كتب "حسان بدور" الشعر والخاطرة والأغنية والمسلسل، وحوّل كلّ فشلٍ لحجر نجاح لهدف حياته الأدبية الأوّل وهو كتابة الرواية، فكانت روايته "الموت الأحمر" التي تلقفتها دار "كتاب" المصرية للنشر والتوزيع، بعد رفضها محلياً.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الكاتب "حسان بدور" بتاريخ 29 كانون الثاني 2020 ليحدثنا عن انطلاقته مع الكتابة الأدبية، فقال: «أولى كتاباتي كانت عبارة عن قصة قصيرة في الصف التاسع تتحدث عن القضية الفلسطينية برؤية مستقبلية وتصوّر لواقع هذا الشعب المنكوب دائماً، وحملت الكثير من الخيال الاستباقي للزمن فقط، وفي الصف العاشر تحولت إلى كتابة الخواطر الشعرية وكذلك الأغاني، ومجمل هذه الكتابات لم تتبلور وترتقي إلى ما أكنت أحلم به، وما ساعد على عدم تبلورها وارتقائها غياب المشجع أو المعلم الذي يصوّب الأخطاء ويثني على الجيد، فالموهبة موجودة والمُنتج يولّد من الأفكار بشكلٍ عفوي وتلقائي، ولكن دون أيّ محفزات أو تشجيع، وهنا أؤكد أنّ الحصول على المعرفة كان فردياً وتجريبياً وبطيئاً جداً، وذلك بسبب مواجهتي العديد من حالات ولحظات اليأس والفشل التي تعرضت لها، ورغم ذلك كانت النتائج إيجابية دوماً، وأهم تلك النتائج على الإطلاق إنتاج رواية جريئة واقعية ذات حبكة وشغف وطرح جريء للأفكار التي أردت إيصالها للمتلقي».

قرأت الكثير من الروايات العربية والعالمية والكتب المتنوعة المتوافرة بكثرة على المواقع الإلكترونية التخصصية، وهذا زاد مفرداتي الفطرية غنىً وألقاً، فغدت سهلة بسيطة قريبة من المتلقي، وكذلك مجتمعية سريعة متناغمة مع واقع ورتم المجتمع الذي بات سريعاً

ويتابع: «قرأت الكثير من الروايات العربية والعالمية والكتب المتنوعة المتوافرة بكثرة على المواقع الإلكترونية التخصصية، وهذا زاد مفرداتي الفطرية غنىً وألقاً، فغدت سهلة بسيطة قريبة من المتلقي، وكذلك مجتمعية سريعة متناغمة مع واقع ورتم المجتمع الذي بات سريعاً».

روايته الموت الأحمر

حالات الفشل تحولت بالنسبة له إلى طاقة إيجابية للعطاء وحافز لتحقيق الذات، وهنا قال: «تعرضت للكثير من المحاولات الفاشلة التي تمكنت من تحويلها إلى نجاح لاحق، حيث زادتني إصراراً على المتابعة في حالة من تحدي الذات للوصول إلى هدفي وهو إنتاج روايتي "الموت الأحمر" التي تلقفتها دار "كتاب" للنشر والتوزيع في "مصر" بعد رفضها من عدة دور نشر محلية، حيث أظن أن رفضها كان نتيجة جرأتها في تقديم أفكار ذات طابع حساس اجتماعاً وسياسياً واقتصادياً، وهذا ليس مهم برأيي لأن الأهم هو هذه الخطوة الإيجابية في مشروعي الكبير».

وعن مضمون الرواية وحاملها الأساسي، قال: «الهدف من كتابة الرواية إظهار الواقع السوري سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، فكانت شخصياتها تتمحور حول أربعة أفراد، لكل منهم قصته المختلفة عن الآخر، فالشخصية الأولى مثلاً هي لشاب التحق بخدمة العلم طواعية رغم الأحداث القائمة في البلاد، فخسر زهرة شبابه، بينما الشخصية الثانية هي لشاب تطرّف في طريقة تفكيره وانتمى لجبهة المعارضة المسلحة، والشخصية الثالثة هي لدكتور جامعي ركب الموجة الشائعة في الحرب وأصبح متسلقاً للأحداث والأزمة، فتحوّل إلى متاجرٍ بكل شيء من مخلفات الحرب، وأعتقد أنها حملت في طرحها كل الجرأة، فلم أسمع بأحد تحدث أدبياً عن ظاهرة التعفيش والمتاجرة بالمسروقات علناً، بينما الشاب الرابع فجسد واقعاً مجتمعياً مريراً بقي حتى اللحظة حديث الزواريب الضيقة، بكونه يؤدي إلى ما يسمه البعض شرح مجتمعي ووهن لعزيمة الأمة، ويتلخص هذا الواقع بحالات العشق الممنوع الذي يؤدي غالباً إلى الثأر نتيجة الاختلاف في الانتماء الديني وبعض الطقوس الخاصة بطوائف معينة.

حسان بدور

واللافت بالرواية وبعض شخوصها قصة الحياة والموت المتكررة التي تجلب الكثير من المآسي التي عاشها غالبية المجتمع السوري، ولكن بطريقة مختلفة أقرب إلى محاكاة الخلود مع تغير الظروف والأحداث لكل شخصية، وهذا أمر غير مطروق بأي رواية سورية تحدثت عن العشر سنوات الأخيرة من حياتنا، كذلك الجمع بين عدة قصص لكل منها أحداثها وحوارها الخاص ورؤيتها وبيئتها، وبكل جرأة وواقعية، قال عنها بعض من اطلع على نص الرواية بأنها غير مسبوقة وتلامس الواقع بأدق تفاصيله.

فشخصياً أحاول من خلال روايتي هذه، التي سيعقبها سلسلة روايات، طرح الكثير من وجهات النظر وطرح الحلول التي قد تساهم بردم الهوة بين السوريين، وخاصة أنّ الواقع الأخير كان مفروضاً نتيجة ظروف وحالات معينة.

وبشكل عام أحب العمل على التفاصيل والحبكة بشكل مختلف تماماً عما هو مألوف لينعكس على شخصيات العمل ولغتهم، وكذلك لا أحب النهايات المتوقعة فأحاول أن تكون غير تقليدية».

وفي لقاء مع "أمل عبود" مدرسة لغة عربية مطلعة على إنتاج الكاتب "حسان" ومنه رواية "الموت الأحمر" قالت: «يتمكن الكاتب "حسان" في أغلب كتاباته الأدبية من جذب القارئ بشكل مستمر وخاصةً في روايته "الموت الأحمر"، فنرى لديه الخيال الخصب واللغة الروائية الواضحة والقدرة على تنوع القضايا المطروحة بشكل ممتع وجذاب ومشوق للمزيد من التفاصيل غير المتوقعة وبأسلوب متنوع بين الحوار والسرد، مع وجود عنصر الدراما دوماً وسيطرة التفاؤل على الأحداث بشكل عام رغم وجود المأساوية، فهو امتلك الإبداع والثقافة، وظهر هذا من خلال الأدلة والبراهين التي طرحها في روايته "الموت الأحمر" ونجاحه في اختيار أسماء شخصياته من حيث رمزية كل منها».

يشار إلى أنّ الكاتب "حسان أحمد بدور" ابن مدينة "الشيخ بدر" وقرية "المجيدل"، مقيم في "طرطوس"، من مواليد "دمشق" عام 1993 وهو خريج أدب فرنسي عام 2019.