الحلاقة التي تعج بالزائرين قبل العيد وحتى ساعاته الأولى، شأنها في ذلك شأن معظم الأسواق التي توافق أصحابها على طقوس طريفة خلال مواسم الأعياد، وما إن يولد فجر أول أيام العيد حتى يبدأ تطبيق برنامج العيد الذي تعارفت عليه معظم العائلات الدمشقية.

"eSyria" جالت أسواق دمشق والتقت بتاريخ 25/11/2009 مع السيد "مروان مّنير" الذي حدثنا كيف تقضي الأسر الدمشقية أوقاتها في العيد، وبدأ بقوله: «لا يختلف برنامج معظم الأسر الدمشقية في العيد، وخاصة أن هذا البرنامج يبدأ بعد صلاة العيد التي كانت تقام قديماً في "مصلى العيد" في "جامع باب مصلى" خلف الساحة المسمى بإسمه، أما اليوم فتقام هذه الصلاة في المساجد المنتشرة في جميع الأحّياء، وبعد أداء الصلاة يعايد الجيران بعضهم البعض، ويتفرقون بعدها لمتابعة برامجهم الخاصة التي تتشابه بالمجمل، حيث يتوافد معظم الرجال على "المقابر"، التي تمتلئ حينها بالزوار وتزيّن بباقات "الآس الخضراء"، و يتجهون بعدها إلى بيت العائلة أو ما يسمى "بيت الجد"، وهو المنزل الذي يقطنه الجد أو الجدة، ويجتمع فيه صباح أول الأيام العيد جميع أفراد الأسرة، لمعايدة رب الأسرة وتناول وجبة الفطور على مائدة واحدة.

يقوم أرباب العمل باستقبال عمالهم في هذا اليوم، ويقوم الزوج بزيارة أقارب زوجته أيضاً، و يجتمع مساءً رجال العائلة في بيت أكبر أفرادها، الذي يسمى "عميد الأسرة"، أما اليوم الثالث والرابع فيكون للراحة وللزيارات الخاصة، كما أن أغلب الأسر تحرص على تناول الطعام فيهما خارج المنزل حيث تتوزع العائلات على المطاعم والمصايف التي تحيط دمشق

وتضاف مسألة "ذبح الأضاحي" إلى برنامج "عيد الأضحى"، فكانت تعج الأحياء دمشق القديمة بالأضاحي وورشات الذبح، أما اليوم فعملية الذبح تجري خارج المدينة، وخصوصاً في البساتين التي تحيط بالأحّياء».

السيد مروان منير

ويضيف "مّنير": «بعد تناول وجبة الإفطار يبدأ كل فرد من الأسرة بتطبيق برنامج يختلف حسب سنه ومكانته، فالمتزوجون مثلاً يشرعون بمعايدة أهل الزوجة، ويسرع الأطفال بمعايدة كبار أفراد الأسرة فرداً تلو الأخر، حيث يجمعون منهم "العيدية"، التي تكون في الغالب مبلغاً من المال أو هدية عينية في أحيان الأخرى، ويتناولون بعدها الحلويات، ويتجهون إلى الأماكن المجهزة بألعاب العيد، وأحب أن أذكر أن الزيارات العائلية في اليوم الأول تقتصر على دائرة القرابة الأولى، حيث تكتسب الجلسات طابع العفوية واللا رسمية عكس جميع الزيارات الأخرى في العيد».

السيد "محمد موفق الرواس" حدثنا عن المأكولات التي تقدم في أيام العيد، حيث بدأ بقوله: «تكتسب الجلسات العائلية في العيد طابعاً خاصاً يميزها عن بقية المناسبات، فالاجتماع في "بيت الجد" لتناول وجبة الفطور أو حتى وجبة الغذاء في أول أيام العيد يعطي جواً من الحميمية والألفة، تعززه أنواع المأكولات التي تعارف "أهل دمشق" على تقديمها، فإضافة إلى الحلويات الشرقية التي تقدم في العيد، يقدم "المعمول البيتي"، و"بسبوسة العيد" وهي عبارة عن رقائق تحشى بالجوز وتطوى بشكل مسدس، وتقلى بعد ذلك بالزيت وتقدم في أيام العيد، ويقدم صحن "الفول النابت" في "بيت الجد"، أثناء تبادل الأحاديث الطريفة والقصص المتنوعة، وتعبر حرارته عن دفء هذه الجلسات الجميلة.

معمول العيد البيتي

والواقع أن بعض الأمور تغيرت اليوم، "فالمعمول البيتي" الذي كان يحشى بحشوة الفستق والجوز، أصبح اليوم يطبخ ويشترى من المحلات؛ والنكهة الخاصة التي ميّزت معمول كل منزل؛ اختفت لتختفي معها عادة جميلة وهي تبادل الجيران "لمعمول العيد"، حتى الحلويات الشرقية تم استبدالها في بعض البيوت، فأنا أقدم مثلاً "الكاسيتا" وهي نوع من حلويات المطبخ الغربي كنوعٍ من التغير».

اليوم الثاني يعتبر اليوم الرسمي للزيارات، فمعظم الأسر الدمشقية تفتح أبوابها وتستعد لاستقبال الزوار في هذا اليوم، السيد "مروان مّنير" أشار إلى أن رجال الدين وكبار التجار وجلسات اجتماع رجال العائلة "جلسة العائلة"، تكون ثاني أيام العيد؛ عرفاً، وأن الزيارات في باقي الأيام تكون مسبوقة بموعد، أو عرفٍ خاص، وتابع "مّنير" قوله:

القصر الهوائي احدى ألعاب العيد الجديدة

«يقوم أرباب العمل باستقبال عمالهم في هذا اليوم، ويقوم الزوج بزيارة أقارب زوجته أيضاً، و يجتمع مساءً رجال العائلة في بيت أكبر أفرادها، الذي يسمى "عميد الأسرة"، أما اليوم الثالث والرابع فيكون للراحة وللزيارات الخاصة، كما أن أغلب الأسر تحرص على تناول الطعام فيهما خارج المنزل حيث تتوزع العائلات على المطاعم والمصايف التي تحيط دمشق».

ويختم السيد "مروان" حديثه: «لم يتغير برنامج العيد كثيراً في دمشق عما كان عليه، ولكن بعض الأسر أصبحت تقوم ببرامج أخرى، فتجد أن عدداً من العائلات تنظم الرحلات أيام العيد، وتستغل عطلة العيد لتقوم برحلة سياحية داخل البلاد أو حتى خارجها، ويوجد قسم آخر من الأسر يشكل العيد بالنسبة له موسم يدر عليه المكاسب الاقتصادية، فتجد أن الجزارين وأصحاب المطاعم وكثير من المهن يشكل لها العيد مكسباً مالياً جيداً من الصعب تجاهله، لذا تؤجل استراحة العيد لحين الانتهاء من تخديمه».