يقف القاص أمام نصه الأدبي متخيلاً بين الولوج في عالم القص أو الحكاية الشعبية وبين القصة المتكامة في بنائها الفني، فلكل منها قالبها وأسلوبها، لكن التوالد في الأفكار والوقائع يجعل من الحكاية الشعبية قصة ذات قيمة فنية لو تم تحويلها بطريقة سردية مناسبة في موروث "السويداء" الغني بذلك.

حول القص والحكاية الشعبية مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 25 تشرين الأول 2015، التقت "ربيعة غانم" عضو اتحاد الكتّاب العرب، وبينت قائلة: «لعل هاجس القص لا يقل إلحاحاً عن الرغبة في تلقي القص، ولعل المتعة التي يعيشها السارد لا تقل أبداً عن المتعة التي يعيشها المتلقي، ذلك لأن السارد والمتلقي معاً يعيدان صياغة الحياة بالطريقة التي يشتهيانها، الأول من خلال امتلاك القدرة على خلق الحياة بما في الحياة من عناصر مختلفة. والثاني بتمثله لهذه الحياة، وإغنائها برؤية إضافية تتناسب مع قدرته على التخيل، ولم يكن هاجس القص هذا ليولد عرضاً في نزعات الإنسان الأولى. فلقد كان سبيل الإنسان للتواصل مع الآخرين من جهة، ووسيلة من وسائل فهم ما يحيط به، وتفسيره واتخاذه مثلاً حين يصلح أن يكون مثلاً من جهة ثانية، والأكثر من هذا وذاك فهي رغبة البوح التي تلح على صاحبها فتجعله أسيراً لها أحياناً، منساقاً إليها على الرغم من وجود معوقات البوح، ولئن كان بوح صاحب العربة من نوع الشكوى، ومما يسعف الإنسان في عملية القص خيال جامح ينزع إلى إراحة صاحبه في كشف الحقيقة أو ما يعتقد أنه حقيقة، والحقيقة هنا كما يذهب "عبد الملك مرتاض" أدبية لا تاريخية، وإبداعية لا واقعية، وذلك على الرغم من أنّها تجسد عصراً أو مجتمعاً أو أناساً كأنهم أحياء يرزقون. وإن هاجس القص هذا لا يختص به شعب دون شعب، ولا أمة دون أخرى. وبالتالي فهو نزوع إنساني يتجاوز العرق واللون، ويجعلنا لا نتصور شعباً ما، في أي مكان ما، من دون أن يكون له إرث سردي يترجم فلسفته في الحياة، ورؤيته للكون».

بالتأكيد الإجابة عن هذه الأسئلة لن تكون قاطعة، ما دامت تدخل في إطار المحاكمة العقلية المبنية على الافتراض والتخمين، غير أن الإجابات التي تتوصل إليها المحاكمة العقلية ينبغي أن يكون فيها قدر كبير من الشفاء لمن أراد الوصول إلى إجابة شافية، إن هذه النصوص السردية التي نسمعها من الجدات، والتي نقلتها الجدات عن الجدات إنما هي كغيرها من المظاهر التراثية تشبه كرة الثلج تجمع في مسارها ما تجمع، حتى تغدو كتلة كبيرة، وهذا ما يجعلنا نعتقد أن الحكايات التي يتناقلها الناس الآن لم تصل إلينا بذلك النقاء البكر، فالراوي كما يذهب "عبد الملك مرتاض" لا يروي حديثاً حدث، ولا خبراً وقع، ولا تاريخاً كان، لكنه يروي أحداثاً تخيلها سواه على نحو ما، فيحيلها هو إلى ذلك النوع من النسيج السردي، مضيفاً إليها عناصر أخرى لتكون أروع وأجمل وأغنى وأكمل، وهذا الرأي يجعلنا نبني عليه رأياً آخر وهو أن هذه النصوص السردية، والحكايات الشعبية تحديداً، تتجاوز حرمة النص وحرفيته إلا فيما يتعلق بالحوار المنظوم أو المسجوع، أو العبارات السردية التي يقوم بناؤها على المقابلة أو الترداد داخل النص السردي؛ فإن الراوي يجد نفسه مضطراً للحفاظ عليها، وإذا زيد عليها شيء فإنما يزاد شيء من جنسه إن نظماً فنظم، أو سجعاً فسجع، أو مقابلة فمقابلة، وغير ذلك من أنواع البديع التي قد نجدها في الحكاية

وبالمقارنة بين النصوص السردية الشفهية وبين السرد المعاصر في القصة القصيرة، التي ينقلونها بدورهم إلى أحفادهم، ومن الذي ألّفها، وما الغرض الذي رمى إليه السارد بسرده، إذ بين الأديب الشاب "هيسم أبو سعيد" قائلاً: «بالتأكيد الإجابة عن هذه الأسئلة لن تكون قاطعة، ما دامت تدخل في إطار المحاكمة العقلية المبنية على الافتراض والتخمين، غير أن الإجابات التي تتوصل إليها المحاكمة العقلية ينبغي أن يكون فيها قدر كبير من الشفاء لمن أراد الوصول إلى إجابة شافية، إن هذه النصوص السردية التي نسمعها من الجدات، والتي نقلتها الجدات عن الجدات إنما هي كغيرها من المظاهر التراثية تشبه كرة الثلج تجمع في مسارها ما تجمع، حتى تغدو كتلة كبيرة، وهذا ما يجعلنا نعتقد أن الحكايات التي يتناقلها الناس الآن لم تصل إلينا بذلك النقاء البكر، فالراوي كما يذهب "عبد الملك مرتاض" لا يروي حديثاً حدث، ولا خبراً وقع، ولا تاريخاً كان، لكنه يروي أحداثاً تخيلها سواه على نحو ما، فيحيلها هو إلى ذلك النوع من النسيج السردي، مضيفاً إليها عناصر أخرى لتكون أروع وأجمل وأغنى وأكمل، وهذا الرأي يجعلنا نبني عليه رأياً آخر وهو أن هذه النصوص السردية، والحكايات الشعبية تحديداً، تتجاوز حرمة النص وحرفيته إلا فيما يتعلق بالحوار المنظوم أو المسجوع، أو العبارات السردية التي يقوم بناؤها على المقابلة أو الترداد داخل النص السردي؛ فإن الراوي يجد نفسه مضطراً للحفاظ عليها، وإذا زيد عليها شيء فإنما يزاد شيء من جنسه إن نظماً فنظم، أو سجعاً فسجع، أو مقابلة فمقابلة، وغير ذلك من أنواع البديع التي قد نجدها في الحكاية».

الأديبة ربيعة غانم
الأديب هيسم جادو أبو سعيد