يعدّ موسم جني "العكوب" من مواسم الخير القصيرة، ومصدر الدخل الأساسي للعديد من العائلات الحورانية، بطلاته نساء يحملن "زوادة" الطعام وأدوات القطاف، سائرات نحو الأودية والأرض الصعبة المراس لجلب النبات الغالي.

مدونة وطن "eSyria" رصدت عمليات بيع المحصول في المركز الرئيس في سوق "درعا"، بتاريخ 13 آذار 2016، والتقت التاجر "باسم شقراني" من قرية "زيزون"؛ صاحب محل لبيع الخضار، ليحدثنا عن يوميات حصاد "العكوب"، فقال: «ينتظر الناس كل عام فصل الشتاء بكل بهجة وسرور لما فيه من الخير، لأنه موسم النباتات والأعشاب المفيدة، فتخرج النساء القاطنات في المناطق القريبة من الأودية ومناطق تجمع المياه كل صباح لحصاد "العكوب" الذي يظهر بعد الأمطار، وهو الذي ينبت في شباط وآذار ونيسان.

يعدّ هذا الموسم إضافياً بالنسبة إلى سكان المناطق الريفية، ومنها قرى "زيزون" و"عمورية" و"نهج"، فمنذ عقود متعددة تقوم النسوة بإخراج هذه الثمرة من خيرات الطبيعة، لتظهر فيه قيمة المنتج البلدي وأهميته في الحالة المعيشية والاجتماعية؛ الذي يعدّ مصدر الدخل الأساسي للعديد من الأهالي

ولطرائق جنيه حالات موسمية اجتماعية، يعيشها أهالي الريف بتجدد دائم كل موسم، فتجتمع لأجله النساء مزودات بالوجبات الغذائية المتداولة من "الفطاير وخبز العيد" التراثية، وتكثر عمليات الجني في الجو الغائم، حيث تقوم النساء بجني نحو 4 إلى 5 كيلو غرامات بكل طلعة، ويتم بيع الكيلو الواحد بـ700 ليرة سورية، وقد يصل إلى 1000 ليرة سورية، وهذا الأمر يؤمن دخلاً جيداً للعائلات، ومن النساء من يقمن بجنيه ليتم تجهيزه للأكلات التي يدخل فيها "العكوب"، وبدوري أقوم بشراء ما تجنيه النساء وأفرزه لوضعه في أكياس وبيعه».

نبات العكوب

المزارع "خليل الحسين" من أبناء وسكان بلدة "تل شهاب" قال: «يعدّ هذا الموسم إضافياً بالنسبة إلى سكان المناطق الريفية، ومنها قرى "زيزون" و"عمورية" و"نهج"، فمنذ عقود متعددة تقوم النسوة بإخراج هذه الثمرة من خيرات الطبيعة، لتظهر فيه قيمة المنتج البلدي وأهميته في الحالة المعيشية والاجتماعية؛ الذي يعدّ مصدر الدخل الأساسي للعديد من الأهالي».

وعن "العكوب" الذي يتم حصاده عن غيره يضيف "خالد عويضة" من بلدة "الشجرة"، وأحد المهتمين بالتراث الحوراني: «يفضل جني النبتة الخضراء المملوءة بالأشواك من كافة جوانبها، ويتم تنظيفه من الأشواك في السهول والأراضي الوعرة، وهو نبات ربيعي ينبت في السهول والأراضي المتماسكة والوعرة الصلبة، وتذهب النساء كل صباح في وقت مبكر إلى المناطق البرية وسهول "العجمي" و"الفوار" و"نافعة"، وأودية "أبو الذهب" و"اليرموك" و"العلان" و"الزيدي"، وتتم عمليات الجني في الصباح الباكر وفي المساء، أو بعد هطول الأمطار بيوم عندما تكون الأرض قد جفت من المطر والوحل؛ لتستطيع النساء التحرك بسهولة في الأودية، وترتفع أسعاره في بداية الموسم».

باسم شقراني

"الخوصة" و"العليقة" و"العبوة"؛ أهم الأدوات التراثية التي يتم بها حصاد "العكوب"، وعنها يقول الموظف المتقاعد "محمود الأحمد" أحد كبار السنّ في مدينة "بصرى": «تبدأ النساء المتقدمات في السنّ في العديد من مناطق "حوران"، عملية الجني للنبات الذي ينمو بعد هطول الأمطار، ويستخدمن بعض الأدوات القديمة التراثية، منها: "الخوصة"؛ وهي عبارة عن سكين مصنوعة من الحديد رأسها يكون حاداً وخفيفاً، بنهايتها يد خشبية تكون قوية، لتستطيع الدخول إلى الأرض بسهولة لقطع النبات من جذره. و"العبوة"؛ وهي قطعة من الحديد مقدمتها تكون واسعة وحادة، وفي نهايتها حلقة دائرية تشبه كف اليد، وتوضع بها قطعة من الخشب متفاوتة الطول. و"العليقة"؛ وهي قطعة من القماش تلفها النساء حول خاصرتهن، يضعن فيها ما يجمعن من النبات. والأهم "الوطية"؛ الحذاء الخاص بالمناطق الوعرة والأودية؛ الذي لا تدخل إليه الرطوبة والمياه».

محمود الأحمد